إيرانيات يتظاهرن ضد نظام الملالى
إيرانيات يتظاهرن ضد نظام الملالى


مظاهرات العطش تجتاح غرب البلاد

ضحية «شرطة الأخلاق».. «شقيقة القمر» تشعل إيـران

آخر ساعة

الأحد، 02 أكتوبر 2022 - 01:18 م

كتب: خالد حمزة

مهسا أمينى.. فتاة من مدينة سقز فى محافظة سنندج الكردية شمال غرب إيران، خسرت حياتها بعد أن اعتقلتها دورية تابعة لشرطة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر أو «دورية الإرشاد» أو شرطة الأخلاق، كما يحلو لمؤيدى النظام تسميتها، من أمام محطة المترو، حيث اقتادها حراس القانون والشرع والأحكام الدينية إلى أحد مراكز الوعظ والإرشاد شمال طهران، التى جاءتها برفقة أهلها.

مهسا أو «شقيقة القمر» 22 عاما، لم يتحمل قلبها وأصيبت بأزمة قلبية، بحسب الرواية الرسمية، فسقطت  فاقدة للوعى، وبعد أن دخلت فى غيبوبة بعد يومين من توقيفها، لقيت حتفها بعد ثلاثة أيام فى المستشفى تاركة وراءها شوارع طهران وباقى المدن الإيرانية ومدن أوروبية وأمام مبنى الأمم المتحدة، ملتهبة من وقع الصدمة والظروف الاقتصادية الطاحنة، تعبيرا عن رفض نظام الملالى.

بالمقابل، دعا النظام الإيرانى إلى تجمعات مناصرة له فى أنحاء البلاد مثلما يجرى كلما تتصاعد التظاهرات الاحتجاجية، كما عطل الجامعات الكبرى فى البلاد، وطلب من إداراتها اعتماد التعليم عن بُعد، وكالعادة هدد الحرس الثورى بمواجهة الاحتجاجات بالتعاون مع الاستخبارات والقوى الأمنية، واعتبر ما يجرى فتنة تقودها الأنظمة المتغطرسة بمساعدة جنودهم فى الداخل، وطالب السلطة القضائية بمواجهة من وصفهم ببث الشائعات والكذب عبر الإنترنت، مندداً بما سماه حرباً إعلامية واسعة.

الحديث يتجدد حول خليفة المرشد خامنئى

وذكرت مواقع إخبارية إيرانية، إضافة لصحيفة «كيهان» الإيرانية المحافظة والمقربة من المرشد الإيرانى، أن وزارة الاستخبارات حذرت من أن المشاركة فى الاحتجاجات على وفاة أمينى، أمر مخالف للقانون وأن المتظاهرين سيمثلون للمحاكمة، وطلب الرئيس الإيرانى إبراهيم رئيسى فتح تحقيق، وقال خلال مؤتمر صحفى على هامش الاجتماعات السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة فى نيويورك: «اطمئنوا.. سيتم بالتأكيد فتح تحقيق»، موضحاً أن تقرير الطبيب الشرعى لم يشر إلى انتهاكات ارتكبتها الشرطة، لكن ليس على أحد استباق النتائج، واذا كان هناك طرف مذنب فلا بد من التحقيق فى الأمر بالتأكيد، ولم يرد رئيسى على سؤال حول القيود على الإنترنت داخل إيران، لكنه قال إنه يقبل الاحتجاجات السلمية، لكن يجب أن نفرق بين التظاهر والتخريب.

وأعلن رئيس مكتب الطب الشرعى فى طهران، أن التحقيقات حول سبب الوفاة ستستغرق ما يصل لثلاثة أسابيع حتى تكتمل، لكن ذلك لم يخف المتظاهرين الذين انتشروا فى أكثر من 80 مدينة فى أنحاء إيران، بينما تتواصل الدعوات عبر مواقع التواصل الاجتماعى داخل وخارج إيران لانضمام مدن جديدة للمظاهرات، وأظهرت مقاطع فيديو نُشرت على الإنترنت تجمع مئات المتظاهرين حول جامعة طهران وهم يرددون: «المرأة - الحياة - الحرية».

اقرأ أيضًا

طهران متورطة فى أكبر شبكات لتجارة المخدرات حول العالم

حجب الإنترنت ووسائل التواصل للتعتيم على «الداخل»

ودعا الرئيس الإيرانى السابق وزعيم التيار الإصلاحى، محمد خاتمى، السلطات إلى وقف الأعمال المخالفة للقانون والمنطق والشريعة، وإحالة مرتكبى الحادث إلى العدالة، وبحسب شبكة «سى إن إن» الأمريكية، نجح المحتجون فى حجب موقع مرشد الجمهورية على خامنئى على شبكة الإنترنت، بينما حجبت السلطات الإيرانية الوصول إلى «إنستجرام» و«واتساب»، التطبيقين الأكثر استخداماً فى إيران، منذ حجب شبكات أخرى مثل «يوتيوب» و«فيسبوك» و«تليجرام» و«تويتر» و«تيك توك» خلال السنوات الماضية، وإضافة إلى ذلك فإن استخدام الإنترنت يخضع لقيود مشددة ومراقبة من السلطات، كما ابتدعت السلطات وسائل تواصل اجتماعية بديلة عن وسائل التواصل التقليدية للحد من تصفح الإيرانيين لها، وانفتاحهم على العالم من خلالها، وهددت مجموعة قراصنة أنانيموس الشهيرة عالمياً بالوقوف بجانب المحتجين، بحجب أجهزة النظام عن الإنترنت، كما أعلن القراصنة أنهم حجبوا المئات من كاميرات المراقبة فى العاصمة طهران.

دولياً، ومن على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة، عبر الرئيس الأمريكى جو بايدن، عن تضامنه مع نساء إيران الشجاعات، وفرضت الولايات المتحدة عقوبات على شرطة الأخلاق فى إيران، واتهمتها بالإساءة إلى النساء، واستخدام العنف ضدهن بصورة غير آدمية ووحشية، وحملتها مسئولية وفاة مهسا، واتهمت وزارة الخزانة الأمريكية شرطة الأخلاق بانتهاك حقوق المتظاهرين السلميين، كما أعلن مسئول بالإدارة الأمريكية لشبكة بلومبرج الإخبارية، أن الولايات المتحدة ستفرض عقوبات إضافية إذا استمر قمع السلطات الإيرانية للمظاهرات، ولم ترد بعثة إيران لدى الأمم المتحدة على طلب للتعقيب على العقوبات، كما نددت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، بالهجوم الوحشى على النساء الشجاعات، اللواتى يتظاهرن ضد النظام الإيرانى بقوة وبلا خوف، كما خرجت مناشدات ومطالبات من دول أوروبية ومن الأمم المتحدة ومنظمة العفو الدولية للتوقف عن تلك الانتهاكات ضد المرأة الإيرانية.

الاحتجاجات الأخيرة، التى لاقت ردودا واسعة فى الداخل الإيرانى وخارجه، جاءت متزامنة هذه المرة مع احتجاجات ومظاهرات حاشدة، احتجاجاً على نقص مياه الشرب، وعجز المسئولين عن إيجاد حل للمشكلة، وبعد أن شهدت الأشهر الماضية احتجاج الآلاف على جفاف مجارى المياه، خصوصاً وسط إيران وجنوب غربها، وشارك فيها لأول مرة آلاف النساء، ففى منتصف يوليو الماضى، أوقفت السلطات فى شمال غرب البلاد متظاهرين ينددون بجفاف بحيرة أورمية، وهى واحدة من أكبر البحيرات المالحة فى العالم، وتعانى إيران منذ سنوات من فيضانات بسبب السيول الجارفة التى تجتاح البلاد بسبب التغيرات المناخية.

تأتى الاحتجاجات أيضاً متزامنة مع التحدى الذى يواجهه النظام الإيرانى هذه الأيام مع الحديث شبه الرسمى عن تراجع صحة المرشد الأعلى، والمخاوف من الفراغ الذى سيتركه رحيله عن المنصب الحساس، والمتحكم فى كل مفاصل الدولة داخلياً وخارجياً، والحديث عن خليفة المرشد قد لا يكون جديداً، كما تقول صحيفة الجارديان البريطانية، فالمرشد نفسه سبق أن أشار قبل عامين على مجلس خبراء القيادة، الذى يتولى مهمة اختيار وانتخاب المرشد وولى الفقيه، أن يبدأ مشاوراته لوضع محددات العملية الانتقالية، وإعداد لائحة بالأسماء المؤهلة لتولى هذا المنصب من بعده، كما أن الاجتماع الأخير لهذا المجلس أنهى أعماله بالكشف عن أنه قد انتهى من الأمر، وباتت لديه صورة واضحة عن الشخصيات التى تتوافر فيها شروط المنافسة على موقع القيادة.

الأمر يعنى من ناحية أخرى أن صراعاً من نوع آخر داخل البيت الواحد قد يلوح فى أفق المشهد الإيرانى مع انتقال معركة خلافة المرشد إلى مستويات متقدمة، وهو صراع قد يكون مفتوحاً على جميع الاحتمالات، خاصة فى السعى لاستبعاد ومحاصرة مصادر الخطر، التى قد تعترض مسار الاستحواذ على السلطة، إضافة للصراع التقليدى داخل السلطة العليا الإيرانية التقليدية بين التيارين المتشدد والإصلاحى، ومن خلف كل ذلك بالتأكيد الحسابات الإقليمية لإيران ممثلة فى تدخلاتها فى العراق ولبنان وسوريا واليمن، والدولية ممثلة فى مواجهتها للعقوبات والحصار الدولى سياسياً واقتصادياً، والتوصل إن عاجلاً أو آجلا لاتفاق نووى مريح مع أمريكا والغرب كهدف استراتيجى، يقيمها من عثراتها الاقتصادية بالمقام الأول.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة