المجنى عليه والقاتل
المجنى عليه والقاتل


الميراث الملعون.. أنهى حياة شقيقه بطعنة في قلبه طمعًا في أرض تركها الأب

أخبار الحوادث

الجمعة، 07 أكتوبر 2022 - 10:02 م

كتبت: إيمان البلطي

كأننا نعود إلى بداية الخلق، حينما اختلف هابيل مع أخيه قابيل، فقام قابيل بقتله، ومن يومها والوضع يتكرر، والمأساة تزداد، ووقائع القتل من كثرتها أصبح من الصعب إحصاء اسبابها، ورصدها رصدًا دقيقًا، آخر تلك الوقائع ما شهدته إحدى قرى مركز تلا بمحافظة المنوفية، حينما أقدم «رضا عبدالقادر نصار» على قتل أخيه «مدحت»، بسبب خلاف على الميراث، أو بالأحرى، على حفنة من الجنيهات، تفاصيل تلك الواقعة البشعة وكواليسها ترويها السطور التالية.

أعماه الشيطان، وسولت له نفسه قتل شقيقه الأكبر «مدحت»، طعنه بسكين أودت بحياته، وأصاب زوجة أخيه وكاد أن يرديها قتيلة بجوار زوجها هي الأخرى، وبعد أن انتهى من جريمته البشعة، جلس بجوار جثمان شقيقه يبكي، بعد ما أدرك فداحة ما ارتكبت يداه.

منزل العائلة
يقطن ثلاثة أشقاء فى منزل واحد، وكان الود يسود بينهم، قلوبهم على قلوب بعض، وأحلامهم متعلقة ببعض، ولا يكاد يمرض أحدهم إلا والاثنان الآخران يسهران على رعايته، كانوا الثلاثة مثالا حيا للمحبة، وللطيبة، وقبل كل هذا، مثال على كيف يكون الأشقاء.

تزوج الثلاثة، وأصبح كل واحدٍ منهم مستقل بذاته، لكنهم أيضًا يعيشون في منزل واحد هو منزل العيلة، لكن بدأ الوضع ينقلب تدريجيًا، من ثلاثة أشقاء لا يفترقون، لثلاثة أشقاء قلما يرى أحدهم الآخر.

بين عشية وضحاها تبدلت الأحوال، ولعبت النساء دورًا فيما آلت إليه حياة الأشقاء الثلاثة، وبدأ الفراق يعرف طريقه بينهم، لدرجة أنهم عند أول منعطف خطر وقفوا لبعضهم على الكلمة، وهم الذين لم يفرقهم أي شيء من قبل.

قطعة أرض محاطة بالمنزل، مساحتها ليست كبيرة، لكنها بالنسبة إلى موقعها مهمة، أرادها «رضا» لنفسه، دون إخوته، وكانت المحرضة وراء ذلك، زوجته، التي كثيرا ما ألحت عليه أن يأخذها من إخوته عنوة، بالرغم من أن وصية والدهم قبل أن يفارق الدنيا أن توزع هذه القطعة على الأبناء الثلاثة بالتساوي، وبالرغم من أن شقيقه الأكبر «مدحت» أراد من هذه القطعة أن يقيم مشروعًا يشترك فيه الأشقاء الثلاثة ويدر عليهم دخلًا ثابتًا.

لكن «رضا» لم يعجبه كلام أخيه، ولم يلتزم بوصية والده، وفي إحدى المرات التي اجتمعوا فيها لمناقشة هذا الأمر هدد شقيقه الأكبر إن هو لم يتنازل ومعه الأخ الثالث عن القطعة وكتابتها باسمه، فإن الأمر سينتهي بالدم، وأنه سيأخذها حتى ولو في سبيل ذلك قتل إخوته. وتلك كانت أول مرة تُذكر فيها كلمة القتل بين الأشقاء الثلاثة.

لم يأخذ «مدحت» ولا أخيه الآخر كلام شقيقه على محمل الجد، وأراد بل وصمم على تنفيذ وصية أبيه وأمه رحمة الله عليهما، فقد أوصاهم بعدم التفرقة، وأن يكونوا عصبة، ولكن زوجة رضا أنسته كل شيء، وتمادت في أن تحقن زوجها حقن الغضب والكراهية، وكل يوم عن يوم يزداد «رضا» غضبًا، حتى أصبح قنبلة موقوتة، وحان موعد تفجيرها.

اقرأ أيضًا

أهالى المنوفية يجمعون 150 ألف جنيه لمساعدة طفل على إجراء عملية قلب مفتوح

طعنات
يخطئ من يظن أن الخلاف على قطعة الأرض كان وحده السبب، لكن حتى نوضح حقيقة الأمر، فإن «مدحت» قبل أكثر من عام كان على خلاف مع زوجته، وهذا الخلاف استمر حتى وصل إلى قاعات المحاكم، وقتها عرض عليه «رضا» أن يكتب شقته باسمه حتى لا تأخذها زوجته إن هي انتصرت في القضية، ولأن الإخوة وقتها كانوا على قلب رجل واحد، وافق «مدحت» وكتب شقته باسم شقيقه «رضا»..لكن بعدها هدأت الدنيا بين «مدحت» وزوجته»، وبتدخل العقلاء انتهى الأمر إلى الصلح بينهما، وعادت الزوجة مرة أخرى إلى زوجها.

بعد أن استتب الأمر، طلب «مدحت» من شقيقه أن يرجع البيع إليه، وأن يكتبها باسمه، لكن وقتها «رضا» كان يريد قطعة الأرض التي سبق الكلام عنها، وعليه أراد هذا بهذا، بمعنى أن يرجع له شقته وفي المقابل يتنازل شقيقه «مدحت» وشقيقه الآخر عن قطعة الأرض، مساومة رخيصة انتهت بجريمة قتل.
بعد رفض «مدحت» ما يطلبه «رضا»، بدأت زوجة الأخير تبث سمومها نحوه، وبالفعل تمكنت من هذا، حتى جاء يوم الغبرة، أو بالأحرى، يوم الدم.

استعانت زوجة «رضا» بشقيقتها، دعتها أن تأتى إليها، وأخذ الاثنان ينشران سمومهما في البيت، وقتها كانت المشاجرة بين «مدحت» و«رضا» على أوجها، وخلافهما على قطعة الأرض وعقد الشقة ما زال جاريًا، بل ووصل الامر بينهما إلى أن تعديا على بعضهم البعض، وقتها أسرعت الزوجة وشقيقتها وحرضت «رضا» على قتل أخيه، ولأنه كان معمي بنار الغضب، أسرع نحو مطبخ شقته واستل سكينًا من المطبخ،  وتوجه ناحية شقة أخيه وطعنه طعنة نافذة بالصدر، ولما دافعت زوجة «مدحت» عن زوجها، تلقت هي الأخرى طعنة بالرأس.

بحور الدم
بمجرد ما أن وقعت الجريمة، اجتمع الأهالي والجيران على صوت صراخ النساء، ودخلوا الشقة فوجدوا «مدحت» على الأرض غارقًا في دمائه، وبجواره زوجته تنازع الموت، وبجوارهما «رضا» واقفًا في حالة ذهول وشرود، وكأنه أدرك لحظتها ما ارتكبت يداه، وفداحة الجرم الذي ارتكبه، وعليه نقلوا «مدحت» وزوجته إلى مستشفى تلا، لكن «مدحت» كان قد وافته المنية، وزوجته أدخلوها غرفة الإنعاش، بعدما تدهورت حالتها.

لا أحدثك عن شقيقهما الثالث، الذي استيقظ فزعا على جريمة قتل، القاتل فيها والمقتول شقيقيه، وأصبح الجزار والذبيحة في آن واحد، ذلك الشقيق الثالث الذي حلم أن يكون شقيقاه الاثنان عن يمينه وشماله، آل به الأمر إلى أن وصل بأحدهما أن يقتل الآخر، واحد ذهب الى القبر والثاني خلف القضبان، على الفور انتقلت مباحث مركز تلا إلى مكان الجريمة، وتم إلقاء القبض على رضا. ع. ن، والبالغ من العمر ٣٧ عاما، وايضا على شقيقة زوجته التي كانت متواجدة في ساحة الجريمة، وقد لاذت زوجة «رضا» بالفرار.
وتولت النيابة العامة التحقيق فى الواقعة، واستجواب شهود العيان، والجانى الذى أقر بجريمته، بعدها أصدرت نيابة تلا الجزئية قرارًا بحبس المتهم 4 أيام، والتجديد له في الميعاد.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة