السيد النجار
السيد النجار


السيد النجار يكتب: دام فضلهم

الأخبار

الخميس، 22 ديسمبر 2022 - 08:55 م

وكأنهم يأتون لسرقتنا وليس لمساعدتنا.. يا سادة.. سرقة وتهريب الآثار جريمة منظّمة عالمية.. تتولاها عصابات دولية..!

تلقيت بعض التعليقات على اليوميات السابقة «مبادرة د.حواس»، والتى يطالب فيها باستعادة حجر رشيد من لندن والقبة السماوية من باريس.. أكثر الرسائل تصب جام غضبها على الأجانب.. تصفهم بأنهم عصابات لصوص.. نهبوا آثارنا وسرقوا حضارتنا.. وهم على هذا الحال منذ مائتى عام.. ومازالوا، حسبما تُشير التعليقات.. ويطالب بعضهم باتخاذ إجراءات مشددة ضدهم.. وكأن تحت مسمى أثرى أو باحث أو خبير ترميم، يختفى وصف لص وزعيم عصابة.. هذا التعميم خطأ جسيم.. ومطالبتنا باستعادة كل قطعة مصرية من الخارج حق، سواء خرجت بطرق شرعية.. أو غير شرعية على مدى أزمان مضت.. وفى ذات الوقت.. فضل الأجانب علينا حق.. هذا موقفى الثابت دون خلط أو مزايدة.

فماذا فعل الأجانب لمصر وماذا قدموا لها على مدار عقود من السنين.. هم أنشأوا علم المصريات، فى مصر والعالم.. أسسوا مصلحة الآثار.. اكتشفوا حجر رشيد.. وترجموا لغته وعرفنا لأول مرة اللغة الفرعونية.. ولو لم يكن ذلك لظلت الحضارة المصرية طلاسم لا نعرف عنها شيئًا، وظلت معابد ومقابر وتماثيل، صماء.. خرساء لا نقدر قيمتها، ولا نعرف أسرار حضارتنا وتاريخنا.. والأجانب.. هم من وضعوا أول قانون لحماية الآثار عام ١٩١٢. وضعه جاستون ماسبيرو صاحب الإسهامات الكبيرة فى مجالات أثرية عديدة، وتكريمًا له أطلقنا اسمه على أهم مبانى القاهرة «مبنى ماسبيرو- الإذاعة والتليفزيون وكذا على شارع الكورنيش».

وماسبيرو مدفون حاليًا بحديقة المتحف المصرى بعد نقل جثمانه من باريس بناءً على وصيته، ليدفن بأرض البلد الذى عشقه.. والأجانب هم.. من كشفوا عن أول عصابة لسرقة وتهريب الآثار عام ١٨٨١.. وبالمناسبة.. كانت عصابة ليس من بينها لص أجنبى واحد.. وهم.. من وضعوا أول تنظيم لعمليات التنقيب عن الآثار وعدم السماح بها، إلا للبعثات العلمية.. وهم من فرضوا رسوم زيارة للمواقع الأثرية على السائحين الأجانب، للإنفاق منها على أعمال التنقيب والترميم.. وهم من أنشأ أول متحف مصرى للآثار.. هم.. من أسس أقسام المصريات بكبرى الجامعات العالمية.. هم من أنقذ معابد أبوسمبل من الغرق فى بحيرة السد العالى.. تولوا العملية كاملة بالخبرات الفنية والآلات والتمويل وتحت إشراف اليونسكو.. هم من اكتشفوا مقبرة توت عنخ آمون.. أشهر ملوك التاريخ.. هم.. من اكتشفوا مقابر وادى الملوك والملكات.. هم من أثرى المكتبات بآلاف الكتب بكل لغات العالم عن الحضارة المصرية.. هم من يفاجئنا بين يوم وآخر بنتائج بحوث علمية تكشف عن أسرار التقدم العلمى والطبى والهندسى المذهل لدى أجدادنا الفراعنة.. وهم من يرصدون سنويًا ملايين الدولارات، لمراكز البحوث المتخصصة فى هذه المناحى.. هم.. من كشفوا عن تمثال أبوالهول.. هم.. من يقومون بجهود علمية كبيرة لمعرفة أسرار الأهرامات.. هم.. من يتحملون مسئولية الكثير من مشروعات الترميم العملاقة لآثارنا فى ربوع مصر.. هم.. من كشفوا عن أحدث وأكبر عمليات تهريب للآثار المصرية على مدى الأعوام القليلة الماضية.. مشوار عطائهم فى رعاية الآثار المصرية وبحوثهم العلمية طويل.. يحمل ألف تساؤل.. من قام بذلك.. وألف..إجابة.. هم الأجانب.

ما علاقة كل هؤلاء الأجانب.. من الأثريين والباحثين والعلماء.. المحترفين.. والمحترمين فى علمهم وعطائهم.. بسرقة الآثار أو تهريبها. ولماذا سيل الاتهامات لهم من آنٍ لآخر حتى فهم عامة المصريين، أنهم يأتون لسرقتنا وليس لمساعدتنا.. يا سادة.. سرقة وتهريب الآثار.. جريمة منظمة عالمية.. تتولاها عصابات دولية من الأجانب والمصريين..؟!

وفى المقابل.. من أهدى مسلات مصر التى تُزين عواصم ومدن العالم، وغيرها.. مئات التماثيل والقطع النادرة.. هم حكام مصر منذ الخديو إسماعيل.. ومن ترك صحارى مصر ووديانها لحراسة خفراء بالنبوت.. نحن.. ومن سمح فى قانون ١٩٥٧ بحق البعثات الأجنبية فى قسمة الآثار المكتشفة.. نحن.. ولم نكن حينها محتلين.. ولا مغيبين.. كنا فى قمة الصحوة الوطنية..!.. وأكثر هذه الآثار معروضة فى المتاحف الأجنبية اليوم بحكم القانون المصرى.. ومن سمح فى نفس القانون بتجارة الآثار.. نحن.. وكأننا نصر على بند يمثل الباب الملكى لسرقة وتهريب الآثار، وتشجيع عمليات التنقيب خلسة واستمر هذا الحال، حتى تم منع اقتسام الآثار المكتشفة. وإلغاء تجارة الآثار فى قانون حماية الآثار عام١٩٨٣. مشوار الإهمال بكل أشكاله فى حق تراثنا يحمل ألف تساؤل.. من.. وألف إجابة.. نحن؟!
هذا ليس مدحًا فى الأجانب.. ولا قدحًا فى المصريين.. ولكنها كلمة نحسبها حقًا لأيادٍ أجنبية بيضاء طوال سنين مضت.. وقادمة.. وسلسلة أخطاء منا على مر الأعوام ونأمل ألا تستمر.. ما رأيكم.. دام فضلكم.. ودام فضلهم.. أعنى الأجانب بالطبع.

عام جديد
حظك.. من ٤ آلاف سنة!
كل سنة وأنت طيب.. عام جديد.. آمال جديدة.. وأمنيات وأمانى.. صحة وسعادة.. تقدم وتطور فى العمل والحياة.. كلنا نستقبل العام الجديد بالأدعية والتهانى.. غيرنا فى العالم يفعلون ذلك.. ولكنهم أيضًا يقدمون كشف حساب للنفس عن عام مضى.. نجاحات.. إخفاقات.. وما هى الأسباب.. ولماذا كانت الأخطاء. ولماذا لم تتحقق الطموحات.. وفى ذات الوقت.. كل يضع لنفسه مشروع أمل وعمل لعام جديد.. ماذا يريد.. وكيف يحققه.. هم يمتلكون قدر استطاعتهم أوراق لعبة الأيام القادمة فى كل شىء يمس حياتهم..

المصريون والعرب.. هوايتهم المفضلة فى استقبال العام الجديد.. لعبة الحظ.. حظك فى السنة الجديدة.. وكأن الحظ خطة عمل المستقبل.. مساحات بالصحف وتنافس بين برامج الفضائيات للحديث عن الحظ وقراءة الطالع والأبراج.. بعضهم يرسم خريطة أحداث العالم السياسية والاقتصادية.. وبلغ الأمر إطلاعهم على الغيب وتحديد أسماء الوفيات من النجوم.

هواية الحظ والأبراج انفرد بها المصريون منذ ٤ آلاف عام.. الفراعنة هم أول من حدَدوا الأبراج الاثنى عشر للحظ.. ووضعوا جدولًا زمنيًا للتنجيم مُحددًا به أيام الحظ السعيد والمرض والسفر والتجارة.. لم يضعوا ذلك للتسلية أو التشاؤم والتفاؤل.. كما حالنا اليوم.. ولكنه كان جانبًا بسيطًا من عبقرية علوم الفلك، التى لم يتوصل للكثير منها أحدث الأجهزة العلمية والتكنولوجية اليوم.

القدماء المصريون هم من ربطوا الأبراج بحركة النجوم والشمس والقمر.. وهم من اكتشفوا قطر الأرض وأنها دائرية. وحدّدوا السنة اثنى عشر شهرًا و٣٦٥ يومًا.. والشهر ثلاثين يومًا.. واليوم ٢٤ ساعة وتعاقب الليل والنهار والفصول الأربعة. هم الذين وضعوا التقويم كاملًا.. وتمثل أبراج الحظ جانباً من رسوم لوحة قبة السماء «الزودياك» التى تطالب مبادرة الدكتور زاهى حواس باستعادتها من فرنسا.

كيف اكتشف الفراعنة كل هذا.. وأكثر.. منذ آلاف السنين.. هذا هو اللغز الأكبر.. علماء العصر الحديث يقولون.. إن القدماء المصريين.. كانوا أكثر تقدمًا وعلمًا عما نحن عليه اليوم.. ولكن ما الدليل.. لم يعرفوا بعد.. نعرف الاختراعات والاكتشافات العلمية.. ولكن لا نعرف كيف حدثت؟!

أميرة القلوب
أميرة القلوب.. طبعًا تعرف اسم صاحبة هذا اللقب.. الأميرة ديانا.. أحبها الشعب الإنجليزى وأطلق عليها هذا اللقب.. وأحبها الملايين فى أرجاء العالم.. هكذا الحب هبة من الله.. كانت حياتها مأساة، ولقيت حتفها فى حادث أكثر مأساوية.. أوجع قلوب محبيها منذ ٢٥ عامًا عن عمر ٣٦ سنة. ورغم مضى السنوات الطويلة مازالت المؤلفات تتوالى عنها.. آلاف الكتب بأكثر من ٦٠ لغة ومنها لغات محلية.. وتلقى هذه الكتب رواجاً غير عادى فى التوزيع.. يؤكد ذلك أن حبها مازال يسكن قلوب البشر.. أحدث كتاب لمؤلفين إستراليين «ديلان هوارد وكولت ماكلارين». عنوانه «ديانا.. الحساب النهائى الذى يثبت حقيقة ما حدث». ومن العنوان تعرف مباشرة أنه محاولة لكشف ألغاز مصرع أو اغتيال الأميرة ديانا فى حادث سيارة بباريس وتوفى معها صديقها دودى الفايد، ابن المليونير المصرى محمد الفايد المقيم فى بريطانيا.. الكاتبان أشارا إلى تورط المخابرات الأمريكية والفرنسية فى الحادث. كما اتهم الفايد مشاركة المخابرات البريطانية.

كما كشفا عن نص رسالة للأميرة ديانا بين العديد من رسائلها كتبتها سنة ١٩٩٦ قبل وفاتها بعام تحدد فيها ملابسات التخلص منها، وكأنها تصف الحادث الذى أدى إلى مصرعها فيما بعد.. المؤلفان قالا إنهما سيقدمان للمحكمة ما لديهما من معلومات رغم شكوكهما فى عدم الاعتداد بما يقدمان..لماذا لن تأخذ المحكمة بهذه المعلومات لأنها أغلقت الملف تمامًا. فبعد سنوات من التحريات والتحقيقات وجمع المعلومات والتى جاءت فى ستة آلاف صفحة.

أصدرت المحكمة قرارها بتطبيق قانون التراس الفرنسى الذى يفرض حظراً بعدم الكشف عن نتائجه باعتباره وثائق وطنية، إلا بعد ٧٥ عاما.. وهو ما يعنى أن الجميع قد مات، وتصبح الواقعة تاريخية وليست قضية جنائية.. بالتأكيد سيصدر حينها العديد من الكتب التى تتناول أسرار ما احتوته ملفات التحقيق.. ترى ماذا ستقول.. طبعًا «الحكاية فيها إن» كما نقول فى المثل العربى؟!

دعوة للتأمل
- لا تخجل من أخطائك فأنت بشر.. ولكن اخجل إذا كررتها وادعيت أنها من فعل القدر.
جبران خليل جبران
 


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة