تجنيد الأطفال لقلة الموارد
تجنيد الأطفال لقلة الموارد


إرهاب المناخ.. أخطر من التطرف والحروب ونقص الغذاء

آخر ساعة

الإثنين، 10 أكتوبر 2022 - 03:50 م

كتب: خالد حمزة

منذ عام تقريباً، تفجر خلاف بين الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون ونظيره البرازيلى جاير بولسونارو، فقد كان بولسونارو يسمح بإشعال الحرائق، وإزالة مساحات واسعة من غابات الأمازون فى بلاده رئة العالم والتى تساعد فى التخلص من غازات ثانى أوكسيد الكربون وإنتاج الأوكسجين، واتهمه ماكرون بالتحريض على إبادة بيئية على وزن الإبادة الجماعية.

وربما كانت هذه المرة الأولى التى يشار فيها علنا إلى جريمة الإضرار بالتوازن البيئى والتغيرات المناخية، التى تفاقمت بسرعة رهيبة منذ ذلك الوقت، لتشهد أوروبا موجة حر لم تشهدها منذ مئات السنين، وتجتاح العالم موجات من الزلازل والبراكين والفيضانات والتسونامى، تاركة وراءها تساؤلات أقلها حول ماذا حدث للعالم، وأعقدها ما يثار حول تلك التغيرات وصلتها الوثيقة بموجات الهجرة حول العالم، ومناطق الصراعات خاصة فى أفريقيا، والأخطر ازدهار الجماعات المتطرفة التى أكلت وشربت، وجندت الآلاف بسبب تلك التغيرات المناخية، التى أطلقت عليها الأمم المتحدة وجهات دولية أخرى مصطلح «إرهاب المناخ».

وبعيدا عن نظريات المؤامرة، التى تخشى أو تروج للجوء بعض القوى العظمى أو المارقة فى العالم إلى استغلال التغيرات المناخية أو الظواهر الطبيعية مثل الزلازل والبراكين والبرق والرعد وغيرها فى تهديد دولة ما أو إحداث قلاقل لأهداف لصالحها، دون إطلاق رصاصة واحدة أو الدخول فى حرب تقليدية أو الانجرار للخيار النووى، جاء التحذير هذه المرة، من الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، من أن التغير المناخى يمكن أن يشكل أحد العوامل التى تفاقم احتمالات وقوع الأعمال الإرهابية، وأن التدهور البيئى الذى يشهده العالم، يعرض أى منطقة غير مستقرة أو تشهد نزاعات لمخاطر وتهديدات أمنية كبيرة، وأن البلدان الأكثر عرضة للتأثر بأزمة المناخ هى نفسها التى تعانى من غياب الأمن والفقر وآفة الإرهاب.

الدواعش وبوكو حرام استغلوا التغيرات المناخية لتجنيد أنصارهم

ورسم جوتيريش صورة قاتمة للوضع، مشيراً إلى أنه عندما يؤدى تأثير التغير المناخى إلى فقدان سبل العيش، ويخلف حالة من اليأس بين أفراد المجتمع، تصبح وعود توفير الحماية والدخل وتحقيق العدالة - التى يستغلها الإرهابيون أحياناً لتنفيذ مخططاتهم الحقيقية - أكثر جاذبية، وأكد مستشهداً بعدد من المناطق الأفريقية، ضرورة توفير التمويل اللازم لبعثات السلام فى جميع أنحاء القارة لمكافحة الجماعات الإرهابية ونفوذها المتزايد، وأن جماعة بوكو حرام فى إقليم بحيرة تشاد، تمكنت من استقطاب عناصر إرهابية جديدة للجماعة من المجتمعات المحلية، التى يشعر أفرادها بخيبة أمل جراء انعدام الفرص الاقتصادية، وفرص الحصول على الموارد الأساسية، ولفت إلى أن جماعة داعش المتطرفة فى العراق وسوريا، استغلت النقص الشديد فى المياه، وسيطرت على البنية التحتية للموارد المائية لفرض إرادتها على المجتمعات المحلية.

وقال: «غمرت الفيضانات ثلث مساحة باكستان، وشهدت أوروبا صيفاً كان الأشد حرارة منذ 500 عام، وتأثرت الفلبين بشدة، والطاقة مقطوعة عن كوبا بأكملها، وفى الولايات المتحدة أوصل الإعصار إيان رسالة تذكير قاسية، مفادها أن أى دولة أو اقتصاد لن يكونا محصنين بمواجهة أزمة المناخ».

الأمم المتحدة: التغير المناخى أحد احتمالات وقوع الأعمال الإرهابية

وحسب برنامج البيئة التابع للأمم المتحدة، فتغير المناخ من التهديدات الكبرى للسلام والأمن الدوليين، فبسبب آثار تغير المناخ يحتدم التنافس على الموارد مثل الأراضى والغذاء والمياه، الأمر الذى يزيد التوترات الاجتماعية والاقتصادية، ويؤدى بصورة متزايدة إلى النزوح الجماعى، والمناخ عامل مضاعِف للمخاطر فالجفاف فى أفريقيا وأمريكا اللاتينية يعنى اضطرابات سياسية وعنفاً. 

ويقدر البنك الدولى أن أكثر من ١٤٠ مليون شخص فى أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وأمريكا اللاتينية وجنوب آسيا سيكونون مجبرين على الهجرة داخل مناطقهم خلال عام.

وعندما يكون هناك فقر وانعدام للأمن الغذائى والمائى، وتكون الدولة غير مستقرة وحكومتها غير قادرة على إيجاد حلول؛ تحدث مظاهرات وأعمال شغب وربما حروب، وتكثر الهجرة ويزداد الفقر، وعندما ضربت الفيضانات ثلثى باكستان، فقد كثيرون بيوتهم وأعمالهم، وقرروا الهجرة والانتقال إلى مناطق أخرى.

اقرأ أيضًا

«محيي الدين»: 930 مليون شخص ينفقون 10% من موازناتهم على الرعاية الصحية

المنظمات الإرهابية بدورها تنتعش فى الدول التى تكثر فيها الاضطرابات والصراعات على المياه والأزمات المناخية، وتستغل التنظيمات الإرهابية الفقر لتجنيد الأعضاء الجدد، فعلى سبيل المثال داعش يَعِدُ الشباب الأوروبى الساخط بحياة جديدة وفرص جديدة، فى حين تقدم جماعة بوكو حرام رواتب ضخمة فى منطقة الساحل، ويؤدى الفقر والتهميش إلى توفير عوامل تؤدى إلى مخاطر الإرهاب، وهو ما يظهر فى تحول أفريقيا جنوب الصحراء للبؤرة الجديدة للإرهاب فى العالم.

واستغلت الجماعات الإرهابية فى وسط مالى التوتر المتزايد بين الرعاة والمزارعين، وجندت أعضاء جدداً من المجتمعات المحلية الرعوية «ممن يشعرون فى كثير من الأحيان بالإقصاء»، كما أن إنتاج الفحم فى الصومال أصبح مصدراً لدخل الجماعة المتطرفة الشباب.

تغير المناخ يُهدد الأمن والسلام، فعندما تقل حصة الماء والطعام يحصل نزاع بين الأفراد والدول، ويقود عدم توافر الطعام لدى الأسرة إلى انضمام أفرادها للجماعات الإرهابية، وبخاصة تلك المجتمعات المعتمدة على الزراعــــة وتربـيــــة المواشـــى وصــــيـد الأسماك، وبعضها يشهد انخفاضًا بمنسوب مياه الأنهار وشحها، وهذه الأمور أدت إلى تفجر الصراع والقتال بين السكان للحصول على المأوى ومراعى الماشية وعلى الطعام والماء، كما يحدث فى إقليم تيجراى بإثيوبيا وعلى طول الحدود السودانية الإثيوبية، وحيث تعتبر حالة الجوع والاضطراب الأمنى بيئة خصبة للجماعات الإرهابية، كما أن نشأة التنظيمات الإرهابية ترجع إلى التحولات البيئية وتغير المناخ، وافتقاد الناس الطعام والمأوى والاحتياجات الأساسية، وهجرة السكان لمناطق أخرى عقب موجات الجفاف والتصحر والصــراعات الأهلــية، وقيام التنظيمات بتجنيد أكبر عدد منهم.

وتتضاعف تهديدات الأمن كلما تغير المناخ واتسعت مساحة الإرهاب، فتغير المناخ يؤدى لزيادة اللاجئين، كارتفاع منسوب مياه البحر والفيضانات والأعاصير والنزاعات المسلحة التى تعرض حياة الناس للموت، وتبخر الموارد المائية ببعض الأنهار يؤدى لانخفاض المحاصيل الزراعية.

وأرجعت دراسة صادرة عن معهد السلام الأمريكى، أسباب نشأة تنظيم بوكوحرام فى نيجيريا إلى التحولات البيئية وتغير المناخ، حيث ارتبط تأسيس التنظيم بانتشار ضحايا الأزمات البيئية فى نيجيريا وافتقادهم للطعام والمأوى والاحتياجات المعيشية الأساسية، وفى مرحلة تالية استفاد تنظيم بوكو حرام من هجرة 200 ألف مزارع تشادى إلى نيجيريا عقب موجات الجفاف والتصحر فى تشاد، حيث قام بتجنيد عدد كبير من النازحين التشاديين ضمن مقاتليه، أما أوروبا فليست بعيدة عن ذلك، فقد أفادت دراسة لبنك الاستثمار الأوروبى، أن نصف الأوروبيين تقريبا يخشون تغير المناخ أكثر من خسارة وظيفة أو التعرض لهجوم إرهابى.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة