الموسيقار محمد عبدالوهاب
الموسيقار محمد عبدالوهاب


بناه عام 1946..

شهد ميلاد أشهر أعماله الموسيقية.. عبدالوهاب يؤلف ألحانه في «بيت المفاجآت»!

آخر ساعة

الخميس، 16 فبراير 2023 - 10:25 م

كتب: أحمد الجمَّال

بيوت الفنانين تعكس شخصياتهم، وتلك هى حال الموسيقار الراحل محمد عبدالوهاب، الذى زاره محرر «آخرساعة» قبل 73 عامًا فى بيته بمنطقة الهرم، واصفًا لنا كل تفصيلة فى بيت موسيقار الأجيال، الذى أطلق عليه «بيت المفاجآت»، الذى شهد مجموعة من أعظم مقطوعاته الموسيقية الشهيرة.. وفى السطور التالية نعيد نشر هذا التقرير، بتصرف محدود:

إذا دخلت بيت عبدالوهاب يخيل إليك أنك تعيش فى لحن من ألحانه، فإنه عندما أراد أن يبنى عشًا للبلبل، اختار له الجو الملهم، تحت سماء الهرم، حيث الطبيعة الخضراء والشمس المشرقة.. هذا هو البيت، إنه يقع على أحد جانبى شارع الهرم، على رأس تلك البيوت التى عمّرت تلك المنطقة حديثًا.

إنه يبعد خطوات عن شارع الهرم، لكنك تستطيع أن تصل إليه من طريقين متفرعين من الشارع الرئيسى، الطريق الأول يوصلك إلى باب الحديقة، والثانى يوصلك إلى الباب الخلفى.

افتتاحية موسيقية
إننى أفضل أن نسلك الطريق الأول حتى نعبر الحديقة، ونجتلى من بين طرقاتها الخضراء منظر البناء، فإن عبدالوهاب مولع فى موسيقاه بالمقدِّمات، التى يمهِّد لك بها للموضوع اللحنى، وما أشبه تلك الحديقة بإحدى افتتاحيات عبدالوهاب الموسيقية.. إن البناء يبدو من الخارج فى منتهى البساطة، ولكنه أنيق فاخر يجمع بين الذوق والانسجام.

هذا هو صاحب البيت يجلس فى شرفة الحديقة بين مجموعة من الأصدقاء يتحدثون عن الوحى والإلهام، فيقول عبدالوهاب: إن البعض يتخيَّل أن الفنان عندما يضع لحنًا أو ينظم قصيدة لا بُد أن يكون قد استوحى خيالها من أشعة الشمس الذهبية، أو استلهم موضوعها من ضوء القمر، أو شاطئ النيل، بينما الواقع غير ذلك، فالفنان يجب أن يكون قلبه زاخرًا بالجمال، حتى يستطيع أن يقتبس منه ما شاء من الخيالات والمعاني، فى أى ساعة وفى أى مكان.

اقرأ أيضًا | ابنة عبد الوهاب: الفيلا المعروضة للبيع لم يدخلها والدي ولم يمتلكها

بيت المفاجآت
ثم ندخل البيت، ونجتاز طرقاته، فترى فى كل خطوة تخطوها وفى كل لفتة تلتفتُها منظرًا يختلف عن الآخر، فهذه الزاوية تختلف عن تلك، وهذه الغرفة تختلف عن التى تقابلها، حتى ليخيَّل إليك أنك تشهد شريطًا سينمائيًا، يمر أمام عينيك فى لحظة واحدة، ثم تسأل عبدالوهاب عن السر فى ذلك فيقول لك إنه أراد أن يكون بيته مليئًا بالمفاجآت حتى لا يقع بصره على منظر واحد، فإذا شعر بالملل من ناحية، التفت إلى ناحية أخرى ليرى منظرًا جديدًا.

وهذا هو السلم الذى يصعد بك إلى الطابق الثانى، إنه مصنوع على هيئة السلم الموسيقي بحروفه وعلاماته الموسيقية، ولكنك لا تستطيع أن تجتاز ذلك السلم إلى الطابق الآخر، لأن عبدالوهاب رجل محافظ على التقاليد.

القبو الأخضر
وقد بلغ من حب عبدالوهاب للمناظر الخضراء أنه أنشأ حديقة داخل قبو حجرى، مزود بالأنوار الاصطناعية حتى لا تفارق عيناه الليل أو النهار مناظر تلك الزروع الخضراء. كما أنشأ حديقة صغيرة امتلأت بمناظر الضباع والأسود والنمور، واختار لها مكانًا مقابلًا للباب الخارجى لكى تحرس البيت.

ويحتفظ عبدالوهاب بتمثال من المرمر مكسور الذراع، يقول إنه هو الذى بتر ذراعه، لكى لا يكون فى حياته شيء يندم عليه، وقد وضع ذلك التمثال البريء داخل تجويفة نادرة من الزجاج، ووضع فوقها تلك اللوحة المصنوعة على شكل آلة موسيقية ومنقوش عليها أغنية الملك، وهى إحدى قطعه المعروفة، التى أُهديت إليه من إدارة الموسيقات الملكية فى إحدى المناسبات.

أب مثالي
ويعيش عبدالوهاب فى بيته حياة الأب لا حياة الفنان البوهيمى، ويقضى اليوم مع أولاده يلاعبهم ويهيئ لهم أسباب السرور وهو سعيد بذلك كل السعادة. يقول لك إنه لم يشعر بمعنى الحب إلا عندما أصبح أبًا، فإن حبًا خالصًا لأبنائه هو أرفع ألوان الحب.. حب خالص ليس وراءه أغراض.

وقد بنى عبدالوهاب ذلك البيت منذ أربع سنوات فى عام 1946، ومنذ ذلك الوقت شهد البيت العديد من ألحان عبدالوهاب المشهورة، مثل «الحبيب المجهول»، و«القمح» و«المماليك» و«ليالى الجزائر»، و«مضناك جفاه مرقده» وغيرها، واليوم يشهد البيت أيضًا تلحين أوبريت «مجنون ليلى».
(«آخرساعة» 1 فبراير 1950)

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة