محمد الشماع
محمد الشماع


يوميات الأخبار

الهاربون إلى الضياع!

محمد الشماع

الثلاثاء، 28 فبراير 2023 - 06:07 م

إذا استطعنا أن نوسع من دائرة السفر الشرعية فإننا نكون قد وفرنا الحماية لأبنائنا فى الخارج

أول خطوة فى الاستثمار الأمثل لعوائد عمل العمالة المصرية فى الخارج يجب أن تبدأ من داخل مصر، وتستطيع خلية عمل من هيئة الاستثمار ووزارات القوى العاملة والخارجية وشئون الهجرة أن تدرس تجارب دول شرق آسيا فى هذا الشأن وأن تبدأ بوضع دراسات جدوى لمشاريع إنتاجية صغيرة تسوق بين الشباب المسافرين فى المطارات المصرية أو فى أماكن تواجدهم عبر السفارات والقنصليات المصرية فى الخارج..

فإذا عاد الشاب بخطة لمصنع صغير أو ورشة نكون قد بدأنا وضع مردود السفر على أول الطريق السليم.

حيث يسهم الشاب العائد فى تشغيل عشرة من أمثاله يغنيهم عن السفر بدلا من أن ينفق أمواله بطرق خاطئة تصعب على هؤلاء الشباب ظروف حياتهم وفرصهم فى تكوين أسرة سعيدة!.

المسئولية الأخرى هى مسئولية توسيع فرص العمل الشرعى للمصريين فى الخارج.. وهذه المسئولية تقع على عاتق وزارتى القوى العاملة وشئون الهجرة من خلال التوسع فى الاتفاقيات الثنائية مع الدول المستقبلة للعمالة..

وهناك تجارب فى هذا المجال لدول عربية لديها نفس ظروفنا مثل تونس التى استطاعت أن توقع اتفاقا مع إيطاليا عام ٢٠٠٠ لمنح ٢٠٠٠ تونسى تأشيرات إقامة للعمل سنويا، صحيح أن إيطاليا عادت بعد ذلك، وخفضت العدد إلى ستمائة تأشيرة ولكنها كانت خطوة على الطريق لهذا العدد الذى يسافر بعد التدريب عبر المهن المطلوبة فى سوق العمل بإيطاليا.

أما الشىء الغريب أن مصر استطاعت توقيع اتفاق مثل هذا الذى وقعته إيطاليا وتونس قبل عام ٢٠١١ ويقضى بمنح سبعة آلاف تأشيرة للشباب المصرى إلى إيطاليا بعد التدريب على المهن المطلوبة وكان الاتفاق يقضى بزيادة العدد، لكن لم يتم تنفيذ الاتفاق من الأساس..

وتستطيع مصر أن تعيد تنفيذ المشروع بأن تعقد اتفاقات من هذا النوع مع عدد من الدول الأوروبية، وهذا يوفر على الشباب مغامرات الهروب على قوارب الموت التى يموت عليها عدد من الشباب أكبر من عدد الذين يصلون إلى الشاطىء الآخر!.

عالق بين بلدين!

وفى نفس الوقت فإن الشباب الذين يسافرون بناء على هذه العقود يكون ارتباطهم أفضل بوطنهم ويمكن أن يشكلوا مصدرا للتحويلات المالية الشرعية.. وأن يكون لديهم حرية العودة فى الوقت المناسب لبدء نشاط اقتصادى مفيد فى مصر بعكس المهاجر غير الشرعى الذى قد تمنعه ظروفه من العودة مرة أخرى، لأنه يقضى السنوات بدون الحصول على الإقامة الشرعية ولا يمكنهم المغامرة بالعودة فى هذه الظروف حتى لا يتعرض مرة أخرى لمحنة الدخول الصعب إلى البلاد الأوروبية.

هذه المشكلة تجعل الشاب معلقا بين البلدين، فهو يعيش متخفيا ومطاردا ومستغلا فى البلد الأوروبى، وفى نفس الوقت لا يستطيع التفكير فى خطط العودة أو عمل أى شىء مفيد فى مصر!.

إذا استطعنا أن نوسع من دائرة السفر الشرعية فإننا نكون قد وفرنا الحماية لأبنائنا فى الخارج ونكون قد دعمنا حصيلة الدولة من رسوم تصاريح السفر.. فإذا كانت الإحصاءات تؤكد أن حصيلة تصاريح العمل تتعدى مئات الملايين من الجنيهات فى العام الواحد فأنها ستكون قابلة للزيادة، بل يمكن أن تحصل الدولة أضعاف هذا المبلغ على عقود العمل الجماعية مع الدول الأوروبية.

قوارب الموت.. غالية

وليس سرا أن تكاليف السفر غير الآمن على مراكب الموت تتعدى الخمسين ألف جنيه مصرى، بينما يتكلف التهريب المباشر بالطائرات أكثر من المائة ألف جنيه، ويمكن للدول أن تتقاضى على عقد العمل الواحد نصف مبلغ السفر غير الآمن، أى خمسة وعشرين ألف جنيه على أن تنشئ بهذه الأموال مع حصيلة تصاريح السفر مشروعات إنتاجية تسهم فى حل مشكلة البطالة.

ومن الضرورى أن نشير إلى أن أول تقصير من قطاع الاستثمار، رغم أن ٩٠٪ من كلام الحكومة عن الاستثمار، ورغم وجود هيئة الاستثمار التى يشرف عليها رئيس الحكومة إشرافا مباشراً لكن يبدو أن التوجه طوال السنوات الماضية كان باتجاه رءوس الأموال الكبيرة التى تدور بين عدد محدود من المستثمرين والمصريين ومحاولات جذب المستثمرين الأجانب بينما توجد مليارات الجنيهات العشوائية التى تهدر فى البناء على الأراضى الزراعية أو يقتنصها مستريح ويهرب وكان باستطاعة الدولة أن تحول أصحاب هذه المليارات إلى مستثمرين صغار يسهمون فى مسيرة التنمية بشكل إيجابى بدلا من التخريب الذى تمارسه هذه الأموال فى الاقتصاد بتوسيع دائرة العشوائيات الاقتصادية والتخريب الذى تمارسه على مستوى المجتمع بالتفاوت الرهيب بين من يجد فرصة عمل فى الخارج ومن لم يجد هذه الفرصة، الأمر الذى خلق ظواهر اجتماعية سلبية مثل ظاهرة المغالاة فى المهور وتكاليف الزواج التى أصبحت ظاهرة مقلقة فى المجتمع المصرى. وارتفاع أسعار الأراضى بصورة غير مبررة.

ظاهرة جنون السفر!

ولا يخفى على الكثيرين من أن الدولة ليست لديها إحصائيات عن مستويات التعليم، لكن هناك ظاهرة ولدت منذ سنوات وهى انخفاض نسبة التعليم الجامعى فى العديد من القرى والتجمعات السكانية التى يتجه شبابها إلى حلم السفر للخارج..

وهذه حقيقة أعرفها من خلال الاحتكاك المباشر، ويستطيع من يريد أن يتحقق منها فى القرى التى أصيبت بجنون السفر فقد أصبح حلم الشباب هو الحصول على أسرع تعليم متوسط لكى يبدأوا سريعا مغامرة السفر وهى ظاهرة قريبة مما حدث لبورسعيد عند تحويلها إلى منطقة حرة!!.

هذا الشباب يتسلل من قريته إلى أوروبا وتعود أمواله إلى قريته تسللا أيضا كما سافر هو.. وهذه الأموال لا يعاد تدويرها أو استثمارها فى دائرة اقتصادية مفيدة تساهم فى تشغيل شباب آخرين وتغنيهم عن السفر، لكنها تستخدم فى المضاربة على الأراضى الزراعية وأراضى البناء التى ارتفعت أسعارها بشكل جنونى أو فى بناء بيوت فى القرى تعتبر استثمارا خاطئا ومعطلا لأنها تضم عدداً من الطوابق يفوق حاجة أصحابها.. بكل ما يعنى ذلك من مخاطر الزحف على الأراضى الزراعية بالتبوير!!

والشباب الذين جلبوا هذه الأموال معذورون لأنهم لا يعرفون غير هذا.. والذى يغامر منهم بالخروج من قريته فإنه لا يبتعد كثيرا بل يتجه إلى البناء على أطراف المدن الصغيرة المجاورة، أى المراكز التى بدأت تتضخم وتتوسع بدون تخطيط على حساب الأراضى الزراعية.

بدون كل هذه الإجراءات والملاحظات ستظل المشكلة وسوف تتفاقم ويتواصل استسلام الشباب والهاربين للضياع لعصابات الهجرة غير الشرعية، وسنظل نقدم للشباب النصائح المضحكة بالحذر من هذه العصابات، ونطالب من وصل واستقر والتحق بعمل فى الخارج بالتبرع.. لسان حال الشباب يقول وفروا نصائحكم لأنفسكم، لأن نار البطالة لا يعرفها إلا من يعانيها!! هذه رسائل جمعت من جذور الظاهرة الخطيرة التى تمت مواجهتها بمبادرات سطحية وإنشائية ظاهرها معالجة الظاهرة وباطنها كان يشارك فى تضخم الظاهرة، تلك معلومات لوزيرة الهجرة والمصريين بالخارج يمكن أن تسهم فى مواجهة الظاهرة.
اختبر ذكاءك

هناك علاقة سكانية عكسية بين الأزواج الذين يعملون، يقل عدد الأبناء لديهم، بينما يزيد عدد الأبناء بين الأزواج الذين لا يعملون! لماذا يزيد عدد السكان؟ هل السبب فى محاولة قتل وقت الفراغ؟ أم بسبب عدم توافر وظائف للزوجين؟ أم السببين معا!.

جمعيات ومشروعات!

أخشى أن تتفوق أعداد جمعيات المجتمع المدنى التى تدعو للتسامح والسلام على أعداد مشروعات المستثمرين باعتبار أن الأولى تحقق عائدا أكبر وتتطلب إجراءات أقل وفترة زمنية أقصر لتحصل على شرعية العمل والتمويل الضخم بعكس مشروعات الاستثمار فهى تطلب وقتا أطول وجهدا أكبر وتعقيدات يطول شرحها.

بيزنس العزاء!

الشىء الغريب أن هؤلاء المعزين الذين ليس لهم أدنى صلة بالمتوفى أنهم يقبلون على سرادق العزاء وكلهم تأثر وحزن ويهجمون على الطابور الطويل الذى يقف لتقبل العزاء معانقين مرددين عبارات العزاء والرحمة من أفواههم وتجدهم فى معظم سرادقات العزاء الفخمة فقط!.

هل هذا الحرص على العزاء لكى يؤكدوا أنهم شخصيات مهمة فى المجتمع أم للتصوير مع النجوم من المعزين، أم لإحراج مسئول لإنهاء طلب أو مصلحة فى هذا الجو الروحانى، أم لتناول أكثر من فنجان قهوة وشاى ومياه معدنية مجاناً بعد ارتفاع أسعارها فى المحلات؟!.

مواقف مبدئية

لن نتعامل مع حلول مؤقتة أو مسكنات، سنواجه مشاكلنا بحلول جذرية.

تعدد جهات الرقابة والتفتيش على المشروع الواحد.. ضياع للمسئولية.

لابد من تحديد الأنشطة التى يحتاجها المجتمع وخطط التنمية حتى لا نكرر مشروعات نهدر فيها أموالنا وجهودنا، ونحقق خسائر بدلا من النجاحات!.
دقيقة من فضلك

أسوأ أعدائنا ليسوا العامة والأميين.. مهما كانوا، أعداؤنا الأسوأ هم الأذكياء الفاسدون!.

ما أسهل الغش فى السلع، لكن ماذا عن الغش فى السياسة.

إذا وجدت الناس يفكرون بطريقة واحدة فلن يتقدم أحد!.

المتعصب هو الذى يغلق باب عقله فى وجهك!.

أكبر غلطة هى أن تظل خائفا من الوقوع فى الخطأ.

معظم الناس لا يفكرون، إنما يرتبون أحقادهم على الآخرين!.

الكتاب أعظم الأصدقاء، ولكن عيبه الوحيد أنك تشتريه بالفلوس!.

ليس القوى من يكسب الحرب دائما، وإنما الضعيف من يخسر السلام دائما!.

حتى إن ساءت الأمور جدا.. فإن المتفائل متأكد من أنها ستتحسن!.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة