محمد البهنساوي
محمد البهنساوي


محمد البهنساوي يكتب: السفيه وماء زمزم !!

محمد البهنساوي

الإثنين، 09 يناير 2023 - 07:27 م

هل تعرفون واقعة الأعرابي الذى بال فى بئر زمزم علانية أمام الحجيج وبرر فعلته المشينة قائلا: «حتى يذكرنى الناس ولو باللعنات ويقولون هذا الذى بال فى بئر زمزم!»، تذكرت تلك الواقعة وأنا أتابع الهجوم على فضيلة الإمام متولى الشعراوى، قد يكون التشبيه صعبا وغير مستساغ لكن هذا ما جال بخاطرى وأنا أتابع حملة لا أدرى سببا منطقيا وعقلانيا أو دينيا لها.

لنتفق بداية أنه لا قدسية أو عصمة لأحد بعد نبى الرحمة سيدنا محمد، وكل اجتهاد بالدين بعده قابل قطعا للمناقشة والتمحيص بما فى ذلك ذكرى صحابته الكرام، فكل من بعد النبى بشر يصيب ويخطئ، والمناقشة الموضوعية المجردة لهذا الاجتهاد تثرى جهود تجديد الخطاب الدينى وتطويعه لمواكبة مطلوبة لكل تطور، لكن أن يتحول النقد المباح الى ستار للسب وإثارة فتنة نحن فى أشد الغنى عنها، فهذا ما يجب التوقف عنده.

ويعلم المنصفون أن الشيخ الشعراوي له فضل كبير فى نشر التسامح والوسطية ونقل صحيح الدين لشريحة من البسطاء لم تكن لتفهمه إلا بأسلوبه وطريقته، ولمن يتهمه بأنه زرع بذور التطرف والإرهاب الدينى المقيت، فهذا إفك وباطل يراد به باطل كذلك، ولو راجعوا بموضوعية مواقفه-وبالتأكيد يعلمونها-لأدركوا أنه حمى المسلمين جميعا من التطرف، وأن جهده هنا لا يضاهيه أحد حتى أولئك المتشدقون بالتمدين والمتمسحون زورا بالعلمانية.

لنتذكر المؤتمر الصحفى الشهير الذى عقده بعض الشيوخ للرد على دعوات تكفير المجتمع واتهام مصر بما ليس فيها من التفريط فى الدين وثوابته، ومازلنا نتداول كلمة الشيخ الشعراوى بهذا المؤتمر التى كانت الأكثر تأثيرا فى الناس وانفعاله ضد المتطرفين وأفكارهم الشاذة، وكيف دافع مستميتا عن وسطية مصر وسماحتها ودورها التاريخى فى الدفاع عن الإسلام ونشر تعاليمه السمحة وفضلها فى تعليم صحيح الإسلام حتى للبلد الذى نزل به، كما تناسوا بعمد او بغرض ومرض أن الوقت الذى كان الشعراوي قريبا من بسطاء المسلمين فى العالم هو نفسه الوقت الذى شهد توهج الحركات الأشد تطرفا فى تاريخ الإسلام، وكاد الناس أن يفتنوا من كم ما حاولت تلك التنظيمات بثه فى العقول بدءا من الإخوان المسلمين والجماعة الإسلامية والتكفير والهجرة والشوقيين وغيرهم، وتغلغل تلك التنظيمات فى جذور مجتمعنا لتسميم أفكاره من منبعها، هل ننسى مقاومة الشعراوى لهذا الطوفان من الفتاوى الشاذة وله فضل لا يقارن فى حماية العقل الجمعى لمجتمعنا والحفاظ على الهوية الإسلامية الوسطية السمحة.

هل معنى هذا أن الشعراوى مع احترامنا له مقدس أو منزه من الخطأ، بالطبع لا وألف لا، وأنا أحد المعجبين بهذا العالم الجليل لى مآخذ عليه ورفض لبعض ما كان يذكره والوقوف بالتدبر أمام بعض تفسيراته، وقفة لا تمنعنى من الاستمرار والاستزادة من دروسه وعلمه أنتقى منها ما يقنعنى وأترك ما لا أستسيغه.

إن المهاجمين للشيخ يعلمون شعبيته الجارفة وسط المصريين جميعا، ألم يفكروا فى نتيجة هجومهم، فإما يشكك الملايين فى صحيح دينهم ليبحثوا عنه بمشارب أخرى قد توقعهم من جديد فى براثن التطرف، أو يبادروا بالرد بنفس الأسلوب ليدخل المجتمع فى فتنة جديدة لا أدرى هل هى الهدف من هذا الهجوم؟!

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة