علاء عبدالهادى
علاء عبدالهادى


يوميات الاخبار

نجيب محفوظ فى المؤتمر الاقتصادى؟!

علاء عبدالهادي

الأحد، 30 أكتوبر 2022 - 07:12 م

.. وهو الأمر الذى رصده أديب نوبل الراحل نجيب محفوظ وكتب مقالاً فى الأهرام فى 4 مارس عام 1982 تحت عنوان: من الجانى؟

أشياء كثيرة ميزت الرئيس عبد الفتاح السيسى منذ كلفه الشعب لأول مرة بقيادة المركب فى هذا البلد فى ظروف شديدة الحساسية، أهمها الصدق الشديد مع النفس ومع الشعب، منذ أن جاء وهو يردد، بلا كلل ولا ملل، أنه لا يملك عصا سحرية، وأن النجاح مرهون بإرادة الشعب، ومدى تحمله، لإجراءات اقتصادية صعبة، وإصلاح أخطاء تراكمت واستفحلت عبر السنين، وخرجنا من الأحداث التى استمرت من يناير 2011 إلى 30 يونيو شبه دولة «بلا مقومات اقتصادية، وبلا بنية أساسية، فراح بجسارة يحسد عليها يطرق كل الاتجاهات،

لا يرضى بأنصاف الحلول، ولا يخشى مرارة الدواء، ولم يلتفت يومًا إلى تحذيرات مستشاريه من خطورة الإجراءات العلاجية الجراحية التى يلجأ إليها على تآكل شعبيته، كان يراهن دائما على وعى الشعب، معركة الوعى عنده أولوية، يغضب عندما «يفتى» البعض بغير علم، لذلك يطالب كل وزير وكل مسئول بأن يكشفوا للمواطن الحقائق ، ولا يتركوهم نهباً لأهل الشر، لا يضيق بالرأى ما دام على بينة، وعلى معلومات دقيقة، وفى ختام المؤتمر الاقتصادى الأخير تحدث الرئيس حديثا من القلب إلى القلب، حديث أكد فيه أنه لا يعتبر نفسه رئيسا، بقدر ما يعتبر نفسه واحداً من المصريين، كان حديثه كاشفاً لما التبس على البعض، لابد للجراح أن يقول لمريضه ضرورات التدخل وأبعاده.


أمراض الاقتصاد المصرى مزمنة متوارثة منذ عقود، وكم من مؤتمرات اقتصادية عقدها رؤساء سابقون، تخرج عنها توصيات، لكنها كانت تبقى حبيسة قاعات المؤتمر إلا النزر اليسير، وهو الأمر الذى رصده أديب نوبل الراحل نجيب محفوظ وكتب مقالاً فى الأهرام فى 4 مارس عام 1982 تحت عنوان: من الجانى؟ عندما قال مستغربا «إن أمهات الأفكار التى انبثقت من المؤتمر (فى إشارة إلى المؤتمر الاقتصادى الذى دعا إليه الرئيس الراحل حسنى مبارك فى بداية حكمه) لم تكن جديدة.. ولا أقول ذلك تهوينا من عمل المؤتمر، فقد شخص الداء فأحسن التشخيص واقترح شتى العلاجات.. وأتساءل إذا كان الداء معروفاً.. فكيف ترك دون علاج؟  انتهى كلام أديب نوبل.


عشنا لعقود نشخص الداء، ونقترح العلاج الذى لا يجد شجاعة وجسارة التنفيذ حتى تحولت المشكلات الصغيرة الى مصائب هيكلية، لذلك كنا نقوم ثم نتعثر، حتى جاء السيسى، وقرر ألا يفعل مثل سابقه، ويدغدغ مشاعر الشعب بمسكنات ويترك الأمر دون علاج حقيقى، كما حذر نجيب محفوظ قبل ثلاثة عقود، وقرر تطهير الجرح، وبدأ إعادة بناء كاملة للدولة، وتهيئة البلد لنهضة اقتصادية مرتقبة، ولكن كورونا، ثم حرب روسيا وأوكرانيا، أصابت الاقتصاد العالمى كله بوعكات كبيرة عانت وتعانى منها اقتصاديات كبيرة ومستقرة، وأصابت اقتصاد مصر النامى الذى لم يشتد عوده بعد شرر من نيران الحرب، وهنا كان لا بديل عن التدخل الجراحى، وبشفافية ومكاشفة وضع الرئيس كل الأمور فى نصابها.  


أكون منافقاً لو قلت إننى سعيد بالدواء المر، هو مر لكنه يبقى فيه الشفاء الذى ننشده بإذن الله لاقتصاد عانى من التشوهات لعقود، وآن الأوان لبناء كل شىء على أسس سليمة متينة تمكن الاقتصاد المصرى أن يتعافى ويشتد عوده، ويكون قادراً على تلبية طموحاتنا وتحمل أية صدمات دولية فى المستقبل.
جمهورية الدقى!
لا ينكر أحد التطور الجذرى الذى شهدته أحياء الجيزة فى العام الأخير بعد عقود من الإهمال الجسيم، أصبحت معه الجيزة مقبرة لأى محافظ، ولكن الحلو لم يكتمل حيث قرر رئيس حى الدقى أن يحل مشكلة دولة سائقى الميكروباصات فى نهاية شارع التحرير وعلى بعد خطوات من مكتبه على طريقة مدارة الزبالة والمخلفات بكنسها وتخبئتها تحت السجادة!، حيث قرر بجرة قلم تأجير موقفين فى منطقة تقاطع شارع التحرير مع شارع السودان، وإلغاء تخصيصهما السابق للميكروباصات لتقف فيهما، القرار لم يحل المشكلة، ولكنه نقلها الى شارع الأنصار الذى أصابه الشلل التام رغم أهميته كمحور مواز، وتحولت حياة ساكنيه إلى قطعة من الجحيم، مع مئات الميكروباصات التى حولته إلى جراج مفتوح، من صلاة الفجر إلى ما بعد منتصف الليل، وكان من الطبيعى أن تتحول المنطقة إلى منطقة جذب للباعة الجائلين، وللصوص الذى يتهجمون على مداخل العمارات، ولبائعى الاستروكس ومتعاطيه الذين يفترشون أرصفة المنطقة.. ياسيادة المحافظ تأسى برئيسك ورئيسنا وحل المشكلة من جذورها وليس من أجل عدة آلاف تتحول حياة الناس إلى جحيم.
الرياض اليوم
آخر مرة زرت فيها الرياض فى ٢٠١٧ وكانت مصر ضيف شرف مهرجان الجنادرية للتراث والثقافة
ومنذ أيام زرت الرياض بدعوة كريمة من الروائى السعودى د. محمد حسن علوان رئيس هيئة الأدب والنشر والترجمة لزيارة معرض الرياض للكتاب.
بون شاسع بين الرياض اليوم، والرياض التى زرتها قبل سنوات خمس.. تغيرات جذرية طالت كل شيء ليست فى الرياض وحدها، بل فى المملكة ككل، تغيرات «الحجر» لم أتفاجأ بها، اعتدتها فى دول الخليج الشقيقة، ولكن تغيرات البشر أهم وأعمق استشعرتها بمجرد جلوسى فى مقعدى فى الطائرة التى ستقلنى الى الرياض لمحت عدداً لا بأس به من السعوديات يجلسن ويتحركن ويتحدثن بأريحية، بلا وجل، لم أعد أرى النقاب الأسود.
متعدد الطبقات، وما أن تصل الرياض حتى تستشعر حجم التغيير، لا أبالغ إذا قلت أنه طال حتى الهواء، تراه وتلمسه فى وجوه الناس، فى الشوارع، والمحال التجارية، واستطيع أن أقول إننى لمست عمق التغيير الذى حدث داخل أروقة معرض الرياض.
بمجرد الدخول يستقبلك شباب من الجنسين وان كانت الغلبة للفتيات، الذين يقدمون المشورة والتوجيه والدعم اللازم لكل ضيوف المعرض، داخل صالات المعرض تتجلى الغلبة للجنس الناعم، لازالت بعض النساء يرتدين النقاب بدرجاته، التى بالكاد ترى من خلاله مرتديته طريقها، جو عام محافظ بلا غلو، وبلا إنفلات.
عكس التصورات المعلبة عن المجتمعات الخليجية، وجد اقبالا كبيرا على الزيارة.. أعداد غفيرة تكاد تصيب كل الطرق المؤدية الى «واجهة الرياض» حيث مقر المعرض، بالشلل التام، الندوات ممتلئة بالحضور، وإن كانت الغلبة للفتيات، وبالذات صغيرات السن منهن، نفس الملاحظة رصدتها على عدد من دور النشر السعودية المتخصصة فى نشر كتب التنمية البشرية، وفى نشر الروايات.. وإن كان بعض الفتيات يشترين الكتان لون غلافه أو غرابة اسمه، ويفضل لو كان شاعريا حالما!.
شخصية ثقافية
يعد د. عبدالعزيز السبيل أحد رموز الثقافة السعودية، والعربية تحتار فى اختياره أى الألقاب أو الصفات لكى تسبق اسمه، أحدهم اختصر ذلك بقوله إن دكتور «السبيل» هو مهندس الثقافة السعودية، لذلك استحق ان يتم اختياره الشخصية الثقافية فى المملكة لهذا العام، ضمن المهام الثقافية الكثيرة التى تقع على عاتقه، مسئولية الأمانة العامة لجائزة الملك فيصل حيث يرأس مجلس الامناء وهى واحدة من أهم الجوائز العربية العريقة التى تحظى باهتمام وتقدير كبيرين فى الأوساط الثقافية والفكرية العالمية لضوابطها الصارمة سواء فى التقدم لها، أو فى اختيار لجان التحكم، وفى آلية التحكيم نفسها، الى الحد الذى لا يعرف فيه الأمين العام الاسم الفائز إلا عند المرحلة التى تستلزم اجراءات إدارية لابلاغ الفائز..
دعانى دكتور السبيل مع آخرين لحضور ندوة على هامش معرض الرياض للكتاب كانت بعنوان مائة كتاب وكتاب ناقشت الدور الذى لعبه المستشرقون الفرنسيون، على جميع أطيافهم، فى الثقافة والحضارة الشرقية والعربية والإسلامية، كل من شاركوا فى الندوة، قاموا بترجمة أعمال لمستشرقين ٧٠٪ لا نعرفهم فى عالمنا العربى.
هذا المشروع تم بالتعاون بين أمانة جائزة الملك فيصل ومعهد العالم العربى بباريس.. المشروع لا يستهدف ربحا، ولكن مكاسبه بلا حدود.
تطبيق الروضة الشريفة
شأنى شأن كل مصرى تهفو روحه لزيارة بيت الله الحرام، وما من مرة وطأت فيها قدماى السعودية إلا وذهبت لأداء العمرة، وكيف لى ألا أشد الرحال بعدها لزيارة الحبيب المصطفى فى المدينة المنورة، فمن حج ولم يزورنى فقد جفانى، وبغض النظر عن صحة وسند هذا الحديث للرسول عليه السلام من عدمه، إلا أنه يعبر حال كل مسلم، وبالذات المصريين منهم.. وحبه وتعلقه بالحبيب المصطفى كان الذهاب للمشاعر المقدسة فى مكة والمدينة المنورة قطعة من العذاب بسبب بعد المسافة وكان الأمر يستلزم أياما، للتنقل فقط ولكنى تنقلت، لأول مرة، باستخدام شبكة قطار الحرمين فائقة السرعة، التى سهلت الأمر، وجعلت أداء المناسك ميسراً، وممتعا.. حتى أنى قطعت المسافة بين مكة والمدينة، فى أقل من ساعتين ونصف الساعة فى راحة تامة.
تخلت المملكة عن الضوابط والمحاذير التى فرضتها كورونا، ولكنها أبقت على اشتراطات زيارة الروضة الشريفة، فى الحرم النبوى، هناك تطبيق، يسهل تحميله باستخدام أى محمول، ومن أراد الزيارة فعليه أن يدخل، ويختار الوقت المناسب له، ويحدد ذلك البرنامج بعد ان تسجل بياناتك الكثافات فى كل وقت، للأمانة توجست خيفة، ولكننى اتبعت التعليمات، واتيح لى دخول الروضة والاستمتاع بالصلاة، والدعاء فيها من دون تدافع أو انتظار بالساعات، وعندما انتهيت.. سلمت على أشرف خلق الله فى ذكرى مولده الشريف الذى اضاء الكون.. صلى عليك الله يا حبيبى يا رسول الله.

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة