ليز تراس
ليز تراس


الحكومة البريطانية تتراجع عن خطة الضرائب بسبب انهيار الإسترليني

الأخبار

الأحد، 09 أكتوبر 2022 - 08:00 م

بقلم : سميحة شتا

تكافح رئيسة الوزراء البريطانية ليز تراس فى مواجهة ضغوط داخل حزب المحافظين الحاكم الذى بات أقرب للتمرد عليها، لتثبيت سلطتها، ففى اختتام مؤتمر حزب المحافظين فى بيرمينغهام، سعت رئيسة الوزراء البريطانية ليز تراس إلى طمأنة أعضاء حزبها بتبنى خطاب يجنح نحو الليبراليةـ غير أن ذلك لم يكف لرفع نسبة شعبيتها ولم يكف لرأب الانقسام الحاد داخل المحافظين الذى قوّضته الخلافات الداخلية حول السياسة التى يجب اتباعها لإخراج المملكة المتحدة من الأزمة التى تواجهها.


ففى أول مواجهة لها منذ توليها المنصب أجبرت تراس على التراجع عن خطط خفض الضرائب على الأثرياء، فى محاولة لاحتواء تمرد أعضاء حزب المحافظين، الذى تنتمى إليه، فى مجلس العموم البريطانى.


فبعد أسبوعين تقريبًا من إعلان وزير الخزانة البريطانى كواسى كوارتينج عن خطة مثيرة للجدل لخفض الضرائب على الأثرياء، والتى جاءت بدعم من رئيسة الوزراء، ألغت تراس، تلك الخطة التى كانت تتعلق بفئة الدخل الأعلى فى بريطانيا، والتى تدفع ضرائب تصل إلى 45٪ من الدخل.


جاء ذلك بعد الضجة التى عاشها حزب المحافظين جراء التدهور التاريخى للجنيه الإسترلينى أمام الدولار بنسبة غير مسبوقة، وقد قطعت تراس وعدًا بإخراج المملكة المتحدة من «العاصفة»، خلال آخر يوم من مؤتمر حزب المحافظين الذى عرف انقسامات داخلية وانتقادات لسياستها، حيث قوبلت الخطة بانتقادات واسعة من معارضين فى الحزب المحافظ وبعدم رضا عميق عكسته استطلاعات الرأى، بينما زعزعت استقرار أسواق المال نظراً إلى اعتمادها على مليارات الجنيهات الإسترلينية كديون حكومية إضافية.


وكانت تراس التى تم انتخابها على رأس الحزب والحكومة من قبل المنخرطين فى الحزب قد أعلنت عن مشروعها الليبرالى الجديد الذى يعتمد أساساً على خفض الضرائب من أجل تنمية الاقتصاد. لكنها لم تتوقع أن يؤدى القرار إلى تدهور الجنيه الإسترلينى وتهديد الموازنات العامة.

وذلك ما جعل البنك المركزى الإنجليزى - الذى لا يتدخل فى السياسات الحكومية - يطلق صيحة فزع أمام تدهور مؤشرات السوق المالية ويتدخل مباشرة لحماية الجنيه. ثم أعلن صندوق النقد الدولى مباشرة - -نادراً ما يتدخل فى الدول المصنعة - عن خوفه من دخول بريطانيا فى حالة ركود ودعا لمراجعة السياسة المعلنة.


واجهت الاستراتيجية الاقتصادية للحكومة البريطانية انتقادات من جميع ألوان الطيف السياسى فى بريطانيا، فضلاً عن الاقتصاديين والمعلقين والمحللين والمستثمرين الذين حذروا وزير الخزانة من أن سياسته الاقتصادية ستؤدى إلى فقدان الأسواق والمستثمرين الدوليين الثقة فى بريطانيا.


ولم يقتصر الأمر على المعارضة، بل إن نواب الحزب الحاكم الذين تعتمد تراس على غالبيتهم فى البرلمان لتمرير سياساتها هددوا بالتمرد والتصويت ضد الحكومة إذا واصلت العملة البريطانية الانهيار، وارتفعت معدلات التضخم أكثر بسبب خفض الضرائب وحزم الدعم لأسعار الطاقة.. ونقلت صحيفة «الديلى تلجراف» عن عدد من نواب حزب المحافظين الحاكم أنهم قد يطرحون الثقة فى الحكومة، وليس فقط معارضة قراراتها فى البرلمان.


وفيما يتعلق بما يخشى بعض المشرعين المحافظين من أنه سيُلحق الضرر بفرصهم فى الانتخابات التى ستُجرى عام 2024 لم تنكر تراس أن الخطة ستتطلب استقطاعات فى الإنفاق على الخدمات العامة، كما رفضت التعهد بزيادة مخصصات الرعاية الاجتماعية توافقًا مع التضخم، فى حين أيدت خفضًا ضريبيًا للأكثر ثراءً.


كانت تراس شددت، فى أول خطاب لها كرئيسة للوزراء، على أن حكومتها ستواجه تداعيات الأزمات العالمية على بلادها. وأن لديها خطة قوية لدعم الاقتصاد. وكان من المتوقع أن يكون المؤتمر مناسبة للاحتفال بتعيينها رئيسة للوزراء، لكنه تحول إلى كابوس شخصى، ومعركة من أجل المستقبل السياسى للبلاد.

وقال جون كيرتس، أشهر منظم استطلاعات الرأى فى بريطانيا، قبل الخطاب أن حزب العمال المعارض يتقدم الآن 25 نقطة مئوية فى المتوسط، مضيفًا أنه يتعين على المحافظين قبول أنهم «يواجهون مشكلة انتخابية عميقة».


وقد حذر بعض حزب المحافظين من أن رئيسة الوزراء - بعد أقل من شهر من تولى منصبها - تقاتل الآن من أجل بقائها وسط تراجع معدلات الاستطلاع.


وكان وزير النقل البريطانى السابق جرانت شابس قد حذر تراس، قائلًا: «لديها نحو 10 أيام لتغيير الأمور، وأعضاء البرلمان قد يحاولون عزلها إذا استمرت استطلاعات الرأى فى إظهار أن حزب العمال فى طريقه لتحقيق أغلبية ساحقة»، فيما أعربت وزيرة الداخلية سويلا برافرمان عن شعورها بخيبة أمل من محاولات نواب حزب المحافظين الإطاحة بحكومة تراس، واتهمت منتقدى الحكومة بالسعى إلى «انقلاب» على تراس.


وتراجعت شعبية تراس بشكل كارثى قبل سنتين من الانتخابات العامة المقبلة. فقد أظهر استطلاع للرأى لمعهد «يوجوف»، أن المعارضة العمالية تتقدم بفارق ٣٣ نقطة فيما أظهر استطلاع آخر أن بريطانىًا من اثنين (51%) يرغب فى استقالتها.


وتظاهر مئات الأشخاص فى برمنجهام، احتجاجاً على سياسة الحكومة، وهاجمت لافتات كتب عليها «المحافظون ليسوا موضع ترحيب هنا»، فيما هتف آخرون «افرضوا ضرائب على الأغنياء وليس على الفقراء».


ومع ذلك، فإن المحافظين معروفون بتخليهم بلا رحمة عن القادة الذين لم يعودوا يبدون كفائزين بالأصوات، حيث تمت الإطاحة بجونسون فى منتصف فترة ولايته فى المنصب، بعد عدد من الفضائح، على الرغم من أنه قاد حزبه لأغلبية هائلة عام 2019، فإذا اعتقد المحافظون أن تروس ستجرهم إلى الأسفل، فقد تجد نفسها مطاردة تمامًا مثل جونسون.
 

إقرأ ايضا | رئيسة وزراء اسكتلندا: رئاسة ليز تراس للحكومة البريطانية كانت كارثية على الاقتصاد

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة