د. هبة أحمد سلامه واعظة بمجمع البحوث الإسلامية
د. هبة أحمد سلامه واعظة بمجمع البحوث الإسلامية


بقلم واعظة

عز الطاعة وذل المعصية

الأخبار

الخميس، 17 نوفمبر 2022 - 06:31 م

تُصاب قلوبنا بغُصةٍ عندما نطالع واقع المسلمين ونقارنه بماضى سلفنا المجيد، ونبحث عن سبب البون الشاسع والفرق الرهيب بين ضعفنا وعزهم، وهواننا وعلو كعبهم على أهل زمانهم؛  فنجد أن رأس الأمر يكمن فى تحقيقهم تمام العبودية لربهم، وتمام اتباعهم لهدى نبيهم صلى الله عليه وسلم، وهكذا السيد مع عبده إذا أطاعه وانقاد له ونفذ أوامره تراه يقربه ويحبه ويعلن الحرب على من آذاه أو فكر فى إيذائه بل ويجعل كرامتَهُ من كرامتِهِ؛ فمع كونه عبدًا إلا أنه اكتسب عزًا من إعزاز سيده له، أما إذا كان عبدًا آبِقًا كثير الهروب، كثير العناد والعصيان ترى سيده ينزع عنه حمايته ويتركه لقمة سائغة لأى أحد؛واستحق هذا لكفره بنعم سيده فقد كفل له طعامه وشرابه ومأواه ومع كل هذا يرى أن الخير فى الخروج من تحت سيادته، والتحرر من رق عبوديته فأصابه الهوان والذل؛ لاتباعه هوى نفسه وعصيانه مولاه، أما سلفنا فقد كانوا عبيدًا لله حقًا وإن من دعاء أحدهم : (اللهم أعزنى بطاعتك ولا تذلنى بمعصيتك)؛ لأنهم أدركوا أن للذنوب عقوبات تورث أصحابها الذل والهوان فى الدنيا والآخرة، وتؤدى إلى ضياع الجاه والمنزلة والكرامة عند الله وعند الخلق يقول ربنا سبحانه وتعالى: «إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ» الحجرات: ١٣.

فجعل ربنا أهل التقوى هم أهل كرامته، فبان للعاقل أن الهوان والصغار لأهل معصيته وقد قال ربنا فى حق أهل الهوان: «وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ» الحج:١٨.

وإن من قلة العقل أن يعصى العبد سيده وهو يعلم أنه ملك يوم الدين وأنه لا محالة قادم عليه ومسؤول وعمله عليه معروض؛ فإما كرامة وسعادة دائمة بجنة عرضها السموات والأرض، وإما ذلٌ وهوان بنارً يُساق إليها بسلاسلٍ فى الأعناق يقال له فيها على سبيل السخرية  والاستهزاء:» ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ العَزِيزُ الكَرِيمُ» الدّخان:٤٩.

وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مُعَاذٍ الرَّازِيُّ: (عَجِبْتُ مِنْ ذِى عَقْلٍ يَقُولُ فِى دُعَائِهِ: اللَّهُمَّ لَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ، ثُمَّ هُوَ يُشْمِتُ بِنَفْسِهِ كُلَّ عَدُوٍّ لَهُ، قِيلَ: وَكَيْفَ ذَلِكَ؟ قَالَ يَعْصِى اللَّهَ وَيَشْمَتُ بِهِ فِى الْقِيَامَةِ كُلُّ عَدُوٍّ).

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة