د. محمد أبو موسى
د. محمد أبو موسى


«شيخ البلاغيين» ينتظر الأذان فى رحاب الأزهر

الأخبار

الخميس، 09 فبراير 2023 - 08:48 م

متواضعًا يجلس على الأرض فى رحاب الأزهر مستندًا على عمود من أعمدة الصرح العريق، وهو الذى يعد حاليًا واحدًا من أعمدة المسجد الزاهر فى تدريس البلاغة لطلاب العلم، الذين يقصدونه فى مجلسه الأسبوعى بالجامع.. التقط تلاميذه صورة له وهو ينتظر أن يفرغ المؤذن من النداء ليلبيه مصليًا مع حضور درسه وقاصدى الجامع للصلاة.. وكما يلتقط تلاميذه صوره يتهافتون على عصارة خبرته ليسجلوها فى دفاترها ولينفعوا بها غيرهم ممن لم يحظوا بحضور درس شيخهم وشيخ البلاغيين العالم الأزهرى الكبير «الدكتور محمد محمد أبو موسى».

وممن كتبه الدكتور ياسين عطية وراء شيخه «شيخ البلاغيين» الدكتور محمد أبو موسى فى درس الأحد الماضى من شرح كتاب دلائل الإعجاز» بالجامع الأزهر الشريف ما يلي:

ولم يكن بين عيون علمائنا أن يؤلِّفوا كتبًا، ولم يكن بين عيونهم أن يُذكَرُوا فى النَّاس، ولم يكن بين عيونهم أن يحصلوا على شيء فى الدنيا، إلا على شيء واحد؛ هو أن يفتحوا أبواب العلم لأجيال الأمَّة القادمة.

 أُحِبُّ من العلماء الذى ينسى نفسَه ويذكر شيئًا واحدًا؛ هو أجيالُ هذه الأمَّة التى لم يُعْبَدِ اللهُ فى الأرض على الوجه الذى أمرَ إلا منها.

 الخيريةُ فى الأمَّة ليست خيرية قوَّة، وليست خيرية حضارة، وليست خيرية تقدُّم، وإنما الخيريةُ فيها هى عبادة الله على الوجه الذى أمر.

و أرانا الله - جلَّ وتقدَّس - أنَّ خدمة هذه الأمة فى أقلِّ صُورِ خدمتِها تَفتحُ لصانعها أبواب الجنة، بدليل حديث سيدنا رسول الله عن الرجل الذى يتقلَّب فى الجنة لإزاحته غُصْنَ شوكٍ من طريق المسلمين؛ فدلَّ ذلك على أن خدمة الأمة فى أبسط الصُّور من أقرب القربات إلى الله، ومن يعلم ذلك ثم يَقْعُدُ عن خدمتها بكل طاقته فقد اختار الخسران المبين.

 أحيانًا كلام العلماء يُثير فى نفسك معانِى ليست أقلَّ قيمةً من كلامهم، وليست أقلَّ قيمةً من علمهم.

وبعض من اعترضوا على الجاحظ فى عبارته: «والمعانى مطروحةٌ فى الطريق» لم يُحسنوا فَهْمَها؛ لأنه إنما قصد الأغراض العامَّة والمقاصد التى يتناولها من يريد أن يتناولها.

 المعانى فى قول الجاحظ: «والمعانى مطروحةٌ فى الطريق» ليست هى معانى الشعر وليست هى المعانى العقلية والحِكْمية، وإنَّما المطروحُ فى الطريق الذى أراده الجاحظ هو الأغراض العامَّة والمقاصد؛ أنا وأنت نريد أن نتكلَّم عن الجُود أو الشجاعة أو مكارم الأخلاق، أو نَمْدَحَ أو نَذُمَّ؛ فتسلك أنت طريقًا وأسلك أنا طريقًا آخر.

وعَيْبُ الجاحظ على أبى عمرو الشيبانى استجادتَه قولَ الشاعر: «لا تَحْسَبنَّ المَوْتَ مَوْتَ البِلَى....» فيه نوعٌ من الحَيْف؛ لأنه ربما مرَّ بأبى عمرو الشيبانى تجربةٌ نفسيةٌ شديدةٌ وجد معها أنَّ السؤالَ الموتُ أحسنُ منه فاستحسنَ هذا الشعر، وأنا فعلاً أستحسنُ هذه الأبيات التى تَمَسُّ شرفَ النفوس العالية، وأن الكريم إذا ألجأتُه الحاجة إلى السؤال رأى الموت أفضلَ من السؤال.

ومِنْ فضلِ الله على النَّاس - وهذا ذَكَرَه العلماء - اختلافُ النفوس فى الاستحسان؛ لتأثُّرها بما يجرى فى حياتها؛ فقد تجعلك ظروفُ حياتك لا تستحسِنُ قولاً، ولكن الذى عشتُه أنا ومرَّ بى وتركَ بصمتَه فى أحشاء نفسى هو الذى جعلنى أستحسنه، ولكن لا ننسَ أن هناك أساسيات؛ فالشعر صياغةٌ وضربٌ من النَّسْج ونوعٌ من التصوير.

وأقلامُ العلماء ليست أقلامًا تكتب كُتبًا وإنما هى أقلامٌ تصنع أجيالاً.. لا بد أن تَعُوا ذلك وتفهموه حتى تعرفوا من أين أنتم، ومَن الذى وراءكم، وكيف كان آباؤكم، ولا بد أن تهتموا بهؤلاء الذين صنعوا الأجيال لحماية الأرض والعِرْض والتراب الذى هو عظام الآباء والأجداد.

 إذا لم تبتعد عن القول المَعِيب فـ«فضيلتُك» مَعِيب، فـ«عظمتُك» مَعِيب.

اقرأ أيضًا| دخلتا عن طريق الخطأ.. ضبط سيدتين غير مسلمتين في المسجد النبوي بالسعودية

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة