الخميس، 05 يناير 2023 - 02:35 م

تخوض الدولة معركة شرسة لمواجهة العشوائيات، تلك الآفة التي تؤرق محافظات مصر، بعدما ظلت تنتشر وتتشعب فى غياب آليات الرقابة عليها لتصبح مجتمعات متكاملة داخل الدولة، لكن الرئيس عبد الفتاح السيسي قرر اتخاذ قرار بالقضاء على العشوائيات رغم كافة التحديات التى تواجة الدولة المصرية، ليحقق الحياة الآدمية لساكنى العشوائيات، الذين افتقروا أدنى معايير الحياة الكريمة وسكن يحفظ لهم آدميتهم.

ترصد «بوابة أخبار اليوم» في جولة ميدانية ملامح تطوير سور مجرى العيون بمصر القديمة الشهير بمنطقة المدابغ سابقاً، وكيف تبدل به الحال لينفض غبار العشوائيات عنه ويصبح مدينه تحاكى تاريخاً يليق بحضارة مصر.

سور مجرى العيون يزدهر مجدداً 

"مباني يقترب لونها من صخور الجبل  الصفراء، صممت لكلا منهم بوابة تعبر عن هوية سور مجرى العيون، تتخذ شرفاتها شكل المشربية، لتشعر أنك فى حقبة زمنية تعود للعصر المملوكي، تشعر براحة بصرية عندما ترى المنطقة من أعلى  تتخذ شكلا تدريجياً فى ارتفاعات المبانى ليبقى مشهد سور مجرى العيون هو الأعلى وكأنه يحاط بالمنطقة ليحمى سكانها". 

تبدل المشهد من ورش ومصانع غير مرخصة تلقى بصرفها الصناعي المحمل بصبغات كيميائة ملوثة بنهر النيل وتنتشر بعشوائية بين جدران تلك السور الأثرى الذى يحمل طلال الحمام الفاطمى ومنزل أحمد بن طولون المُلقب ببيت الإمارة فقد تحول مع الوقت مرتعاً للبلطجية ومأوى للمدمنين مقتظاً بمخلفات الحقن والسرنجات.

أصبح سور مجرى العيون مدينة تحاكي تاريخ الدولة الأيوبية فى مصر الحديثة، والتى تأسست على يد  صلاح الدين الأيوبي، لا يصدق أحد المشهد عندما ينظر من أعلى كوبرى مجرى العيون ليرى التطور الحادث فى فى المنطقة التى أصبحت أشبه بـ"كمبوند " مصممة بمعايير البناء العالمي مع الحفاظ على الهوية التاريخية لسور مجرى العيون  .

اقرأ ايضاً: ‏‫نهاية العشوائيات الخطرة | القاهرة.. روضة السيدة تحاكي الطراز التاريخيي 

جولة ميدانية 

"العمال فى كل مكان يعملون على قدم وساق أشبه  بخلية النحل تعمل على مدار 24 ساعة مقسمة لثلاث ورديات، يرتدون قباعات لتحميهم من حرارة الشمس ويرتدون سترة الحماية، لا يشغلهم سوى إنجاز المهام المطلوبة منهم ولا يلتفت أحد لجولتنا فالجميع يعمل بحب وتفانى لإنجاز المهمة الوطنية التى إتخذها على عاتقه".

قمنا بجولة ميدانية بصحبة المهندس محمد زيادة "الاستشارى المعمارى على تنفيذ تطوير سور مجرى العيون" ليبرز لنا التفاصيل المتعلقة بالتصميم المعمارى  ليعبر عن فخره فى البداية أنه يشارك فى تطوير مشروع سور مجرى العيون، وهو منطقة عزيزة على أرض مصر لكنها بلغت من الإهمال منتهاه، وتدخلت الدولة بكل جرأة دون تردد  لتستأصل الإهمال من جذوره .

وأضاف أن المنطقة التي عُرفت بالمدابغ سابقاً عانت من التلوث البيئى الذى أضر بالإنسان والنبات والحيوان، فكان هدف المشروع هو تطوير شامل للإنسان والحجر، فتم تطوير صناعة الجلود ونقلها بمصانع مجهزة طبقاً للمعاير العالمية للتخطيط العمراني، تمثلت أول التحديات فى التخلص من الأصباغ الكيماوية التى تشبعت بها التربة وتم إزالة جميع المخلفات.

 تفاصيل المشروع 

وقال "زيادة" أن مشروع تطوير سور مجرى العيون يقام على مساحة 95 فدانًا وينقسم المشروع لشقين الأول سكنى والثاني تراثى ترفيهى فندقىي، يحتوى على  1924 وحدة سكنية و18 وحدة تجارية تتخلل العماير السكنية وتم مراعاة عدم اختراقها لخصوصية السكان، كما تم تصميم ممر خاص للزائرين يرُى  من خلالة كافة تفاصيل المكان من محال تجارية ومحاكاة لسور مجرى العيون، ليشعر بالدفء والحنين للماضى من خلال الحفاظ على الهوية التاريخية لكافة التفاصيل عند تصميم المباني.

واستكمل "زيادة" حيث بدأنا بعمل تأكيد للمداخل الخاصة بالعقارات السكنية لجعل كل مدخل يشبه الوحدات التى يتكون من سور مجرى العيون، وتصميم أرض المدخل بأرضية تشبة حجارة "الهشم"، لتصبح محاكاة لشكل وملمس الحجر الأثري، معبراً عن انزعاجة من تردد الإشاعات بأن مصر سوف تهدم السور، فكيف تهدم الدولة أثر تاريخي ليس له مثيل على مستوى العالم.

ووصف تطوير المشروع بالحداثة التى لم تنفصل عن التاريخ المصرى، لعمل  خلط بين الماضى والحاضر أى التطوير مع الحفاظ على الهوية، ورغم الأزمات التى تمر بها مصر إلا انها لم توقف العمل لحظة .

الوحدات السكنية بأحدث معايير هندسية 

واستكملنا الجولة داخل إحدى البنايات السكنية والصعود بين طوابقها لنرى بأعيننا المواصفات الداخلية للوحدة السكنية، لنجد ها مصممة على أحدث المعايير الهندسية، من فتحات للتهوية داخل كل غرفة، ومصممة جميعها ليتخللها ضوء الشمس حيث تمتد العمارة السكنية على مساحة 600 متر مربع ومقسمة لأربع شقق ومزودة بعدد 2 مصعد كهربائى "الأسانسير"، والوحدة السكنية مزودة بثلاثة غرف وثلاث حمامات.

وأضح المستشار المعماري محمد زيادة أنه تم مراعاة تخصيص صرف خاص لمبردات الهواء "التكييف" وتخصيص منفذ خاص له للصيانة  من "المنور " حتى يحفظ للسكان خصوصيتهم، ومزودة بكافة الخدمات من كهرباء وصرف وغاز طبيعى ووحدات للتحكم وشبكات الـ IT
كما تم معالجة الأسطح حرارياً  لعزل الرطوبة والحرارة، ليشعر ساكنى الطابق الأخير انه مثله مثل أى طابق داخل العمارة السكنية، تم تصميمها بأعلى المعايير الهندسية لتحدث "كسر للحرارة" ولا يتأثر الطابق بدرجة الحرارة.

سيجد الزائر القادم من طريق صلاح سالم ممرخاص للتجول، عند السير به سيرى المحال على يمينه وشماله ووحدات تحاكي سور مجرى العيون وكافيهات ومولات ومسرح وسينما ومساحات مغطاه من النباتات الخلابة، سيجد الزائر مشهد شديد البهجة ومكان للتصوير والراحة البصرية.

وهناك أنفاق مخصصة لسير السيارات التى تتجه للمول مزود بجراج يستوعب 1355 سيارة، كما أن هناك فندق  داخل المول، وسيجد الزائر محال تحاكي التراث المصرى والحرف اليدوية التى تؤكد على الهوية التاريخية، وهناك ممر يصل للمسرح المكشوف ومزود بنافورات راقصة.