الإرهاب استهدف إثارة الفتن بين شركاء الوطن
الإرهاب استهدف إثارة الفتن بين شركاء الوطن


فواتير باهظة دفعتها الدولة المصرية لاجتثاث الإرهاب.. تهديد الوحدة الوطنية والتماسك الاجتماعي

أخبار اليوم

الجمعة، 10 فبراير 2023 - 08:04 م

تركزت التكلفة الاجتماعية للتطرف والإرهاب فى مصر فى تهديد الوحدة الوطنية والتماسك الاجتماعى عبر استهداف الأقباط، كمكون وطنى ظلت ارتباطاته متصلة بالنسيج العام للدولة والمجتمع.

إذ سعت تيارات التطرف والإرهاب إلى نشر خطابات وسلوكيات تنطوى على احتقار الأقباط وتهميشهم ووصمهم بصور دونية، وأسهم ذلك فى تآكل رأس المال الاجتماعى للأمة المصرية، عبر تسييد حالة من الانعزال، ونقص التفاعلات المجتمعية، وتراجع الثقة المتبادلة بين المواطنين.

فالجماعات المتطرفة تغذى عقول أتباعها وتروج فى أدبياتها خطابا مناقضا لخطاب الوطنية المصرية القائم على أساس المساواة بين مكونات الجماعة الوطنية، بما فى ذلك من إهدار لمبدأ المواطنة.

ووضع المواطنين من غير المسلمين فى درجة أدني. يقوم الخطاب المتطرف بتقديم الأقباط فى صورة الغرباء، فيلحقهم قسرا بأتباع الديانة المسيحية خارج الوطن. كما يهيمن على الخطاب المتطرف تصور طاغ للحياة والمجتمع والعلاقات بين الجماعات الإنسانية.

وهو تصور حربى للغزو والقتال، بما فيه من عداوة، ومنتصر ومهزوم وغاز ومغزو، فيتم دمج الآخر الدينى فى هذا التصور، بما فى ذلك من تصويره فى صورة العدو الذى يجب هزيمته وإخضاعه.

بالمناقضة مع مبدأ المساواة بين المواطنين والأخوة فى الوطن الذى أرسته الحركة الوطنية المصرية منذ عقود طويلة.

ويعتمد المتطرفون فى تصويرهم للقبطى كمواطن درجة ثانية على مفهوم «الذمي» وما يستتبعه من تبعات وممارسات كان هذا المفهوم قد اختفى تماما من مصر مع البدء فى بناء الجماعة الوطنية الحديثة قبل أكثر من مائتى عام.

وحتى استجلبه المتطرفون من ممارسات قديمة تفهم فى إطارها الزمني، أما خارجه فتكون سببا فى تمزيق المجتمع وتقويض الجماعة الوطنية. فالمسلم وفق هذا التصور ليس له أن يصادق غير المسلم، أو يبادره التحية، أو يهنئه بعيده أو يفسح له الطريق.

ولقد أتيحت لتيارات التطرف والإرهاب فسحة زمنية كافية لترسيخ هذه الأفكار والقيم فى قرى وبلدات عدة خاصة فى صعيد مصر، ويقدم لنا التمزيق الاجتماعى الحادث فى هذه المجتمعات المحلية صورة مصغرة لما يمكن أن يحدث للوطن لو أتيح للتطرف والإرهاب فرصة أكبر.

وففى هذه المجتمعات التى ضربها التطرف والإرهاب نجد تراجعا حاداً فى التفاعلات الاجتماعية والاقتصادية العابرة للانتماء الديني، كما نما اتجاه قوى للتركز والعزلة المكانية بدلا من تدخل أماكن السكن واختلاطها.

وبكل ما يمثله ذلك من إضعاف للثقة المتبادلة بين أبناء المجتمع، وإضعاف شبكات التفاعل الاجتماعي، وإضعاف القدرة على التعاون المجتمعي.

وقد انعكس ذلك بشدة على تغيير طبيعة المجتمع المدنى المصري، وصبغه بصبغة طائفية، بعد أن تم اختراقه بقوة من جانب تيارات متطرفة لبعضها صلات تربطها بجماعات الإرهاب. فبينما كانت جمعيات تنمية المجتمع هى الأكثر حضوراً خلال ستينيات القرن الماضي.

فإن مرحلة المواجهة بين الدولة المصرية وجماعات العنف الدينى قد شهدت توسعًا مستمرًا فى إنشاء الجمعيات الدينية الإسلامية والمسيحية أيضا. فبينما بلغت نسبة الجمعيات الدينية الإسلامية ١٧٪ إلى إجمالى عدد الجمعيات الأهلية على مستوى الجمهورية فى الستينيات، فإن تلك النسبة قد ارتفعت خلال عهد الرئيس السادات حتى وصلت إلى ٣١٪ واستمرت فى الزيادة خلال الثمانينيات لتصل إلى نحو ٣٤٪ فعلى سبيل المثال بلغت نسبة الجمعيات الدينية الإسلامية لإجمالى العدد الكلى للجمعيات عام ١٩٩١، ٢١٪ فى القاهرة و٣١٪ فى الإسكندرية، بينما وصلت تلك النسبة إلى ٥١٪ فى محافظة المنيا. وهو الأمر الذى صب فى اتجاه تطييف المجتمع وتمزيق النسيج الوطني، وإهدار رأس المال الاجتماعى.

اقرأ ايضاً | القباج: التكلفة الاقتصادية للعمليات الإرهابية من 2011- 2016 تقدر بـ385 مليار جنيه

نقلا عن صحيفة أخبار اليوم:

202302011

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة