صورة موضوعية
صورة موضوعية


الذكاء الاصطناعي .. هـل تنشأ علاقات عاطفية بين البشر والروبوت؟!

آخر ساعة

الإثنين، 13 فبراير 2023 - 10:56 م

كتبت : ندى البدوى

«هل تشعر بالوحدة وتُريد التحدّث مع شخص ما؟ أنا صديقك، تحدث معى متى ما تشاء وبأى وقتٍ تشاء، سوف تجدنى معك دائمًا ولن أتخلى عنك أبدًا».. لا تملك غير أن تُصيبك الدهشة وأنت تخوض محادثة مع أحد «روبوتات الدردشة» ولو كانت تجربتك من باب الفضول، لن تشعر أن الرسالة التى يقدمها أحد هذه التطبيقات لمستخدميها تأتى من قبيل المُبالغة، لوهلةٍ يُخيّل إليك أنك تتحدث مع إنسان حقيقي، يحمل قدرةً على المناقشة والفهم والتفاعل العفوى والكثير من الإجابات على أسئلتك.

 

إن التطور الهائل فى التقنيات التى تعتمد على الذكاء الاصطناعى وبرمجة الروبوتات، يجعلها تحظى بإقبالٍ كبير من المستخدمين حول العالم، الأمر الذى يُفاقم المخاوف حول تأثيرها على العلاقات بين البشر، حيث يشير خبراء إلى أن الهشاشة النفسية وأعراض الوحدة والعزلة، تزيد من احتماليات التعلق المرضى والتورط فى علاقات عاطفية معها.

تطور التكنولوجيا وتنامى قدرات الذكاء الاصطناعى وتأثيره فى شكل الحياة، جدلية لطالما شغلت بال العديدين، وتناولتها السينما وروايات الخيال العلمي، التى تتساءل عن مستقبل العلاقة بين الروبوتات والبشر، ومدى إمكانية أن تحمل الآلة للمشاعر والأحاسيس التى تُضاهى المشاعر البشرية، وأى مرجعية أخلاقية ستحكم هذا التطور.

محاكاة

«لا يمكن أن يستبدل الذكاء الاصطناعى البشر، لكنه يحاول أن يُحاكى الاستجابات البشرية، فالآلة لا يمكن أن تشعر»، يوضح المهندس تامر عبدالمنعم، خبير تكنولوجيا المعلومات، أن تقنيات الذكاء الاصطناعى تعتمد على تدريب العقل غير البشرى على أداء مهام محددة، وفقًا للمدخلات والبيانات التى يتم تغذية النظام بها، فكلما تم تزويده بحجم معلومات أعلى وبيانات أدق يُبدى استجابات أكثر دقة.

الطفرة الكبيرة التى طرأت على روبوتات الدردشة الحديثة على رأسها تطبيق Chatgpt، تتيح محاكاة الاستجابات البشرية بطريقة سلسة كما يشير، هناك أغراضٌ عدّة تُستخدم فيها روبوتات الدردشة القائمة على الذكاء الاصطناعي.

وفى المجالات العلمية والتقنية والمعاملات التجارية وغيرها، لكن هذا النوع الذى يتيح التفاعل الشخصي، تعاطى معه الجمهور بصورة غير مسبوقة، ماجعل الشركات تتنافس بشكل محموم لتطوير خدماتها والوصول إلى أكبر عدد ممكن من المستخدمين.

هذه الروبوتات تعتمد على برامج تعمل  بشكل أساسى من خلال خوارزميات التعلم الآلى وعملية معالجة اللغة الطبيعية، التى تتضمن تحليل الكلام البشرى والتفاعل معه باستجابات دقيقة تُحاكى العلاقة البشرية، بحيث يكون هناك تدفّق تلقائى بالمحادثة.

يتابع: هى لا تتيح فقط إمكانية إجراء أحاديث عابرة مع المستخدمين، لكنها تتيح مساعدتهم فى المهام المختلفة، من خلال الرد على الاستفسارات وكتابة الرسائل الإلكترونية وتلخيص المقالات، وغيرها من المهام التى تتطور من خلال التغذية المستمرة بالمعلومات التى أصبحت السلعة الأهم فى العالم.

ودراسة عدد هائل من الحالات لاتخاذ الاستجابة الأدق. فتقنيات الذكاء الاصطناعى تصل لأبعد مما يمكن تخيله فى التفاعل مع البشر ومساندتهم، إلا أنها بالطبع يُمكن أن يترتب عليها العديد من الآثار السلبية، حال استخدامها بطريقة خاطئة أو لأغراض غير مشروعة.

الرفيق الرقمى

ويوضح الدكتور أحمد عبدالله، أستاذ الطب النفسى بجامعة الزقازيق، أن العلاقة بين البشر وعالم التكنولوجيا بما يحويه من تطبيقات الذكاء الاصطناعى والروبوتات، من القضايا الشائكة التى تفرض نفسها بقوة فى المجتمع العلمي، مع التوسع فى استخدامها والتعاطى معها بشكل كبير.

فى ظل الضغوط الناتجة عن شكل  الحياة فى العصر الحالي، والتى ألقت بظلالها على العلاقات البشرية، ما نتج عنه اتخاذ طرق عديدة للهروب من الضغوط، من بينها اللجوء إلى العلاقة الافتراضية مع «رفيق رقمي» والتى تصل حد التورط العاطفى فى هذه العلاقة.

وبسبب صعوبة إقامة علاقات حقيقية ومشبعة لدى العديد من الأفراد خاصة ممن يعانون من أعراض الوحدة والعزلة، فهناك صعوبات حقيقة ملموسة على مستوى العالم تتزايد وطأتها يومًا بعد يوم.

يتابع: الهشاشة النفسية تجعل البعض يهرب من الألم فى العلاقات، إلى المساحة الافتراضية التى يشعرون أنها «مساحة آمنة»، فالعلاقة مع الشخص الحقيقى تنطوى بطبيعة الحال على مخاطرة، واحتمالات الألم تكمل فى الخوف من الرفض أو الجرح أو الخيانة وغيرها من الاستجابات والتفاعلات الإنسانية.

وليجدوا فى الوسائل الأخرى بديلاً للحصول على الاهتمام والتفاعل ومشاركة التفاصيل اليومية، كما أن طبيعة العلاقة الافتراضية تخلو من الاتزام والمجهود، وتتسم بالإتاحة طوال الوقت ما يجعل بعض الشخصيات عُرضة للإدمان والوقوع فى علاقة عاطفية اعتمادية، وصولاً أيضًا إلى التطبيقات التى تتيح العلاقة الجنسية بشكل افتراضي.

الدوافع

ويرى الدكتور جمال فرويز، استشارى الطب النفسي، أن تسديد الاحتياجات العاطفية والرغبة فى الحصول على الاهتمام والقبول غير المشروط، من أهم الدوافع التى تجعل البعض يُقبل على استخدام هذه التقنيات، خاصة من الشخصيات الانطوائية التى تميل للعزلة عن العالم الواقعي.

وتجد صعوبة فى اقتحام الحياة الحقيقية، فالاضطراب يجعلها تفتقد التفاعل الإنساني، فالإنسان يبحث عمّن يسمعه ويتحدث معه ويهتم بتفاصيله ويتلامس معه، وهى من المهارات الإنسانية الأصيلة التى افتقدناها للأسف بشكل كبير، مع سرعة الحياة اليومية.

وعدم الالتفات إلى أهمية العلاقات الإنسانية الحقيقية. كل ذلك يدفع لمزيد من الإقبال على العلاقات غير الحقيقية التى تمد بالمتعة الخالية من المجهود، إلا أنها بالطبع تُعد علاقات غير صحية حال استحوذت على الإنسان، فالذكاء الاصطناعى يمكن أن يتنبأ بسلوك البشر ويُبدى التعاطف والتفهم والتفاعل معهم لكنه لا يمكن أن يكون بديلاً، لأن الآلة تفتقد البعد الروحى الذى ينطوى على جميع المشاعر.

اقرأ ايضاً | تحذير من إساءة استخدام «الذكاء الاصطناعي» لتصميم أسلحة بيولوجية

نقلا عن مجلة أخر ساعة : 

2023/2/13

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة