كرم جبر
كرم جبر


كرم جبر يكتب: سباحة الأعماق

كرم جبر

الجمعة، 16 ديسمبر 2022 - 07:03 م

نحتاج من يسبح فى أعماق المجتمع، فيكتشف أسباب الجرائم الشاذة التى تطفو على السطح، وصولاً إلى تشخيص علمى سليم، يفك ألغازها والتصرفات والسلوكيات التى تخرج عن السياق الطبيعى للأمور.

مجتمع فيه أكثر من 100 مليون يمكن أن تقع فيه مثل هذه الحوادث، ولكن القسوة والعنف والخسة والندالة والوحشية، تحتاج إلى تشخيص دقيق لحماية الأبرياء من الوقوع فى براثنها.
نريد تحليلاً نفسياً واجتماعياً وسلوكياً - مثلاً - لبلطجى يختطف شاباً ويعذبه بالكلاب الشرسة، ويقوم ببث مقاطع فيديو لإذلاله فى المنطقة "وكسر عينه".. أكيد أنه فاقد الوعي، وتصور أنه يمكن أن يحل محل العدالة والشرطة والقضاء والمحاكم، فتسلح بالكلاب واعتبرهم قانونه الخاص.

نفتقد التفسير العلمى لما يحدث، فهل كانت مثل هذه الجرائم الشاذة موجودة من زمان، ولم يتم تسليط الضوء عليها إلا بعد الانتشار الواسع للسوشيال ميديا، أم هى وليدة هذه الأيام؟ وهل صحيح أن الشباب زمان الذين كانوا يقلدون نجوم المجتمع بالملابس الأنيقة واللغة النبيلة، انقرضوا وحل محلهم جيل المطواة والإدمان والبشاعة؟

***

مصر تحتاج علماء منفتحين على المتغيرات التى يشهدها العالم، ولديهم الجرأة والشجاعة للتصدى للأفكار الرجعية المتشددة، التى تسئ للإسلام والمسلمين، علماء لا يخشون فى الحق لومة لائم، ويضعون نصب أعينهم مصلحة الأمة وإعلاء شأن الدين.

المعنيون بالأمر إما خائفون أو معارضون أو صامتون.. خائفون من المتشددين وغير قادرين على مواجهتهم.. أو معارضون للتجديد وراضون عن التجميد.. أو صامتون، ويتعاملون مع هذه القضية المهمة والخطيرة، بطريقة لا أرى لا أسمع لا أتكلم.

آن الأوان لوضع أجندة بالقضايا المهمة التى تشغل بال المجتمع، ونصدر فيها آراء دينية وسطية بعيدة عن التعصب والغلواء، بدلاً من الحديث المكرر عن تجديد الخطاب الديني.. ولا جديد.

***

بناء الإنسان مهمة أصعب من شق الطرق، حيث تم تجريف المقومات الأساسية للشخصية المصرية على مدى عقود طويلة، وظهرت كثير من المساوئ التى طفت على السطح، ورغم محدوديتها إلا أنها تحدث صخباً وضجيجاً.

بناء الإنسان المصرى منظومة متكاملة من المدرسة والبيت والمسجد والكنيسة والفنون والآداب والثقافة، والتوصل إلى السمات الأصيلة للمصريين، بما عرف عنهم من حب لوطنهم وللخير والتسامح ومحبة الآخر والقناعة والرضا.

تنهض مصر ويعلو شأنها، كلما مدت يدها لمن هم تحت خط الجهل، فالفقر ليس البطالة والعشوائيات والعوز والاحتياج، لكنه أيضاً الجهل الذى يسيطر على العقول، والخرافات التى أصبحت اللغة السائدة، فى الكتب والشرائط الصفراء والمواقع الإلكترونية، وفى الوصفات المجهولة التى تشفى من الأمراض المستعصية.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة