المنتصر بالله ، شارلي شابلن ، جرج سيدهم
المنتصر بالله ، شارلي شابلن ، جرج سيدهم


الجانب الحزين في حياة «صناع البهجة»

آية عبدالمقصود

الجمعة، 23 ديسمبر 2022 - 11:12 م

بعد ما يقرب من 50 عام على رحيله، يعود تشارلي تشابلن مرة أخرى لخشبة المسرح، من خلال العرض المسرحي "تشارلي تشابلن"، الذي كتبه د. مدحت العدل، ويلعب دور البطولة الفنان الشاب محمد فهيم، الذي طالما كان يحلم بتجسيد شخصية تشارلي، الرجل الذي صنع البسمة على وجوه سكان كوكب الأرض في النصف الأول من القرن العشرين، لكن حياته كانت مأساوية بكل المقاييس..

لم تكن حياة تشارلي تخلو من الجانب المظلم الذي حاصر عدد كبير من الفنانين فقد كانت حياته مليئة بالبكاء منذ نعومة أظافره على الرغم من اضحك الملايين من جمهوره ومحبيه ، إلا أنه  أخفى همومه وتعاسته وفقره ويتمه في قبعته السوداء يحولها كالساحر بلمسة عصاه إلى نجاح و عبقرية وعظمة .

كان دائما ما كان يتحدث على أن  طفولته تشبه الطفولة التي رسمها الروائي الإنجليزي "تشارلز ديكنز" في رواياته، حيث يذهب الطفل شارلي الى الملجأ لعدم وجود منزل يأويه وبعد الملجأ، عمل بعض الوقت صبي حلاق .

وقد عانى تشارلي في طفولته من انفصال الأبوين، فعاش مع والدته في فقر مدقع وظروف صعبة، خاصة بعد أن فقدت الأم عملها في المسرح نتيجة لإصابة حبالها الصوتية، كما أضطر للعمل مع أخوه الأكبر غير الشقيق، سيدني، في مسح الأحذية، وبعد سنوات تأزمت ظروف العائلة، ولم تعد والدة تشابلن قادرة على رعايته هو وأخوه، فقررت السلطات وضع تشابلن وسيدني في ملجأ الفقراء في “لامبث”، ثم أنتقلوا بعد ذلك بعدة أسابيع إلى مدرسة “هانيويل” للأطفال الأيتام والمعدمين، وتوفى والده الذي كان مدمناً على الكحول عندما كان عمر تشارلي 13 عاما، وعانت والدته إنهيارا عصبيا لتوضع فيما بعد، بشكل مؤقت، في مصحة للأمراض العقلية.

اقرأ أيضًا | صبري عبدالمنعم: يونس شلبي ظُلم فنيا ولم يخرج كل طاقته

يقول تشارلي عن هذه المرحلة في مذكراته التي حملت عنوان "هذه حياتي": "تلك طفولة الوقوف أمام مصيرك، فقد كان علي أن أكبر وأن أتحمل المسئولية، وأن أفرغ إلى لقب يتيم قبل الأوان".
في أحدث كتاب للطبيب النفسي المعروف الدكتور ستيفن وايزمان، قال أن مصدر الحزن الحقيقي لتشابلن لم يكن بسبب الفقر والحرمان وطفولته الصعبة التي عاشها، بل في فقدانه لوالدته بالدرجة الأولى، لأن الذي فقده لا يعوض، فقد عانت والدته من أعراض مرض عقلي لم يفارقها، وكانت الأعراض تزداد ظهورا مع مضي السنين، وتزداد معها الرغبة في الإنسحاب من عالم الواقع، فكانت تمر عليها أوقات تعجز فيها عن التعرف على ولديها.

توفى تشابلن سنة 1977 عن عمر ناهز 88 عاما، حيث كان بمنزله في سويسرا، وترك أصدقائه ليأوى إلى فراشه تاركا الباب مفتوحا كي يشاركهم أفراحهم بعيد الميلاد، وفي الصباح عندما ذهبوا ليهنئوه بالعيد، كان قد غادر الحياة، عن عمر ناهز الـ88 عاما كانت مفعمة بالعمل والكفاح، مانح فيها ملايين البشر السعادة.

لكن حكاية تشابلن لا تتوقف هنا، فبعد وفاته مباشرة، سُرقت جثته في أحد أعياد الميلاد، في محاولة مباشرة للحصول على فدية من الأهل، لكن تمكنت الشرطة من إسترجاع الجثة بعد 11 أسبوع من البحث والقبض على المجرمين، وتحفظ جثة تشابلن الآن على بعد 6 أقدام تحت طبقة خرسانية، لكن حياة صانع الضحكة عالميا، تشارلي تشابلن، لم تكن الوحيدة الماساوية ضمن حياة صناع البهجة في العالم، خاصة في مصر. وإليكم أشهر النماذج على ذلك.

جورج سيدهم
رغم مسيرته المليئة بالأعمال الكوميدية على المسرح وفي السينما والتليفزيون، والتي أستمرت لأكثر من 50 عاما، إلا أنه في عام 1997 أصيب جورج سيدهم بجلطة في المخ نتج عنها حدوث شلل تام في الشق الأيمن من جسده، كما أثرت على مركز النطق، وكانت سبب هذه الجلطة هو خيانة شقيقه له عندما كان سيدهم متفرغا فقط لأموره الفنية، ويدير كافة أموره المالية شقيقه أمير منذ انطلاق مشواره الفني، وظل الأمر هكذا حتى فارق الحياة في 27 مارس عام 2020.

يونس شلبي 
عانى يونس شلبي من قسوة الحياة التي كان يكسوها ضحكا، وتعمد إخفاء معاناته عن جمهوره، وآثر أن يتجرع الألم وحده بعيدا عن الأضواء.
عاش شلبي أحزانا وآلاما كثيرة، أخفاها وراء ابتسامته البريئة وطلته الطيبة، كما عانت أسرته كثير من الأحزان والمصاعب، وكان الفقر والمرض هما عنوان نهاية يونس شلبي صاحب الوجه الطفولي، فبعد أن سطع نجمه طوال سنوات إلا أن أعماله بدأت في الانحصار في عدد من الأدوار الصغيرة، وما لبث أن أصيب بأمراض القلب والسكر وأجرى عملية قلب مفتوح وظل ملازماً الفراش لسنوات، حتى أضطر إلى بيع كل ما يملك لينفق على تكاليف علاجه، وكان يشكو من تجاهل زملائه في الوسط الفني، حتى أن زوجته طالبت الحكومة بعلاجه على نفقة الدولة، وظل هذا التجاهل الفني حتى وفاته عام 2007، ودفن بالمنصورة، حتى أن جنازته خلت من نجوم الوسط الفني. 

أمين الهنيدي
لم يكن فنان كوميدى عادى بل كان عبقرية كوميدية فذة  ، لكن النهاية كانت مأساوية لا تليق بالبداية المفعمة بالأمل والتفاؤل، حيث تمكن المرض من إنهاك جسده ، والذي عانى لفترة طويلة من سرطان  في المعدة وابتعد عن الوسط الفني وتراكمت عليه الديون ليدخل بعدها  في حالة اكتئاب شديدة كادت أن تفتك بحياته .
 وبعد ذلك صدر قرار بعلاج أمين الهنيدي على نفقة الدولة، إلا أن العلاج تكلف أكثر من المبلغ المحدد، لتحجز المستشفى جثمانه بعد الوفاة لحين سداد ألفين جنيه بسبب أن أسرته لا تملك هذا المبلغ، وليساهم زملائه في سداده، ويخرج جثمانه ليدفن لاحقا.

فؤاد خليل
استطاع فؤاد خليل أن يقدم الكوميديا بشكل مختلف من خلال كلماته وحركاته الشهيرة، ورسم الضحكة على وجوه كل محبيه، ورغم قدراته الكوميدية الكبيرة، كان قادرا على تجسيد العديد من الأدوار المختلفة أيضا ببراعة تامة، والدليل دوره الشهير في فيلم "التعويذة".

تدهورت الحالة الصحية لفؤاد في أواخر حياته، لكنه تحامل على نفسه لكي يشارك في أعمال سينمائية وتليفزيونية، وهو ما يتضح في مشاهده بفيلم "جاءنا البيان التالي" مع محمد هنيدي، عام 2002، وبعد إنتهائه من تصوير فوازير "عمو فؤاد" بشلل أو جلطة فضلا عن إصابته بمرض السكري، وقضى أكثر من 8 سنوات في نهاية عمره على كرسي متحرك حتى توفاه الله عام 2012.

سيد زيان
صاحب الضحكة الشهيرة، الذي حفر بأعماله تاريخا يتذكره الجميع، ساعده في ذلك نبرة صوته وعيناه اللامعتان وأدائه التمثيلي المميز.
مع بداية الألفية الجديدة في عام 2003، أصيب زيان بـ"جلطة في المخ"، أدت إلى إصابته بشلل نصفي، مما أبعده عن الأضواء لمدة 9 أعوام، وظل في منزله، وبعد تحسن حالته الصحية تعرض زيان لأزمة جديدة دخل على إثرها المستشفى للعلاج على نفقة الدولة وأصبح يسير متكأ على عصا.

المنتصر بالله
هو أحد كبار فناني الكوميديا المصرية، استطاع بخفة ظله وموهبته المتميزة أن يخلق لنفسه طريقا مختلفا وسط وجود عدد كبير من عمالقة الكوميديا وقت ظهوره، إلا أنه أثبت نفسه وموهبته ليكسب قلوب الجماهير في كافة أرجاء الوطن العربي.. تعرض المنتصر بالله لأزمة صحية منذ مطلع العام 2008، إذ أُصيب بجلطة في المخ، أبعدته عن التمثيل حتى رحل عن عالمنا،  بمستشفى مصطفى كامل العسكري، عن عمر يناهز 70 عاما. 


الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة