د.علاء الجرايحي
د.علاء الجرايحي


بقلم د.علاء الجرايحي: شياطين الإنس.. أضل وأطغى !!

بوابة أخبار اليوم

السبت، 26 نوفمبر 2022 - 01:28 م

حين أرى المُتمردين الجُدد على الحياة، أسأل نفسى هل نستيقظ يومًا - نحن البشر - لنرى الشيطان يتفق معنا ضد أولاده، أو أن الطبيعة الكونية قد اختلفت تركيبتها ومُكوناتها فجأة، فوجدنا الشيطان يُريد الخضوع وتلبية نداء المولى له، لأنه يعلم علم اليقين أن الحِيل المُستهلكة لإغوائنا ما عادت تُجدى وأضحت بالية، فبات يُفكِّر فى مكر جديد، بأن يدعنا نتولى مهامه بدلًا عنه بيننا؟.. لماذا يظهر الشيطان ويُعلن عن نفسه بصراحةٍ، ويُوهمنا بأنه يُريد أن يدل الإنسان على الطريق السليم لتصحيح مساراته؟ فهل هى دعابة منه يمزح بها مع أولاده وأتباعه الجُدد، ويُؤكد لهم من خلالها قدرته على التحكُّم بالبشر، أم أنه أصبح لا يجد وسيلةً حديثة لإغوائهم؛ لتيقنه التام بأن البشر أصبحوا ناضجين ويعرفون طرائقه جيدًا، ولا يحتاجون لمَنْ يغويهم ويجعلهم يضلون طريقه.
لقد عصى أولاد الشيطان الحقيقيون اليوم أوامره كما عصى هو أمر ربه، وباتوا يتمردون عليه، ويُحاولون أن ينتزعوا منه سلطانه ومهاراته فى الإفساد والإضلال والعصيان والبغى فى الأرض وممارسة كل ما هو مذموم ومبغوض ومُحرَّم ومُجرَّم، فالمراقب للأوضاع البشرية فى عصرنا، يلحظ أشياءً غريبة تحدث، ألا وهى معاونة الشيطان لبنى الإنسان ضد أتباعه وحاشيته الذين هم من صُلبه ونسله، انتصارًا له بعد أن ضاعت هيبته بينهم، إذ تعلَّم أحفاده من البشر كيفية التمرُّد وقلب الموازين والحقائق، والطمع فى الدنيا، والتكالب على المال وعشق الحرام، وعبادة السلطة وحُب السيطرة وفرض الهيمنة على مخلوقات الله الذين فضَّلهم على كثيرٍ من عباده تفضيلًا.
إذا جالست نفسك واختليت بها، ففكِّر فى إجراء محادثة مع الشيطان واضحةً وصريحة، واطرح عليه ما تحتار فيه من أفعال البشر وأعمالهم، لقد فعلت، ووجَّهت له داخل عقلى أسئلة كثيرة، وتخيَّلت منه إجابات كانت العجب العجاب، فقد سألته ضمن ما سألته، لماذا تُريد مُساعدة البشر وإعانتهم فيما يرتكبون وهم أضحوا أبرع منك فيها، بل وتفوقوا عليك، أليس أمرك هذا عجيبًا؟، فكانت إجابته بأن البشر أصبحوا يفعلون كل شىءٍ إجرامى بأبشع صوره وأسوأ أشكاله، قلتُ طالما أن مُرادك تحقَّق فيهم دون أن تبذل جهدًا يُذكر منك، وهاهم سيملأون جهنم ويكونون وقودًا لها، إذن لماذا تركتهم وشأنهم وكأنك غير موجودٍ معهم على الأرض، فقال لى، إنهم بارتكابهم لتلك الموبقات الأشد بأسًا مما كنت أغرسه فيهم، يُعجِّلون باليوم المشهود، وأنا لا أُريد له القيام الآن، إلا أنهم سلكوا الطريق مُسرعين، فما كان منى إلا أتنحى جانبًا ليُبطئوا الخُطى إليه؟!
ألقى على مسامعى أيضًا ما هو متوفِّرٌ فينا الآن، حيث بادرنى القول: هل تعلم أن الأماكن المُقدَّسة لا يقربها شيطانٌ ولا يتجرَّأ عليها، لكن البشر دنَّسوها وتجرَّأوا عليها ثم هجروها، وأصبح الإنس يُحاول بشتَّى الطرق إبعاد بعض إخوانه عن الصلوات الخمس التى فرضها الله عليهم، ومن كثرة ابتعاده عن دين السماء، وكُتب الله المُقدَّسة جعل نفسه فريسةً سهلةً لنا فى كل الأوقات، حتى الأشهر الكريمة التى نُصفَّد فيها، يفعل فيها من المُنكرات ما لا يفعل فى غيرها دون وازعٍ من ضمير؟!!
أكَّد لى أن مثل هؤلاء من البشر، جعلوا من أجيالهم المُعاصرين لهم، وصغارهم الذين لا نستطيع التقرُّب منهم؛ كون الملائكة تحفهم وتحميهم، على مقربةٍ من كل القنوات الإغوائية التى تُدمِّر عقولهم وأفكارهم وقلوبهم، فباتوا مُتعطشين للدماء ومُغرمين بالانتحار بالألعاب المُعدة لهم، من مثل لعبة بابجى وغيرها على التواصل اللا اجتماعى.. أوضح لى بأن الجيل القادم الذى هو نبتٌ له سيكون الأكثر دمويةً، ولا ينتمى لدينٍ ولا عِرقٍ ولا يُمثِّل له أحدٌ قدوة أو أسوة حسنة، وبهذا تقترب نهايتنا وسينتهى أمر العالم.
تعجَّبت من الشيطان وسألته: وهل تخشى النهاية وأنت تعلم أنها آتية لا محالة، وأنك ستُعذَّب أشد العذاب؟، فقال إنى أخاف الله رب العالمين، وكلما اقتربت النهاية أشعر بالفزع الشديد، فإنى لا أقدر على عقاب الله، وأتعجَّب من بنى الإنسان بأنهم يجهلون أفضليتهم على المخلوقات جميعًا، وأن الله ميَّزهم على كل الكائنات، ورغم ذلك يعصونه!، فقلت له إن الله غفورٌ رحيمٌ، وإنا إليه راجعون، وفينا الخير ليوم القيامة، ودائمًا نستعيذه منك، ولسان حالنا رطبٌ صباح مساء "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم".

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة