هالة العيسوى
هالة العيسوى


من وراء النافذة

«مستريح» إلكترونى

هالة العيسوي

الأربعاء، 01 مارس 2023 - 07:21 م

 بلغ الهوس بالتطبيقات الإلكترونية مداه، رغم التحذيرات اللحوحة من خبراء البرمجيات، بعدم الانسياق وراء هذه التطبيقات والاستخدامات الأخرى للهواتف المحمولة. انصبّت تحذيرات الخبراء على مخاطر إساءة استخدام مبرمجى التطبيقات لحرية الدخول إلى الحسابات الخاصة للمشتركين، وقدرتهم على الاطلاع على أسرار المستخدمين وتعرية خصوصياتهم. لا أذكر أنى سمعت تحذيرًا من جرائم النصب، وربما لم يدر بخلد الخبراء أن يبلغ التجاوز هذا الحد، لكن يبدو أن إغراءات التطبيقات الحديثة والهوس باستخدامها محوا عقول البعض منّا، فتخلوا عن كل آيات الحذر والفطنة، وأصبحوا ضحايا لأكبرعملية نصب أتت على تحويشة العمر وأطاحت بأحلام الادخار وتحقيق الأمانى من شراء سيارة، أو مسكن أو دفع قسط فى موعد معين.

 العشرات يجأرون الآن بالشكوى من إغلاق إحدى الشركات الناشئة صاحبة تطبيق لعمل «جمعيات» كالتى تديرها ربات البيوت والموظفون، واختفاء أصحاب الشركة وإغلاق الهواتف التى أعلنوها للمساهمين، وعدم وجود من يتحدثون إليه فى مقر الشركة المعروف. والآن تتراكم فى قسم البساتين عدة بلاغات من الضحايا عن ضياع أموالهم التى تقدر بملايين الجنيهات حسب ما نشر موقع «المصرى اليوم».

 تقوم الفكرة على أساس أن يدفع المساهم مبلغًا شهريًا للشركة، على أن يتلقى فى دوره؛ الذى يحل فى شهر معين يتفق عليه، مبلغًا ضخمًا قد يربو عن المليون جنيه.

لا أجد فى نفسى دافعًا للتعاطف مع الضحايا، ولم أتمكن من إيجاد عذر لهم فى الدفع بعشرات الآلاف من الجنيهات شهريًا، لجهة مجهولة وأشخاص لا يعرفونهم، فقط بغرض الادخار. ربما أعذر من أودعوا أموالهم فى شركات توظيف الأموال سعيًا وراء وهم الحصول على عوائد تفوق عوائد البنوك. لكن حتى هؤلاء، وبعد العديد من جرائم النصب التى ارتكبتها شركات توظيف الأموال، وتكاثر «المستريحون»، لم يعد لديهم المبرر للسقوط فى نفس الشرك الذى سبقهم إليه آخرون. قد يتهم البعض هؤلاء بالطمع والرغبة فى المكسب السريع، أما الفريق الأول صاحب غاية الادخار وحسب، فأولئك لا عذر لهم ولا حاجة مُلّحة لهذه المغامرة، ولاسيما مع عدم وجود الضمانات الكافية التى تحمى حقوقهم.  

 مع ذلك، وللإنصاف، لايمكن أن نعفى وسائل الإعلام التى روّجت لمثل هذه الشركات الناشئة من مسئولية المشاركة فى خداع هؤلاء الضحايا ولو بنصيب يسير وبحسن نية، فقد استضافت الفضائيات أصحاب هذه الشركات وأُفرِدت لهم مساحات على صفحات الجرائد، من قبيل تشجيع هذا المجال الجديد من ريادة الأعمال، وباعتبارهم أصحاب أفكار مبتكرة خارج الصندوق، تقوم بالأساس على مبدأ الاقتصاد التشاركي، إضافة للتقنية المالية التى تشغل بال العالم. فى الواقع كان الكلام مبشرًا وواعدًا، وسرعان ما نما هذا النوع من «البيزنس»، وتعددت الشركات التى اقتحمت المجال، خاصة أنه لا يحتاج إلى رأسمال كبير. التزم البعض منها بحماية حقوق المساهمين وبإجراءات الحوكمة، أما البعض الآخر فقد أخذ الفلوس وطار.

 لا أدرى ماهى ضوابط الإشراف على عمل هذه الشركات، ولا الجهة المنوطة بالرقابة عليها، وتبقى مشكلة الضحايا، أنهم غير واثقين من عدم مغادرة أصحاب الشركة البلاد، ولا يدرون الآلية التى يمكن عن طريقها رد أموالهم إليهم.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة