صورة تعبيرية
صورة تعبيرية


«أنيس دولة».. أسير فلسطيني جثمانه لا يزال محتجزًا في سجون الاحتلال منذ 43 سنة

أحمد نزيه

الإثنين، 09 يناير 2023 - 03:51 م

داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، الكثير من القصص والروايات حول مناضلين ضربوا أروع آيات البطولة في وجه السجان الإسرائيلي؛ «منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر»؛ وفي مقابر الأرقام، التي تحجز فيها إدارة سجون الاحتلال جثامين لشهداء فلسطينيين من الأسرى وترفض الإفراج عنهم أو الكشف عن هويتهم، أسيرٌ فلسطينيٌ يُسمى أنيس دولة، لا يزال محتجزًا في سجون الاحتلال، رغم مرور أكثر من 4 عقود من الزمن على وفاته داخل سجون الاحتلال. 

وقضى الأسير أنيس دولة نحبه في صيف عام 1980، دون أن يتمكن أهله حتى اللحظة من تسلم الجثمان ودفنه، ليخفي الاحتلال معالم جرائمه، وهو لا يزال يخشى خروج الجثمان، كي لا تظهر حقائق تفضحه أكثر بحق ما يرتكبه تجاه الأسرى الفلسطينيين.

اقرأ أيضًا: خاص| مقابر الأرقام.. معاناة الفلسطينيين مع الاحتلال «فوق الأرض وتحت التراب»

قصة الأسير أنيس دولة

وفي غضون ذلك، يقول عبد الناصر فروانة، رئيس وحدة الدراسات والتوثيق في هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية، إن أنيس محمود دولة هو أسير فلسطيني اعتُقل في الثلاثين من يونيو عام 1968، وسقط شهيدًا في سجن عسقلان الإسرائيلي بتاريخ 31 أغسطس 1980، مشيرًا إلى أنه ما زالت سلطات الاحتلال الإسرائيلي تُصر على احتجاز جثمانه، فتُبقيه أسيرًا لديها، وترفض الاعتراف أو الإعلان عن مكان احتجازه، فهي تخافه وهو تحت التراب، وتخشى ظهوره حتى وإن كان جثة هامدة.

ويشير فروانة إلى أن أنيس دولة كان فلسطينيًا من مدينة قلقيلية ومن مواليد 1944، وينحدر من عائلة مناضلة بكل ما تعنيه الكلمة من معاني، ويعتبر من الأوائل الذين انتموا لصفوف الثورة الفلسطينية من خلال الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ليتحمل عبء المطاردة والملاحقة ومهام التموين والتزويد بالسلاح، كما شارك في العديد من العمليات الفدائية، إلى أن اعتُقل في الثلاثين من يونيو عام 1968 بعد اشتباك غير متكافئ مع قوات الاحتلال، وتعرض لصنوف مختلفة من التعذيب الجسدي والنفسي، وحكم عليه بالسجن الفعلي المؤبد (مدى الحياة).

ويروي فروانة قائلًا: "منذ اللحظات الأولى لاعتقاله (أنيس دولة) تأقلم مع إخوانه ورفاقه، وتكيف مع الواقع المرير في السجون بحثًا عن أشكال جديدة للنضال في ساحة جديدة كما اعتبرها، فمارس دوره النضالي والوطني من أجل التغيير والتطوير وانتزاع الحقوق الإنسانية الأساسية. فأجاد استغلال الوقت في تطوير ذاته والارتقاء بإمكانياته، والتأثير على من هم حوله بأفكاره الثورية وتطلعاته المشروعة، فأثر وتأثر، هكذا هو حال السجن، ونسج علاقات واسعة مع الجميع على اختلاف انتماءاتهم الفكرية والتنظيمية، وشاركهم الحياة بكل معانيها وهمومها، ولم يتخلف عن مشاركتهم في الخطوات النضالية والإضراب عن الطعام، وما تُسمى «معارك الأمعاء الخاوية» بالرغم من الضعف الجسدي وما كان يعانيه من أمراض لاسيما مرض القلب، فاشترك في إضراب عسقلان الشهير أواخر عام 1976 حتى بدايات عام 1977 لمدة شهرين تقريبًا على فترتين تفصلهما أيام معدودة، مما تسبب له بالعديد من الأمراض تحولت مع الوقت لأمراض مزمنة سببت له العديد من الآلام والمشاكل الصحية".

ويتابع: "وفي تموز (يوليو) عام 1980 انطلق إضراب نفحة الشهير ذودًا عن الكرامة ومن أجل تحسين شروط الحياة الاعتقالية، ولاحقًا هبَّت السجون دعمًا وإسنادًا وتضامنًا، وعلى الرغم من مرضه وآلامه المتفاقمة، ومحاولة إخوانه الأسرى ثنيه عن المشاركة، إلا انه أصّرَ على المشاركة في الإضراب في سجن عسقلان، رافضًا استبعاده أو استثنائه. فتدهورت أوضاعه الصحية أكثر وتضاعفت آلامه وحاول مسؤول عيادة السجن مساومته بفك الإضراب مقابل إعطائه العلاج، ولكنه رفض المساومة، وأصر على مواصلة المعركة والالتصاق بإخوانه بكل كبرياء وشموخ رغم إدراكه وإحساسه بأنه يعد أيامه الأخيرة، إلا أنه فضل الموت وقوفًا كالأشجار".

تصرف الاحتلال

وبحسب فروانة، فقد تعمدت إدارة السجن تجاهل الأسير أنيس دولة ومرضه والإبطاء في تقديم الرعاية الطبية له، كما لم تُبذلُ أي جهد يذكر بهدف إنقاذ حياته، إلى أن فارق الحياة بعدما شعر بوخزة في الصدر فسقط متكئًا على جدار باحة سجن عسقلان بتاريخ 31 اعسطس 1980، لتنقله جثة هامدة إلى قبر مجهول لا يُعرف عنه شيئًا إلى حد الآن.

ويؤكد فروانة، لـ«بوابة أخبار اليوم»، أن الأسير أنيس دولة لا يزال أفراد من عائلته على قيد الحياة، وهو إلى حد الآن يطالبون بالإفراج عن جثمانه المختفي بمعرفة سلطات الاحتلال. 

أنيس دولة هو أسير من بين عديد الأسرى، الذين لا تزال سلطات الاحتلال تخفي جثامينه، وآخرهم الأسير ناصر أبو حميد، الذي ارتقى شهيدًا في سجون الاحتلال بعد معركة شرسة خاضها ضد المرض والسجان في آنٍ واحدٍ، لينتهي عذابه في 20 ديسمبر الماضي، بأن فاضت روحه إلى بارئها.
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة