هالة العيسوى
هالة العيسوى


من وراء النافذة

زيارة «السيد المهذب»

هالة العيسوي

الأربعاء، 01 فبراير 2023 - 06:56 م

يطلقون عليه فى إسرائيل «السيد المهذب»،  إنه وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن،  يصفونه بأنه الدبلوماسى المهذب الذى لا يعرف كيف يطرق على الطاولة! كناية عن عدم استخدامه لغة التهديد، أو إصبع التحذير، لتوصيل رسالته، وانتقائه ألفاظه التى تعكس موقف بلاده على نحو هادئ،  هم محقون، فالسيد المهذب مجامل إلى أقصى حد. 

من القاهرة، قبل ساعات من زيارته لهم، وبينما هو يحث مصر على ممارسة نفوذها والتدخل لوقف التصعيد فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، كان تصريحه غاية فى الإنسانية حين أدان قتل الأبرياء «عمومًا» وكأنه كان يشير إلى الأبرياء من كلا الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى، أو افهمها أنت كما يحلو لك،  لكنه حين توجه بعدها إلى إسرائيل، علق على حادث القدس الذى أطلق فيه الشاب الفلسطينى خيرى علقم النار على سبعة إسرائيليين وقتلهم، بإدانة «مهذبة» فوصفه بالحادث الإرهابى المخيف، مؤكدًا على تضامن بلاده مع تل أبيب والتزامها بأمنها، معترفًا بحقها فى الدفاع عن هذا الأمن، فى إشارة تأييد «مهذبة أيضًا « لمجزرة جنين التى قامت بها قوات الاحتلال الإسرائيلى فى مخيم جنين قبل أقل من يوم، وقتل فيها عشرة فلسطينيين دفعة واحدة بحجة البحث عن ثلاثة مطلوبين واعتقالهم، وهدمت المنازل على رؤوس سكانها. 

وحين قابل الرئيس الفلسطينى محمود عباس فى رام الله، قدم «السيد المهذب»  تعازيه، وعبّر عن حزنه لمقتل فلسطينيين أبرياء فى أحداث تصعيد «للعنف» خلال العام الماضي،  واخد بالك؟ العنف إسرائيلي، لكن الإرهاب فلسطينى. والحزن على أحداث العام الماضى، فقط وكأن العام الحالى يفتح صفحة جديدة بيضاء،  وما فات قد مات، وأحداث الشهر الماضى بكل عنفوانها فنقطة ومن أول السطر. 

«السيد المهذب» لا يعرف الخشونة مع إسرائيل، وحين أكد على التزام بلاده بحل الدولتين، بعد محادثات مع الرئيس الفلسطينى، وانتقد النشاط الاستيطانى الإسرائيلى فى الضفة الغربية المحتلة، باعتباره عقبة أمام السلام،  لم يقدم أى مقترحات لتحقيق ذلك، بل إن رئيس الوزراء الإسرائيلى نتانياهو، الذى يقدر الأدب الجم لوزير الخارجية الأمريكي، رد عليه فى تصريحات تليفزيونية تالية، بأنهم «مخطئون أولئك الذين يعلقون السلام على التسوية مع الفلسطينيين»،  وتباهى جهرًا بنجاحه فى الالتفاف على الفلسطينيين، وبإنجازه  ما لم ينجزه سابقوه خلال سبعين سنة بعقد أربع اتفاقات سلام مع دول عربية مهمة (يقصد الاتفاقات الإبراهيمية).

ولأن لكل شىء ثمنًا فى إسرائيل، فإن لكل فعل مطلوب من تل أبيب، يجب أن يكون ثمة رد فعل  من واشنطن مساوٍ له فى القوة،  تريدون التهدئة فى الأراضى الفلسطينية؟ إنسوا حل الدولتين،  الاستيطان مستمر وباندفاع، تقدموا بقوة وشاركونا العمل ضد إيران،  لتعطيل برنامجها النووي، ادرجوا جميع حلفائها بما فى ذلك فيلق الحرس الثورى الإيرانى فى قائمة المنظمات الإرهابية. 

هكذا كانت ردود تل أبيب على رسائل السيد المهذب واضحة، وحاسمة، ومهذبة أيضًا دون الطرق على الطاولة،  واللبيب بالإشارة يفهم،  أما النتائج على الأرض فهى صفر كبير مهذب.
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة