كرم جبر
كرم جبر


إنها مصر

مصر .. أين كانت ؟

كرم جبر

الثلاثاء، 28 فبراير 2023 - 06:13 م

حدث فى مايو 2013 شخص يدعى هشام العشرى قرر ان يؤسس « جماعة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر « فى مصر ، كنموذج حى لإعصار الفوضى الذى سيجرف أمامه البقية الباقية من أركان الوطن الذى نعيش فيه .

فاليوم - الخميس - سوف يدشن المدعو العشرى جماعته ، ويقدم وعوداً للمواطنين كى يطمئنوا بأنهم لن ينزلوا الى الشوارع شايلين الشوم والسيوف ، ولن يضربوا الناس بالعصى والكرابيج ، لكنهم سيتصدون للفكر الخاطئ بالإقناع ، ولن ينظروا للملتحى بأنه ملاك وغير الملتحى بأنه شيطان ، وإذا ضبطوا سكيراً يقود سيارته فلن يضربوه بل يسحبون المفاتيح فقط ويسلمونها للشرطة ، وانهم سيطبقون طريقة « الإنتشار « فى غزو مختلف المناطق والأحياء .

أبشروا أيها المصريون ، لأن قائد هذه الجماعة الذى هو فى الأصل ترزى حريمى - مع كل الإحترام للترزية - يعدكم بعدم الضرب بالعصى والكرابيج أو قطع رقابكم بالسيف إذا ارتكبتم معصية من وجهة نظره ولن يتهمكم بأنكم شياطين إذا لم تطلقوا لحاكم ..

فماذا يحدث إذا حنث العشرى بوعده وقرر استخدام السلاح الذى فى يده درءاً للمعاصى إذا اتسعت والعياذ بالله ، فقد تكون زوجتك متأبطة ذراعك فى الشارع ، ويتقدم منك شخص منكوش اللحية ويرفع فى وجهك كرباجا ويقول لك « ورينى بطاقتك « ويا ويلك وسواد ليلك إذا نسيتها ، « إنت بتعمل كده ليه يا أيها الذنديق العاصى الفاجر ، وإزاى تمشى مع « حرمة « متعرفهاش « وقد يحتد النقاش الى قطع إذنك لتكون عبرة وعظة لكل الأحبة الذين يسيرون إتنين إتنين .
مثل هذه المهنة السلطوية الأبهة التى ينوى ممارستها بلطجية مصر سوف تجذب فى صفوفها كل الذين فاتهم قطار كلية الشرطة بسبب المجموع أو الواسطة ، فلا تشترط مؤهلات ولا توصيات ولا شهادة الحقوق ، وكل المطلوب جلباب رث تحت الركبة وبنطال وشبشب ولحية وسواك وعصا أو كرباج أسوانى تحت الإبط ، وموتوسيكل صينى لزوم الدورية الراكبة .

ولم يضع المدعو مؤسس جماعة الامر بالمعروف والنهى عن المنكر فى مصر، أية ضوابط لعدم تسلل الأشخاص سييئى السلوك إلى جماعته ، ولم يشترط كشفاً نفيساً حتى يمنع بعض المجانين وضعاف العقول الذين ينظمون المرور فى الإشارات من تغيير المهنة والإنضمام لسلك الوظيفة الأكثر جاها وسلطة .

وأهم حاجة إنه وعد بالتخلص من قائدى السيارات الذين يشربون الخمر ، وتخيل معى صورة حملة مكبرة من إدارة النهى عن المنكر « فى ميدان عايدة بشبرا ، والإخوه يحتجزون طابورا طويلا من السيارات بحثا عن السكارى ، ليس باستخدام أجهزة الكشف عن التعاطى التى يتأخر الإفراج عنها فى الجمارك ، ولكن بأجهزة الفطنة الروحية المكنونة فى أفئدتهم ، التى هى أكثر دقة من بدع أجهزة الغرب الكافر ، وكيف تعثر على مفتاح سيارتك بعد إنتهاء الحملة ، من بين عدة كراتين ممتلئة بالمفاتيح المضبوطة ، « خلّى فى السيارة نسخة إحتياطى « .

وعلاوة على تحقيق « الأمن « بالمعروف والنهى عن المنكر ، هناك فوائد أخرى أهمها حل مشكلة البطالة ، وتفكيك احتكار الدولة لأجهزة الأمن دون الخضوع لمطالب صندوق النقد الدولى بخصخصة الشرطة ، واستحداث جهاز أمنى جديد يعوض غياب الشرطة ويسد العجز فى صفوفها وينشر الخوف والرعب والذعر بين الناس ، ويقضى على ما تبقى من هيبة الدولة وسيادة القانون .

 هكذا كانت مصر فى 2013، وذكرنى فيس بوك بهذا المقال الذى نشرته فى ذلك الوقت.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة