آمال عثمان
آمال عثمان


أوراق شخصية

عظماء صنعهم الألم!

آمال عثمان

الجمعة، 24 فبراير 2023 - 06:44 م

أثناء متابعتى لكنوز مصر المنسية، النوابغ الذين يعيشون تحت خط الفقر بالمناطق النائية والمهمشة، ويعانون ظروفاً اجتماعية وصحية وتعليمية شديدة القسوة، كنت أندهش كلما أظهرت الاختبارات فى مدارس الفصل الواحد، معدلات ذكاء مرتفعة بينهم، لذلك توقفت أمام مقولة الكاتب إبراهيم الكونى أحد أعظم الروائيين: «ليس من إنسان عظيم دون امتحان عظيم، وليس من إنسان عظيم دون ألم عظيم».

لكن ما هو الألم العظيم الذى جعل صاحب هذه المقولة عظيماً؟! يكفى أن نعلم أن «إبراهيم الكونى» عاش حياة قاسية فى صحراء الطوارق.

حيث ولد بمدينة «غدامس» بالقرب من حدود ليبيا، وتعلم الكتابة وعمره 12 سنة، وحـصل على الليسانس والماجستير فـى العلوم الأدبيّة والنقدية من معهد غوركى لــلأدب بموسكـو، ورغم أنه يعيش فى جبال الألب بسويسرا منذ زمن بعيد، ويجيد 9 لغات، إلا أنه يؤلف باللغة العربية، ولا يكتب سوى عن الصحراء وكنوزها فى أدبه، ويحتفى بتلك البيئة القاسية التى صنعت عبقريته، من خلال أعماله الغزيرة التى تعدت 81 كتاباً تُرجمت إلى 40 لغة، ويجرى تدريسها فى جامعات فرنسا وأمريكا واليابان.

حصل الكونى على جائزة الكونفيدرالية السويسرية، ووسام الفروسية الفرنسى للفنون والآداب، وجائزة اللجنة اليابانية للترجمة، واختارته مجلة لير الفرنسية أحدَ أبرز 50 روائياً عالمياً معاصراً، والشخصية العربية الوحيدة التى وضع السويسريون اسمها فى كتاب يُخلّد أبرز شخصيات تقيم على أراضيهم، كما رُشحت أعماله عدة مرات لجائزة نوبل فى الأدب، ووصلت روايته «ناقة الله» إلى القائمة القصيرة لجائزة مان بوكر الدولية.

الأمر اللافت حقاً أن نحو ٥٥٪ من شخصيات كتاب «الخالدون المائة» للكاتب مايكل هارت عانوا من ألم اليتم، وهى شخصيات لها تأثير عميق على البشرية، منهم أنبياء، وقادة فكر، وأصحاب اختراعات غيّرت مسار التاريخ، وجاء على رأسهم النبى محمد صلى الله عليه وسلم، وإذا وضعنا فى الاعتبار أن أغلب الشخصيات الأخرى فى الكتاب مجهولة الطفولة، فهذا يرفع نسبة ارتباط العبقرية بالمعاناة والألم الإنساني. صحيح أن اليُتم الأشد وجعاً على الطفل، لكن تظل هناك أوجاع وآلام نتاج ظروف اجتماعية وبيئية واقتصادية، وأحداث صادمة فى حياة البشر، ألمها وأوجاعها أشد من اليُتم!!

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة