كرم جبر
كرم جبر


كرم جبر يكتب: ثمن الشعبية !

كرم جبر

الإثنين، 24 أكتوبر 2022 - 05:15 م

هذا ما قاله الرئيس جمال عبد الناصر بالحرف فى خطاب عيد العمال مايو 1966 فى المحلة الكبرى:
«مفيش ..هنجيب منين، إنت عايز بيت هجيب لك منين البيت إللى يتكلف ألف أو ألفين جنيه.. ياريت أقدر أدوس على زرار أطلع لكل واحد فيكم شقة وتليفزيون.. مفيش.. مفيش زراير».
أضاف «ربنا قادر على كل شيء، قال اجتهدوا، وبالاجتهاد والعمل نحقق.. ربنا كان قادر يدى كل واحد كل متع الدنيا، ولكن حكمة الحياة أن نكافح ونعمل عشان نحقق أملنا».
ولم تمنع الشعبية الكبيرة للرئيس عبد الناصر من أن يصارح الناس بالحقيقة التى تشبه الصدمة.

وهكذا فعل الرئيس عبد الفتاح السيسي، فى خطابه أمام المؤتمر الاقتصادي «الأحد 23 أكتوبر»، دون خوف على شعبيته الجارفة التى تحققت فى ثورة 30 يونيو.
المعنى الذى تحدث عنه الرئيس السيسى بوضوح هو: ليس مهماً ان يكتسب الرئيس شعبية على حساب مصالح الدولة والشعب، وليس مهماً أن يفقد الرئيس جزءاً من شعبيته ثمنا لقراراته إذا كانت قراراته لصالح الدولة والناس.
والقراءة للقرارات الرئاسية تشير إلى التوازن الشديد بين الحفاظ على المصالح الأساسية للدولة وتحقيق مطالب الناس، دون اتخاذ قرارات عنيفة تؤدى إلى نتائج عكسية تعطل الخطط الإصلاحية.

وهذا الدرس مستفاد من أحداث 1977، عندما اتخذ الرئيس السادات قرارا برفع أسعار بعض السلع قروشا ،فحدثت المظاهرات التى أدت إلى إلغاء القرارات وتعطيل إصدار أى اجراءات إصلاحية مماثلة.

وظل التردد ثغرة كبيرة تستنزف موارد البلاد، كنموذج الدعم الذى تسرب الى الفئات القادرة ،وليس لصالح الفئات المستهدفة.
لم يصدق الرئيس السادات أن شعبيته العظيمة كزعيم للحرب والسلام، تآكل بعضها بسبب رفع الأسعار، ووجد تفسيراً مريحاً فى وصف ما حدث بأنه « انتفاضة حرامية» وليس «انتفاضة شعبية».

وظل هاجس الشعبية يطارد الرئيس مبارك طوال فترة حكمه، والتهمت القرارات الإصلاحية المعطلة، ما تم إنجازه من مشروعات، ولكن لم يشعر الناس بالأزمة بسبب إسقاط قرابة 40 مليار دولار من الديون المستحقة الخارجية على مصر، بعد حرب الخليج.

وظلت كرة الشعبية تتدحرج حتى 25 يناير، التى كادت أن تضيع الدولة ،ولكن شاءت عناية المولى عز وجل أن يكتب لمصر وشعبها الإنقاذ.
واحتشدت كل سلبيات الشعبية فى فترات الحكم السابقة  فى وجه النظام الحالي، وإما أن يتحملها مهما كان الثمن أو أن تنهار مرافق الدولة بالكامل، والعودة إلى نقطة الصفر دون أن يكون هناك نقطة ولا صفر.
وراهن الرئيس بشجاعته على شعبيته، وتحمل الناس بصبر واقتناع، لسبب واحد هو أنهم يشاهدون بأعينهم: مصر تتقدم للأمام .

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة