عمرو الخياط
عمرو الخياط


نقطة فوق حرف ساخن

غــلاء عــابر القـــارات

عمرو الخياط

الجمعة، 23 ديسمبر 2022 - 06:23 م

9005 كيلو مترات ما يوازى 5595 ميلاً.. قدر المسافة بين القاهرة وواشنطن.. تقطعها الطائرة بين عاصمة البلدين فيما يقرب من 12 ساعة..حينما تهبط الطائرة فى مطار دوليس الدولى فى واشنطن.. تعود عقارب الساعة إلى الوراء سبع ساعات كاملة.. فتشعر أن الزمن يعود بك إلى الخلف.. لتبدأ يومك من جديد بعد أن يكون قد انتهى، حينما صعدت للطائرة من مطار القاهرة الدولى.. تلك هى الجغرافيا.. وخطوطها الطولية والعرضية.

هناك فى العاصمة الأمريكية، مثلما هناك فارق فى التوقيت، فهناك فارق فى درجات الحرارة التى تنقص 20 درجة مرة واحدة، ولكن ليس هو الفارق الوحيد.. وإنما هناك فوارق كثيرة.. يلاحظها من غاب عن زيارة الدولة العظمى ثلاث سنوات وعاد ليزورها من جديد، على رأسها الأسعار التى تضاعفت بصورة كبيرة، لم تكن بسبب ارتفاع سعر الدولار فى مصر..وإنما بفعل ما شهدته أمريكا فى الفترة الأخيرة بعد وباء كورونا وتداعيات العمليات العسكرية بين روسيا وأوكرانيا.

مثلاً أجرة السيارة الأجرة.. تضاعفت مرتين عما كانت عليه.. والجواب يأتيك صادما حينما تسأل عن سبب هذا التضاعف.. بأن لتر البنزين ارتفع لتصبح أسعاره وفق نوعه ما بين 4 إلى 6 دولارات للتر الواحد.. بمتوسط 180 جنيها للتر بحساب الجنيه المصرى!! زجاجة المياه فى الماكينات الموجودة فى الشوارع وصلت إلى 3 دولارات للعبوة الواحدة بما يوازى 75 جنيها!!.

الأولى التى تستقبلك واشنطن لابد أن تحبس أنفاسك فأنت مُقدم على دولة الأسعار المعيشية

للوهلة فيها تجاوزت كل الحدود.. ولابد أن تكون هناك قرارات حكومية ساعدت المواطن الأمريكى على تحمل هذا الارتفاع الجنونى للأسعار.. وسرعان ما تأتيك الإجابة بالنفى، وأن المرتبات لم تتحرك بالقدر الكافى.. الذى يتلاءم أو يسد جانبا من هذا الارتفاع.. بل أصبحت الأسرة المكونة من أربعة أشخاص مطالبة جميعاً بأن تعمل ليصبح للأسرة دخل يكفيها للمعيشة سواء دفع إيجار السكن أو الطعام أو الملبس أو المواصلات.. وإلا لن يقدروا على استكمال الحياة وفق هذا الغلاء الذى اجتاح السوق الأمريكى.

جولة سريعة داخل متجر لبيع المواد الغذائية تعكس لك.. مدى الزيادة الكبيرة فى الأسعار.. فمثلاً علبة الزبادى وصل سعرها إلى 5 دولارات.. رغيف الخبز وصل إلى ٦ دولارات.. وزجاجة الزيت أصبحت بـ ١٥ دولارا.. وإذا ذهبت إلى أى مطعم فإن الوجبة الواحدة تكلفك ما بين ٤٠ إلى ٦٠ دولارا.. لتصبح الحياة هناك وفق هذه الأسعار مقلقة للأمريكى الذى لا يجد حلاً سوى البحث عن عمل اضافى لعمله الأصلى ليوفر دخلاً جديداً يُعينه على زيادة الأسعار الكبيرة التى حدثت فى الآونة الأخيرة.

هناك تسمع فى كل دقيقة أصوات سارينة سيارات الإسعاف تجوب الشوارع فتشعر بأن الخدمة الصحية المقدمة للمواطن الأمريكى على مستوى عالٍ ولكن زميلى المصرى الذى يعيش هناك همس فى أذنى «نعم إنها خدمة مميزة.. ولكن بعد أن تنقل السيارة المريض إلى المستشفى ترسل له إدارة هذه السيارات مطالبة بمبلغ يقترب من ألفى دولار فى مقابل تقديم الخدمة!».. فعلا وجههى اندهاش كبير.. حيث كنت أتصور أن هذه الخدمة مجانية.. فما بالك بالعلاج الذى حدث عنه ولا حرج.

حدث ولا حرج.. فقد احتاج زميل لنا بعضا من الأدوية فقرر أن يشتريها من هناك تحت فكرة الدواء الأجنبى أكثر فاعلية.. وتشبعاً بعقدة الخواجة بالرغم من توافر هذه الأدوية فى مصر.. طلب هذا الزميل قائمة الأدوية من 

نعم إحدى الصيدليات.. التى قامت مشكورة بإرسالها حيث مقر إقامتنا.. وهنا كانت المفاجأة.. حيث كان على الزميل دفع مبلغ سبعة آلاف ونصف دولار فى مقابل هذه الأدوية.. بينما هو يشتريها فى القاهرة بمبلغ لا يتجاوز ألفا ونصف الألف جنيه.. واضطر زميلى للدفع مضطراً بعد وصول الأدوية.. بالرغم من محاولات منه للاعتذار عن الشراء.. إلا أن محاولات التنصل من طلبه باءت بالفشل وأصبح مضطراً للدفع وهو حزين، لأنه انساق وراء عقدة الخواجة.
خلال جولتنا بالسيارة التى كانت بصحبتنا فى شوارع واشنطن.. أعجبتنى السيارة وهى من النوع الأمريكى فتساءلت عن سعرها، فأجابنى السائق بأن أسعار السيارات ارتفعت بصورة 

كبيرة.. وأن هذه السيارة بلغت ٤٠ ألف دولار بعد أن كان سعرها لا يتجاوز ٢٥ ألف دولار.. وأضاف: ولكن من الصعب أن تجدها بالسعر الحالى.. لأن

عليك، إذا أردت شراء واحدة جديدة، أن تدفع فوق السعر المعلن من الشركة المصنعة ما يقرب من ٢٠ ألف دولار زيادة!!

لأن المصانع أصبحت لا تنتج القدر الكافى من السيارات التى يحتاجها السوق، والتجار يتلاعبون فى الأسعار ويضيفون أرقاماً كبيرة على أسعار السيارات لمن يرغب فى شراء سيارة جديدة.
كانت الانطباعات التى خرجت بها من زيارتى لواشنطن.. بعد ثمانية أيام قضيتها هناك، رصدت 

تلك فيها المتغير الحقيقى الذى حدث فى الحياة الأمريكية بعد وباء كورونا والعمليات العسكرية بين روسيا وأوكرانيا.. تلك هى النتائج.. وتلك هى الحياة التى يمر بها العالم الذى لا يعرف ما هو قادم.. وماذا سيحدث فى العام الجديد.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة