«هوم ورك».. حتى منتصف الليل
«هوم ورك».. حتى منتصف الليل


الخبراء: التعليم الحديث يعتمد على تشويق الطلاب للمواد بطرق ممتعة

أولياء الأمور: الواجب المدرسي «صداع يومي» يعرضنا وأبناءنا للضغط النفسي

لمياء متولي- أميرة شعبان

الخميس، 24 نوفمبر 2022 - 06:25 م

مع انتهاء اليوم الدراسى تدخل الأسرة فى صداع يومى على مدار العام الدراسى ومعاناة جديدة وهى «الهوم ورك» أو الواجبات المدرسية والتى أصبحت عبئا ثقيلا على الطالب ووالديه بعدما كانت طريقة للتحصيل والفهم، فعدد الساعات التى يقضيها الطالب من أجل الانتهاء من الواجب المدرسى تضعه وتضع الأسرة تحت ضغط نفسى كبير تؤثر سلبا عليه ليشبه الأمر المعركة اليومية بين الطالب ووالديه من أجل الانتهاء من الكم الضخم المطلوب منه فى مختلف المواد الدراسية.

«الأخبار» ناقشت أولياء الأمور حول معاناتهم اليومية مع الأبناء وكيف يتجنبون الضغط عليهم، كما رصدت الحلول من الخبراء من أجل التخفيف عن الطالب وولى الأمر.

بداية تقول إيمان كامل -ولى أمر- بعض المدارس مفهومها عن الواجبات المدرسية خاطئ بكل المقاييس فالأمر ليس بالكم ولكنه بالكيف، إلا أن ما يحدث هو العكس تماما، لدى طفلين فى مرحلتين مختلفتين وبشكل يومى أشعر وكأننى فى سباق الانتهاء من «الهوم ورك» وكان الغرض منه هو مجرد القيام به وليس الاستفادة منه.

وتضيف أن ذلك يضعنا يوميا تحت ضغط نفسى كبير خاصة أن الأمر متكرر فى جميع المواد الدراسية وليس الأساسى منها فقط، وهذا يحتاج إلى إعادة النظر من جانب المدارس خاصة أن المنهج مع تقدم السنة الدراسية يكون ثقيلا بعض الشىء ولا يحتاج لمزيد من التوتر.

وتؤكد سماح حلمى - ولى أمر- تبذل وزارة التربية والتعليم جهدا كبيرا ملحوظا فى تطوير المناهج ولكن على المدارس أن تعمل بالتوازى مع هذه الجهود حتى يستفيد الطلاب منها، لدى ابنة فى المرحلة الابتدائية ومن أجل الانتهاء من حل الواجب المدرسى تظل مستيقظة حتى وقت متأخر بسبب كمية الواجبات الكثيرة المطلوب منها إنجازها وفى كثير من الاحيان أشفق عليها وعلى جميع الطلاب خاصة أن الشكوى أصبحت عامة.

وتضيف علياء سعيد -ولى أمر - أعمل فى إحدى الشركات الخاصة وحال العديد من الأمهات العاملات فبداية العام الدراسى تشبه الكابوس بالنسبة لى كل عام وذلك بسبب تكدس الواجبات المدرسية على أبنائى والتى أحيانا لا تسعفنا عدد ساعات اليوم للانتهاء منها وفى بعض الأحيان نضطر إلى تأجيلها ولكن تتراكم علينا فى نهاية الأسبوع بكم أكبر ولكن هذا يكون اضطرارا و ليس أمرا اختياريا.

وتشير إلى اننى قمت بالتوجه أنا وعدد من أولياء الامور إلى المدرسة مطالبين بتخفيف العبء عن ابنائنا وعن الأسر فى كمية الواجبات ولكن المدرسة ترى أن ذلك فى مصلحة الطالب وهذا غير صحيح.

وتضيف نرمين غالى - ولى أمر - أصبحت فى مشاحنات يومية مع أبنائى تخرج فى شكل صراخ وشجار بسبب الواجبات المدرسية وكمياتها المهولة، وعلى الرغم من أننى لا أتعمد أن أشاركهم حل الواجبات بهذه الصورة إلا أننى والعديد من الأمهات نكون تحت طائلة ضغط الانتهاء منها، وعدد الساعات اليومية التى نقضيها فى الانتهاء منها لا يجعل هناك وقت للطالب ليستطيع أن يمارس أى نشاط آخر أثناء اليوم سواء كانت هواية أو رياضة.

بعد التحدث مع أولياء الامور تواصلت الأخبار مع المتخصصين لمعرفة كيف يمكن حل هذه الأزمة، والبداية كانت مع د.إيمان الريس، مستشار تربوى وتعليمى ونفسي، التى أوضحت أن مصر بها عدة أنظمة تعليمية منها الحكومية والتجريبية والانترناشونال وغيرها، وكل نظام منهم يعمل بشكل مختلف ويركز على جزئية معينة، مؤكدة أن الأنظمة فى المدارس الحكومية والتجريبية مازالت تعمل بالنظام القديم وهو الذى يسير عن طريق تلقين وتحفيظ الطلاب دون التركيز على ايصال المعلومة بطريقة يسيرة لكى يفهمها الطالب، وأن هذا هو السبب الأساسى وراء أزمة «الواجبات المدرسية»، وتكمل قائلة: «المدارس الآن تعمل تحت نطاق المناهج التعليمية، فكل مدرس محدد له منهج معين بالتدريبات والتمارين الخاصة به وبالامتحانات أيضا، فتجبره على إعطاء الطالب كما كبيرا من التدريبات التى عليهم إنهاؤها قبل نهاية العام، لذا فإن المعضلة الأساسية هى المناهج، التى تجبر الطالب على الحفظ أكثر من الفهم، التى عمل وزير التعليم السابق على تطويرها لكى تشمل فهما أكثر من التلقين وحفظ المعلومات».

أشارت د.إيمان إلى أن هناك عدة حلول تستطيع الأم من خلالها مساعدة طفلها فى حل جميع الواجبات دون ضغط أو عناء، وأول تلك الحلول هو اعتماد نظام «الوقت القليل»، بحيث لا تسمح للطفل بالمذاكرة ساعة كاملة متواصلة، بل تنتهى المذاكرة فى ٣٥ دقيقة ثم يأخذ راحة لمدة ١٠ دقائق بشرط ألا يقضيها على السوشيال ميديا، ثم تعود ٣٥ دقيقة مذاكرة مرة أخرى، وذلك بجانب تطوير طريقة المذاكرة لإدخال طريقة «الخريطة الذهنية» التى تسهل على الطالب تذكر المعلومات بسهولة وتحببه فى المذاكرة بألوان واشكال مختلفة.

وتؤكد إيمان أن كل ذلك يتطلب من الأم وضع نظام للطفل يسير عليه منذ العودة من المدرسة، إلا أنه يتم استثناء أطفال مرحلة الروضة «الكى جي» من كل ذلك، فعلى كافة المدارس ان تكتفى بالأنشطة فى هذه المرحلة لان اعطاءهم واجبات منزلية يضعف عضلة الأصابع، لذلك قديما كانوا يرسلون الأطفال لـ «الكتاب» لحفظ القرآن قبل حتى معرفة الكتابة.

وفى النهاية أكدت د. ايمان أن قبل كل ذلك لابد على المعلمين لأن ينمو مهاراتهم ولا يكتفون بمجرد أداء وظيفتهم بشكل تقليدي، فأسلوب المعلم داخل الفصل المدرسى وحثه للطالب على الفهم والبحث وحل المشكلات بنفسه سيؤدى بشكل أساسى فى التخلص من الاحساس بالضغط والملل.

حرب باردة

أما الدكتور وليد هندي، استشارى الصحة النفسية، يرى أن الواجبات المنزلية «من أهم الحروب الباردة فى العملية التعليمية التى يقع فيها الطالب وولى أمره بين المطرقة والسندان ويعطيهم إحساسا دائما بالارتباك والحيرة تجاه هذه الواجبات التى تشكل عبئا غير عادى على الأسرة خاصة إذا كان لديها أكثر من طالب، موضحا أن أزمة الواجبات عليها جدل كبير من قديم الأزل مما دفع الولايات المتحدة الامريكية إلى سن قانون عام ١٩٠١ لإلغاء الواجبات والأنشطة المدرسية من مرحلة رياض الأطفال وحتى السنة الثامنة أى ما يعادل الصف الثانى الإعدادى بمصر، وجاء ذلك بعد ضغط شديد وفى منتصف الخمسينيات تم إلغاؤه».

سلبيات متعددة

على الرغم من أهمية الأنشطة المنزلية يشير د. وليد إلى أنها إذا لم تعط للطلاب بانتقاء وبأسلوب تربوى محترف سيخلف العديد من الويلات التربوية والتعليمية للأطفال، اولها تحولها إلى مجرد روتين بلا روح وبلا استفادة لردع الصدع، وبالتالى تسبب الإجهاد للطالب ولولى الأمر، وصعوبة وآلام فى الجسد

ومتلازمات صحية سلبية.

وأكد أن الأسوأ من كل ذلك أن هناك بعض المعلمين يربطون الواجب المنزلى بالعقاب فبدلا من تحفيزه، يقومون بعقابه إذا اساء السلوك مثلا بكتابة واجب معين زائد عليه، وهو اسلوب قاسٍ غير تربوي، موضحا أن من أكثر عيوب الواجبات المدرسية انه يمكن الالتفاف عليها فاحيانا يتدخل الأب والأم أو الاخوة لحل الواجب بدلا منه، وهو أمر دفع الباحثين للدراسة واثبات ان هناك أثرا سلبيا للواجبات المدرسية لا سيما فى سن ١٤ سنة وما دونه.

آثار نفسية

عن الآثار النفسية لهذه المشكلة يوضح د.وليد انها تسبب القلق الكبير لدى الطفل تصل إلى حد الرهاب ودفعه لعدم الذهاب للمدرسة، مما يؤثر على مستواه وفى النهاية يحدث له تأخر دراسى فى مادة أو اكثر، كما أن سهره متأخرا لحل جميع الواجبات يؤثر على صحته وعلى الذهاب للمدرسة بنشاط، بجانب الشعور بالملل من الواجبات التى تعد «تحصيل حاصل»، والتى ثقلها يمنعه من ممارسة عدة انشطة مهمة كان يتقنها فى الإجازة كممارسة الرياضة، وفى النهاية تمنعه من الحصول على وقت فراغ يستمتع به ويسترخى.. ولحل هذا الأمر يرى د.وليد ان على ولى الأمر ترك مساحة للطفل لحل الواجب المدرسى بأريحية، فلا يجبره مثلا بمكان محدد كالمكتب بل يتركه ينجز بالطريقة التى تريحه سواء على مخدة أو الأرض أو غيره فالهدف هو تقليص الضغط عليه، كما أنه على الأم مباشرة الحل فقط وليس حل الواجب معه بل تتواصل مع المدرسة اذا كانت هناك واجبات بها ثقل على الطفل من وجهة نظرها، والأهم ان تبتعد عن جروبات «الصراخ والعويل» الخاصة بالأمهات.

تعزيز التعلم

من جانبها أوضحت جيهان بيومي، عضو لجنة التعليم بالبرلمان، أن الواجبات المدرسية تعطى للطلاب كى تعزِّز من تعلمهم اليومي، وتطبيقًا للمفاهيم التى تعلّموها خلال يومهم الدراسى المنصرم، فإذا تقاعس الطالب عن حلِّ الواجبات أو لم يقم بحلها بمفرده ينتفى هدف هذه الواجبات، مؤكدة أنه على الآباء والأمهات التأكّد من إنجاز هذه العملية وإتمامها على أكمل وجه لتتم الفائدة منها.

وفى الوقت ذاته أشارت إلى أنه يجب أن تتم مساعدة الطالب على إنجاز الواجب المدرسى بشكل صحيح؛ لأنَّ الهدف ليس حلّها فقط؛ بل يشترط أن تكون تلك الحلول صحيحة، لأنَّه يترتَّب عليها إعطاء المفاهيم والمبادئ التى سوف يسير عليها الطالب فى المستقبل.

اقرأ أيضاً | تعليم قنا يناقش عمل مسابقة أوائل الطلبة 

 

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة