الثلاثاء، 11 أكتوبر 2022 - 06:58 م

إنها ست سنوات فقط لا تزيد عاشها الفنان الخالد سيد درويش في القاهرة، ست سنوات فقط لكنها كل مجده الفني وتاريخه العريض فاضت خلالها عبقريته فغير وجه الموسيقى العربية وانتزع فنه من بيئته ونقل الأغنية إلى الشعب كله يغني معه.

والغريب أنها آخر ست سنوات في حياته، مشى الشاب الغريب في شارع عماد الدين تشده الأضواء على الجانبين وهو في الطريق إلى المسرح للقاء جورج أبيض.

 كان ذلك أول يوم له بالقاهرة وقدمه جورج أبيض لأعضاء فرقته الجديدة ثم جلسا يتفقان قال له جورج أبيض: "إننا نقدر فنك يا شيخ سيد وهذه أوبريت "فيروز شاه" لتلحنها ولقد كان مفروضا أن يلحنها الشيخ سلامة حجازي نفسه لكنه مرض أصيب بالشلل ولقد كان هو الذي اقترح علي اسمك قال لي اذهب إلى سيد درويش في الإسكندرية ولقد فعلت وسنعطيك مرتبا شهريا قدره ثمانية عشر جنيها ووافق سيد درويش وبدأ عمله على الفور.

وضع الفنان سيد درويش لنفسه دستورا في التلحين المسرحي أنه يبدأ بقراءة الكلمات ليفهم معانيها تماما ثم يعيش في البيئة التي يريد تصويرها ويعيش مع أبطالها ثم يتدرب على إلقاء كلمات اللحن والتمثيل كأنه على خشبة المسرح.

وبعد ذلك يكسو الكلمات والمعاني بالموسيقى الهادفة المعبرة في بساطة السهلة الصعبة وأصبحت " فيروز شاه" عملا حيا جديدا على المسرح، بحسب ما نشرته مجلة آخر ساعة عام 1965.

ووقف جورج أبيض  ورئيس فرقته يشهدان البروفة النهائية قبل عرضها للجمهور ومعهما عدد من نجوم الفن اللامعين ولكن الجمهور القاهري الذي لم يسمع عن الفنان السكندري الشاب كثيرا لم يستطع بعد أن يهضم شيئا جديدا على أسماعه وسقطت المسرحية ليواجه سيد درويش الفشل في بدايته داخل العاصمة الغريبة.

وكان نجيب الريحاني قد اتصل به ليلحن لفرقته مقطوعات استعراضية كبداية وسجلت الاستعراضات نجحا مذهلا شد الجمهور للمسرح وذاعت الألحان وراحت شركات الاسطوانات تتعاقد معه والفرق المسرحية تشتري ألحانه والنجم الجديد بدأ يتألق ويعتز بقيمته فيطلب أعلى الأجور وطالب أفراد فرقة "أولاد عكاشة" بألف جنيه ثمنا لتحلين شمشون ودليلة.

 مبلغ خيالي لم يخطر في بال عمالقة الموسيقى قبله أن يطلبوه ويتعاقد الريحاني معه ويلتقي سيد درويش ببديع خيري ليصنعا معا أمجادا فنية.

                                                                                                              المصدر: مركز معلومات أخبار اليوم