د .أسامة السعيد
د .أسامة السعيد


خارج النص

حرب استراتيجيات على «قارة المستقبل»

د. أسامة السعيد

الثلاثاء، 13 ديسمبر 2022 - 06:14 م

على مدى الشهور القليلة الماضية، تسارعت الخطى الغربية لإعلان مجموعة من الاستراتيجيات للتعامل مع إفريقيا. أول تلك الاستراتيجيات أعلنتها الولايات المتحدة، وقالت على لسان وزير خارجيتها إنها راغبة فى إعادة بناء علاقاتها مع القارة السمراء، ومواجهة التمدد الصينى والروسى فى القارة، وها هى تستضيف أكبر قمة للتباحث مع قادة القارة.

ولم تمض عدة أشهر، حتى أعلن الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون نية بلاده وضع استراتيجية جديدة، تضمن لبلاده أكبر القوى الاستعمارية القديمة فى إفريقيا، الحفاظ على ما تبقى من نفوذ فى دول القارة، ومن بعد فرنسا جاءت بريطانيا، صاحبة الإمبراطورية الاستعمارية التى غربت عنها الشمس، حين كسر المصريون كبرياءها فى حرب السويس عام 1956، لتبحث هى الأخرى عن موضع قدم فى أغنى قارات العالم، وأعلنت قبل أيام استراتيجية جديدة لـ «تعزيز التعاون مع دول القارة».

وقبل كل هؤلاء، كانت الصين، القطب الصاعد عالميا، تتمدد فى إفريقيا بهدوء عبر بوابة المساعدات الاقتصادية والشراكات التجارية، وتحولت الصين غير المثقلة بأعباء التاريخ الاستعمارى القديم، إلى حليف قوى لكثير من دول القارة.

ولم تعدم روسيا الوسيلة للتواجد أيضا فى عشرات الدول الإفريقية، خاصة فى دول الساحل الغربى وجنوب الصحراء، وباتت اليوم لاعباً مهماً تخشى الدول الغربية مواجهته فى ساحة صراع جديدة بعيدا عن أوروبا.

وإلى جانب هؤلاء اللاعبين الدوليين، برزت قوى إقليمية أخرى، مثل تركيا، التى سعت بوسائل شتى، بعضها مشروع والبعض الآخر ليس فوق مستوى الشبهات، إلى تعزيز حضورها فى إفريقيا.

والمؤكد أن كل تلك القوى لم تأت إلى إفريقيا حبا فى شعوبها، بل بحثا عن مصالحهم، وطمعا فى نيل نصيب وافر من ثروات «قارة المستقبل» صاحبة أكبر رصيد من الموارد الطبيعية والبشرية، فإفريقيا تمتلك نحو 33 % من مجمل الموارد المتوافرة فى العالم، وهى منتج رئيسى لأكثر من 70 % من المعادن المهمة للصناعات العالمية، كما تستأثر بنحو 25 % من الإنتاج العالمى من الذهب والأحجار الكريمة عالية القيمة مثل الألماس، إضافة إلى النفط والغاز، وتستحوذ أيضا على 65 % من الأراضى الصالحة للزراعة عالميا، و10% من المياه العذبة المتجددة.

فهل يتوحد الأفارقة هذه المرة من أجل وضع استراتيجيتهم الخاصة، التى تجنبهم الاستغلال، وتقيهم شرور «الاستعمار الناعم»؟ ... أتمنى.

 

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة