صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


«برغيف خبز».. جثث ملايين الأطفال على مائدة قادة العالم

أحمد الشريف

الجمعة، 20 يناير 2023 - 04:32 م

ملايين الأطفال الآن ما أن تلملم الشمس خيوطها ويفرش الليل ظلمته في سماء العالم، يخلعون أصابعهم ويدفنونها تحت وسادتهم خشية أن يقطعون بأسنانهم أصبع وراء أصبع من شدة الجوع، ما دفع الأمم المتحدة لإطلاق نداء تحت عنوان: «قبل فوات الأوان»، تناشد فيه إنقاذ 30 مليون طفل من الجوع، في 15 بلدا تعاني من أزمة غذاء، مبينة أن أكثر البلدان تضررا كانت أفغانستان والسودان واليمن.

شبح الجوع يرفرف فوق 828 مليون شخص
ولأننا نعيش في عالم غريب حيث يمشي الفقراء أميالا ليحصلوا على الطعام، ويمشي الأغنياء أميالا ليهضموا الطعام، أفاد تقرير سابق للأمم المتحدة قدم أدلة جديدة على أن العالم يبتعد أكثر فأكثر عن تحقيق هدف القضاء على الجوع وانعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية بجميع أشكاله بحلول عام 2030، مؤكدة أن عدد الأشخاص الذين يعانون الجوع في العالم قد ارتفع إلى حوالي 828 مليون شخص في عام 2021، أي بزيادة قدرها نحو 46 مليون شخص منذ عام 2020 و150 مليون شخص منذ تفشي جائحة كورونا في عام 2019. 

 

ويبدو أن عبودية الإنسان للإنسان أصبحت واقعا مريرا بـ «رغيف خبز»، لأنه في الوقت الذي يموت فيه شخص من شدة الجوع، هناك آخر في ذات اللحظة يموت من فرط الشبع، ورغم التزام قادة العالم بهدف طموح للغاية وهو القضاء على الجوع بحلول عام 2030، إلا أن هذا الهدف أصبح بعيد المنال الآن من أي وقت مضى، ويرجح أن يتدهور الوضع أكثر في عام 2023، وفق المدير العام لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة «الفاو» شو دونيو.

الأمم المتحدة.. دعم بلا تأثير
وعن حقيقة الأزمة في اليمن، تواصلت «بوابة أخبار اليوم» مع د. نبيل عبد الحفيظ وكيل وزارة حقوق الإنسان باليمن، الذي قال إن نداء الأمم المتحدة حول المعاناة التي يلاقيها أطفال اليمن من مجاعة هو بيان متكرر منذ بداية الحرب، مشيرا إلى أن الأمم المتحدة تتحدث عن ذلك وعن ارتفاع نسبة الفقر منذ أكثر من 7 سنوات، ولا يخلو من الصحة في ظل الحرب وهناك أزمة حقيقية وحالة فقر متزايدة ولكن لابد أن نقف أمام سؤال، وهو: ماذا حققت الأمم المتحدة من وراء هذه البيانات؟.

 

وأضاف وكيل وزارة حقوق الإنسان باليمن، أنه كل عام يكون هناك مؤتمر يسمى أصدقاء اليمن تقوم فيه الأمم المتحدة بعرض هذه الأزمة وتطلب من دول العالم دعمها للأموال لتعطيها لمنظماتها من أجل تخفيف المعاناة في اليمن، وما يحدث أنها تحصل كل عام على مليار ونصف أو مليارين ونصف دولار تعطيها لمنظماتها لكن نجد أن الأزمة مستمرة، وما تقدمه الأمم المتحدة حتى الآن لم ينهي هذه الأزمة على الإطلاق، ولذلك يجب أن ننظر إلى الموضوع بأن القضية ليست قضية بيانات، ولا تحركات غير مجدية، نحن نقول هنا أننا أمام احتياج لاستراتيجية حقيقية تنشأ ما بين المنظمات الدولية والحكومة اليمنية للعمل على الأرض من أجل تخفيف هذه المعاناة إذا كنا نريد بالفعل أن نحقق أرقاما إيجابية عاما بعد عام، أما ما يحدث على الأرض حاليا فهو لا يؤدي إلى أي نتائج خاصة إذا علمنا أن هذه الأموال تذهب بنسبة 70% إلى اللاشئ، في حين أنه لا يصل إلى المواطن اليمني سوى 30% فقط.

 

ولفت إلى أن هناك جهود كبيرة تتم خاصة إذا تحدثنا عن الدور الذي تقوم به دول التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن وفي مقدمة هذه الدول السعودية والإمارات والكويت، بالإضافة إلى جهود دول أخرى يأتي من ضمنها جمهورية مصر العربية، وهي جهود على الأرض نعتقد أنها أكثر جدية لكنها بالتأكيد بحاجة إلى تحركات أكبر، وأيضا الإشكالية اليوم هي أن الموارد التي تصل للحكومة من مواردها الطبيعية كانت تساهم بشكل أو بأخر لكن توقف عمليات التصدير والنقل يشكل أزمة جديدة في إطار الأزمة الإنسانية في اليمن.

 

بالنسبة للاستجابة لنداءات الأمم المتحدة، أوضح أن مؤتمرات ما يسمى بأصدقاء اليمن أصبحت أقل فيما تقدمه، مرجعا ذلك إلى سببين، الأول هو أن الدول تلاحظ أن مستوى الإنجاز لا يصل إلى المستوى المأمول، والثاني هو أن الأمم المتحدة أصبح لديها استراتيجية الصراخ في نهاية كل عام من أجل حشد الموارد دون أن يكون هناك تقييمات على قدر المستوى المطلوب.

 

الحل.. إيقاف الحروب
واستطرد، بأن المجتمع الدولي قادر على وضع آليات لإنهاء الأزمة أو التعامل معها لكن هذه الآليات لابد أن تكون متوافقة وبخطط استراتيجية مشتركة مع أصحاب الشأن، بمعنى أن يكون للحكومات دور حقيقي في إنتاج هذه الاستراتيجيات وخطط العمل بالإضافة إلى إشراك المجتمع المحلي بشكل جاد وحقيقي، مؤكدا أن هذه سيساهم في إنجاح هذه الاسترتيجيات ولكن لابد أن يكون هنا عملية تقييم حقيقية ودائمة حتى نستطيع معالجة أي إخفاقات أو تحركات غير صحيحة.

 

وأشار وكيل وزارة حقوق الإنسان اليمنية، إلى أن الحرب الروسية الأوكرانية شكلت محورا أساسيا في أزمة الغذاء التي اجتاحت العالم، لذلك يجب أن يكون هناك تحرك حقيقي لإنهاء الحروب والجرائم والانتهاكات والجماعات الإرهابية خير من التحركات من أجل القضايا السياسية الكبرى التي تسعى من خلالها الدول للبحث عن مناطق تستطيع أن تستنزفها بشكل أو بأخر، مبينا أنه لا توجد نوايا حقيقية لإيقاف الحروب في مناطق العالم الثالث.

 

السودان.. أزمة سياسات
أما عن أزمة نقص الغذاء في السودان، أوضح مكي مغربي الكاتب والمحلل السياسي السوداني، أن الحكومة السودانية لم تقدم للمنظمات والعالم شرحا حقيقيا للأمر، مشيرا إلى أن الغذاء من ناحية الكمية فهو متوفر لدرجة خسارة المزارعين بسبب الكساد وتدني الأسعار، حيث هبطت أسعار الطماطم مثلا لدرجة أن سعر ترحيلها بات أغلى منها، وباعها مزارعو مشروع الجزيرة – وهو مشروع في وسط السودان بين النيلين الأزرق والأبيض في السهل الطيني الممتد من منطقة سنار إلى جنوب الخرطوم - برخص التراب، والسبب هو عدم استيعاب قطاع الصناعات الغذائية لوفرة المحاصيل في مواسمها، كما أن البصل محصول خاسر الآن، رغم أنه عالي الجودة وقابل للتصدير ولكن شركات التصدير متوقفة بسبب عدم استقرار السياسات الاقتصادية والسبب هو اضطراب الحكومة والصراعات المريرة بين الجميع ضد الجميع.

 

وشدد مغربي، في تصريحات خاصة لـ «بوابة أخبار اليوم» عبر الهاتف من العاصمة السودانية الخرطوم، على أن مشكلة السودان الغذائية في إدارة المنتجات وتسويقها، مبينا أن الحل ليس في الإغاثة بل في المساعدة على الاستقرار السياسي.

 

ولفت مكي، إلى أن المجتمع الدولي غير قادر البتة على حل مشكلة الحرب في أوكرانيا، وغير قادر على جمع الدول في خطة دولية من أجل الأمن الغذائي، ولكن في ذات الوقت يرى أن هناك بصيص أمل في رئاسة الهند لمجموعة العشرين، حيث أنها هي دولة تتمتع بعلاقات جيدة مع روسيا وأمريكا، وربما تنجح في التوسط أو التهدئة.

 

حركة طالبان.. الأزمة والسبب
فضل القاهر قاضي صحفي وباحث أفغاني، أبدى حزنه الشديد لتصدر بلاده قائمة الدول الأكثر تضررا بالأزمة، محملا حركة طالبان الحاكمة في البلاد المسؤولية كاملة عن تلك أزمة الغذاء، مشيرا إلى أن طالبان لم تنجح في إنقاذ البلاد من أزمتها الاقتصادية، وركزت خلال فترة حكمها التي تجاوزت عاما ونصف على تجريد النساء من حقوقهن، متراجعة عن كافة التعهدات الدولية التي أقرتها على نفسها سابقا.

 

وفيما يتعلق بالمساعدات الإنسانية الممنوحة لأفغانستان، رأى قاضي، في تصريحات خاصة لـ «بوابة أخبار اليوم» عبر الهاتف من العاصمة الأفغانية كابول، أنها تراجعت بشكل كبير جدا نتيجة سياسات طالبان، لافتا إلى أن العقوبات الموقعة على الحركة سواء من جانب الولايات المتحدة أو المنظمات الحقوقية والإنسانية الدولية تؤثر بشكل مباشر على المواطن الذي يعاني من تدهور مستواه المعيشي ولا يحصل في الوقت الحالي على أية مساعدات تعينه على العيش.

 

وأكد أن الوضع المعيشي متدهور مع التغيرات التي حصلت في البلاد خاصة مع سقوط الحكومة الأفغانية السابقة، وتسلم حركة طالبان السلطة وبالتالي، الوضع الاقتصادي صعب ومن يدفع الضريبة هو المواطن الأفغاني، وبالتالي ليست مستثناه من أزمة الغذاء العالمية وهناك تحذيرات من الأمم المتحدة بأن نصف سكان البلاد أو أكثر يعانون من انعدام الأمن الغذائي وهذه أزمة حقيقية وبالتالي يستدعي تحرك واضح، ولا اعتقد أن المجتمع الدولي تستطيع أن تجد التوافق في حل الأزمة وخاصة أن هناك انقسام في المجتمع الدولي حيال التعامل مع حكومة الأمر الواقع طالبان.

 

تفاقم أزمة الغذاء في أفغانستان
وأوضح أن موجة البرد الجديدة أدت إلى إغلاق نقاط الوصول إلى المناطق النائية في أفغانستان، حيث يوجد بالفعل نقص في الأدوية والمواد الغذائية، مشيرا إلى تضرر المحاصيل الشتوية بشدة وخاصة الخضروات مما أدى إلى تفاقم أزمة الغذاء في أفغانستان، مستطردا أن تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية تلقي بظلال ثقيلة على كافة دول العالم بلا استثناء، وضمنها أفغانستان حيث تشهد الاقتصاديات الكبرى معدلات غير مسبوقة من التضخم، ونقص في المواد الأساسية خاصة مشتقات البترول.

 

وأشار إلى أن الحرب الروسية الأوكرانية تسببت منذ بدايتها في فبراير الماضي، في تقليص حجم المساعدات الإنسانية من الأمم المتحدة التي كانت تمر عبر الموانئ الأوكرانية من الوصول إلى الدول الإفريقية وكذلك أفغانستان التي تعاني معدلات متفاوتة من الفقر المدقع.

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة