عمرو جلال
عمرو جلال


شهريار

حرق الشيطان

عمرو جلال

الأربعاء، 28 ديسمبر 2022 - 06:58 م

امسكت ورقة وكتبت بها كل الذكريات المؤلمة التى طالما راودتني خلال شهور مضت…أحضرت إناء معدنيا  و أشعلت بداخله النيران فى الأوراق مع قصاصات من ملابس قديمة وكمامة كنت احتفظ بها و تركت شفاط الهواء بالمطبخ يسحب الدخان المتطاير… لا تتعجب فتلك عادة يفعلها شعب جواتيمالا بأمريكا الوسطى حيث يقومون بذلك في الأيام التي تسبق العام الجديد وهى ممارسة شائعة يطلقون عليها اسم  (حرق الشيطان)…الهدف وراء هذا التقليد  السنوى هو تمهيد الطريق أمام دخول العام الجديد عن طريق إشعال النار في كل الذكريات المؤلمة والمخلفات القديمة من العام الماضي، والتي يؤمنون أن الشيطان يسكنها وتشترك الاسرة كلها في تلك العادة  …لا أخفى عليكم شعور السعادة الذى راودني فى البداية عندما شاهدت قائمة ذكرياتى المؤلمة مع الكمامة يحترقان…حظي العاثر جعل زوجتى تشتم رائحة الدخان المتطاير ..هرولت إلى المطبخ ونظرت لى  باندهاش ثم بدأت فى الصراخ … حاولت أن أشرح لها الأمر… استشاطت غضبا حتى احمرت عيناها …لم أعرف فى الحقيقة من أين يأتى الدخان؟… هل من الإناء المشتعل أم من «القمطة» فوق رأسها؟ …بعد قليل أدركت السبب…لقد  أمسكت زوجتى بألبوم صور زفافنا كان داخل حقيبة كنت قد احضرتها معى للمطبخ لأخرج منها الأوراق والقصاصات القديمة التى أود حرقها  داخل الإناء …هنا لم تفلح كل أيمان المسلمين فى جعلها تصدق أننى لم أكن أنوى حرق ألبوم الصور لأتخلص من ذكرى زفافنا للأبد!!…وبسرعة مثل أفلام الحركة ضربت بيدها فى الهواء ليهوى الاناء المشتعل على أرض فى محاولة منها للبحث عن قطع لم تحترق من الأوراق أو الصور كما تعتقد…ماذا تخفى عنى ها ؟ …ذكريات مؤلمة أم خيانات سابقة؟! …المجرمون فقط يحرقون دليل إدانتهم!..هل كتبت اسمى فى تلك الأوراق المحترقة؟…ألم تقل لى من قبل يا شيطانة؟…هل تريد حرقي؟ …أجبتها كان ذلك منذ ٧ سنوات مضت فى «ساعة شيطان وراحت»!… دقائق ثقيلة مرت دون اصابات بفضل الله هدأت العاصفة وخمدت النيران …ومكثت طوال الليل أصلح ما أفسده رماد ذكرياتى المؤلمة على جدران المطبخ و الإناء وكانت ليلة ضحك فيها الشيطان حتى استلقى على قفاه. 

 

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة