د. محمد حسن البنا
د. محمد حسن البنا


يوميات الأخبار

جلال الموت

محمد حسن البنا

الأربعاء، 15 فبراير 2023 - 06:29 م

 ولنتخذ من الموت عظة وعبرة لنفكر كيف نعيش حياة هادئة، بلا شقاء ولا تعب 

نكتشف، مؤخرا، أننا نرهق أنفسنا فى دنيا فانية!. ولو انتبهنا إلى الحقيقة للحظات، لما كان هذا الشقاء الذى نعيشه. نرى بأم أعيننا الموت، ولكننا ننسى أو نتجاهل، للأسف. مؤخرا شاهدنا الآلاف من القتلى ضحايا زلزال تركيا وسوريا، فى مأساة مرعبة، ولم نتعظ. فقدنا الكثير من الأحباء أمام أعيننا، وبكيناهم للحظات، ثم عدنا إلى الحياة الفانية وتركناهم تحت التراب.

أنا وأنت فقدنا الأب والأم والجد والجدة، والزوج والزوجة والابن والبنت والعم والخال والعمة والخالة، الكثير من الأقارب والأصدقاء والمعارف. والسؤال: هل اتعظنا وأدركنا أن الحياة فانية؟!. هل انتبهنا إلى جلال الموت؟!.

يقول رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم فى حديث عبد الله بن عمر رضى الله عنهما، يقول: (أتَيْتُ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم عاشرَ عشرةٍ فقال رجلٌ من الأنصارِ يا رسولَ اللهِ مَن أكيسُ النَّاسِ وأحزمُ النَّاسِ؟ قال أكثرُهم ذكرًا للموتِ وأكثرُهم استعدادًا للموتِ أولئك الأكياسُ ذهَبوا بشرفِ الدُّنيا وكرامةِ الآخرةِ). والأكياس جمع كيّس وهو الرجل الفطن، حسن السلوك والفهم.

عن ماذا أبحث؟!. أبحث عن الغفلة التى نحن فيها، وهى الحقيقة الثابتة فى الدنيا، وهل نتأثر بها. أبحث عن تأثيرها فى سلوكياتنا. أبحث عن مدى إدراكنا ووعينا لما يحدث حولنا.

يقول الخالق سبحانه وتعالى «كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ المَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا  الحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الغُرُورِ» سورة آل عمران 185.

إذن كل إنسان سيموت. وعليه أن يعمل لحياة البقاء فى الآخرة. ولا ننسى أنه ما بين غمضة عين وانتباهتها تختفى الحياة الدنيا وترحل إلى

الآخرة. لقد كتب الله الموت على جميع الخلائق بلا استثناء. والموت فى معناه الاصطلاحى مفارقة الروح للبدن والانتقال من دار الدنيا لدار الآخرة، وفيها أمران لا ثالث لهما إما شقاء وعذاب فى نار جهنم، أو نعيم وهناء دائم فى جنة الخلد.

 

ومن العجيب أن مادة كلمة «موت» ذكرت 145 مرة، كما ذكرت مادة كلمة «حياة» 145 مرة أيضا. لكن كلمة «الموت» ذكرت بلفظها فى القرآن 36 مرة، نذكر منها، قال الله تعالى :»أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِى بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ». وقال الله تعالى: «الَّذِى خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ».

 

لا أريد أن أخوفكم، بالعكس أرغب فى أن نطمئن على حياتنا ومن نحب. ولنتخذ من الموت عظة وعبرة لنفكر كيف نعيش حياة هادئة، بلا شقاء ولا تعب. وأن نثق فى رحمة الله التى وسعت كل شىء، سواء من أخطأ أو ارتكب ذنبا كبيرا أو صغيرا. «إن الله يغفر الذنوب جميعا».

الحياة الآخرة

يعجبنى جدا اهتمام الشباب والكبار بالبحث العلمى. السن لا تعوق أبدا البحث والتنقيب والوصول إلى نتائج نواجه بها مشكلات أو تحديات نعانى منها. لهذا كان حرصى على الالتحاق بأكاديمية السادات لدراسة علوم الإدارة. وأحمد الله أن وفقنى فى الحصول على الماجستير فى بحث عن «تأثير المهارات الإدارية فى تنمية العمل الصحفى».

كما حصلت على الدكتوراة فى «دور الحوكمة فى تحسين كفاءة المؤسسات الصحفية». من هنا أرى أن اتجاه الزميل والصديق أسامة زايد نائب رئيس تحرير جريدة الجمهورية للبحث والدراسة خطوة مهمة فى حياته العملية والعلمية. وقد نجح بامتياز مع مرتبة الشرف الأولى، فى الحصول على درجة الدكتوراة فى الفلسفة الإسلامية من كلية دار العلوم جامعة القاهرة. وجاءت رسالته بعنوان الأخرويات بين الحضارة المصرية القديمة والفكر الإسلامى. وهى رسالة شائقة توضح لنا عقيدة المصريين القدماء عن الحياة الآخرة بالصور والنصوص والأشكال التى تنتشر فى الجبانات وعلى جدران المعابد فى كافة ربوع مصر. مما يبرهن على عمق وثراء وتنوع الفكر الدينى وإيمانهم العميق الذى وصل إلى حد الاعتقاد بوجود إله واحد فرد صمد مسيطر على هذا الكون .أرجو أن نرى الرسالة فى كتاب يقرأه الناس قريبا.

الباقيات الصالحات 

تركت لنا إرثا ضخما من العلم النافع، كما تركت لنا إرثا كبيرا من العمل الخيرى. الراحلة المرحومة بإذن الله تعالى الأستاذة الدكتورة عبلة الكحلاوى. تأثرت كثيرا بما كتبه الزميل عمر علم الدين عن الخلاف بين الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف حول وقف بمبلغ 100 ألف جنيه خصصته عام ٢٠١٦ لطالبات كلية دراسات بورسعيد للتفوق والأبحاث. حيث تم  إشهاره فى الأوقاف والقيم عليه د.مروى ود.رودينا.

وأنا معهم. يرى عمر أن هناك صراعا ظاهرا وباطنا بين الأزهر والأوقاف تسبب فى عدم استفادة الطالبات من الوقف حتى الآن رغم تضاعف المبلغ. كلمنا رئيس الجامعة ووزير الأوقاف  ووكلاء الأوقاف. والمضحك (الأوقاف عاوزه الأزهر يرسل لهم خطاب اننا عاوزين الفلوس، والأزهر يرفع شعار احنا منطلبش من حد حاجة اللى عاوز يبعت يبعت!).

رحم الله الداعية الإسلامية الدكتورة عبلة الكحلاوى كانت تعتبر الباقيات الصالحات تجارتها الرابحة فبذلت كل غالٍ ورخيص من أجل مجمع أرض المقطم لمرضى ألزهايمر وأطفال السرطان والخدمات المختلفة. لقد عملت عدة سنوات خارج مصر وعندما عادت وتقلدت عمادة كلية دراسات إسلامية ببورسعيد، عرض عليها مبلغ كبير، كنهاية خدمة، فاعتذرت أن تأخذه لنفسها، وطلبت أن يكون المبلغ بداية مدينة جامعية للبنات ببورسعيد لمساعدتهن فى الظروف الاقتصادية.

ثم تحركت مع رفقاء الخير وأنشأت مدينة الباقيات الصالحات للطالبات المغتربات فى بورسعيد.

كما كانت توجه حصيلة بعض برامجها التليفزيونية إلى الباقيات الصالحات. رحم الله سيدة الباقيات الصالحات صاحبة النية الصادقة.

سياحة الزفاف

دخلت مصر عصر سياحة حفلات الزفاف. وهو استثمار جيد لو أحسنا استغلاله، مصر تتميز بالجو البديع وبالمناطق الأثرية والسياحية الخلابة، وأيضا بالقدرات الفنية والثقافية والإبداعية التى تشجع على نشر سياحة حفلات الزفاف.

وهو بلا شك يدعم صناعة السياحة بالمنافسة فى أسواق جديدة مثل سياحة الزفاف وسياحة المؤتمرات والحفلات والمناسبات الدولية.

وقد أقيم مؤخرا أول حفل زفاف هندى بمنتجع شرم الشيخ. حيث استقبل مطار شرم الشيخ الدولى أول رحلة طيران مباشرة قادمة من مطار أحمد أباد بالهند، وعلى متنها 337 راكبًا، من أجل حضور الحفل الذى أقيم على مدار 3 أيام متواصلة.

الإحصاءات العالمية تتحدث عن نمو سياحة الزفاف كاستثمار عالمى صاعد بقوة.

وأن هناك نموا مطردا للسوق العالمية لحفلات الزفاف.

ويتوقع موقع ستاتيستا Statista المتخصص فى بيانات الأسواق، أن يصل حجم هذه السياحة إلى حوالى 291 مليار دولار عام 2031.

وسجل حجم السوق نحو 21,6 مليار دولار عام 2021. هنا جاء الدور على وزارة السياحة حيث سارعت بإصدار بيان تتحدث فيه عن الحفل، وأنه يأتى فى إطار استحداث نمط سياحة حفلات الزفاف وجذب روادها إلى مصر.

وأن الوزارة بدأت تتخذ إجراءات للترويج للمقصد السياحى المصرى كوجهة لإقامة حفلات الزفاف.

أنبوبة باول

بعيدا عن الشائعات المتبادلة بين الجانبين الروسى والأمريكى، والتسريبات الدائرة بين البلدين فى حربهما الباردة وأيضا المسلحة فى أوكرانيا، فإن ما يهمنى كعربى الكشف عن حقيقة «أنبوبة باول الشهيرة بمنظمة الأمم المتحدة فى فبراير 2003. حيث أعلن وزير الخارجية الأمريكى، كولن باول فى جلسة مجلس الأمن الدولى أنه تلقى معلومات تؤكد امتلاك الزعيم العراقى صدام حسين تكنولوجيا إنتاج الأسلحة البيولوجية وأظهر أنبوب اختبار بمسحوق أبيض. وتوصل الكثير من المشاركين فى الجلسة إلى استنتاج أن هذا المسحوق هو نموذج لأسلحة الدمار الشامل المصنوعة فى العراق.

وفى 20 مارس 2003 بدأت الولايات المتحدة عملية عسكرية خاصة فى العراق دون موافقة من الأمم المتحدة. واتضح فيما بعد أن دائرة الاستخبارات المركزية الأمريكية ضللت السلطات الأمريكية ولم يتم العثور على أسلحة بيولوجية فى العراق. وصرح باول آنذاك بأنه أظهر أنبوب اختبار مزيفا لإقناع العالم بصحته.

لقد دعت رئيسة مجلس الاتحاد الروسى فالينتينا ماتفيينكو إلى طرح موضوع «أنبوب اختبار باول» الذى أدى إلى غزو العراق، فى الأمم المتحدة من جديد، مشيرة إلى أن هذه الجريمة لا تسقط بالتقادم. كتبت ماتفيينكو على صفحتها بـ «تلجرام»: «أعتقد أنه سيكون من الصحيح أن يطرح الموضوع حول الكذب الشنيع الذى أدى إلى كارثة فظيعة، بشكل واضح فى القريب العاجل فى الأمم المتحدة حيث بدأ تطور هذه الأحداث منذ 20 عاما».

أكدت: «هذه الجريمة لا تسقط بالتقادم. وهكذا يجب أن تبقى فى ذاكرة البشرية. ومهمتنا هى أن نعمل ما بوسعنا لمنع محو الحقيقة عن تلك الأحداث والمسئولين عن تلك المأساة. وعدم السماح لأولئك الذين اتخذوا هذه القرارات ووضعوا الخطط، بالهروب من محكمة التاريخ. وأسماؤهم معروفة». وأن الغارات الجوية على العراق يمكن مقارنتها من حيث عواقبها بالهجوم النووى على هيروشيما وناجاساكى. وأشارت إلى أن «الكذب المتعمد أدى إلى تدمير دولة مستقلة وآثارها التاريخية القديمة» وتسبب فى اندلاع أصعب أزمة إنسانية فى المنطقة.

مثل هذه التصرفات دفعت بالشرق الأوسط إلى الهاوية، وهو ما أكده أستاذ التاريخ أحمد الصاوى، من أن رفع كولن باول الأنبوبة التى ادّعى أنّ فيها فيروس «الجمرة الخبيثة» تصنّعه بغداد، كان أبرز أجزاء «المسرحية» فى الحملة الأطلسية لتسويغ غزو العراق. وقد اكتفى تونى بلير رئيس الوزراء البريطانى بالاعتذار عن الكذبة. ولفت الصاوى إلى التقرير المبهم الذى أعلنه محمد البرادعى باسم الوكالة الدولية للطاقة النووية وهو لا يختلف كثيرا عن أنبوبة كولن باول من حيث الجوهر المخادع. لكن الواقع أن الكذبة تسببت فى مقتل الملايين من العراقيين، وأدت لنهب ثرواته ومقدراته وآثاره. ولازال العراق يكابد فقرا مقيما فى بلاد الرافدين والنفط والغاز وتمزقه الطائفية.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة