يحيى وجدي
يحيى وجدي


يحيى وجدي يكتب: أبية فريد .. الرائدة التي حرمنا الموت منها

أخبار النجوم

الجمعة، 03 مارس 2023 - 04:34 م

لم تكن السينما المصرية الأولى والوحيدة في الشرق الأوسط لمدة طويلة فقط، بل إنها أيضا كانت الصناعة الرائدة عربيا التي قامت على أكتاف النساء ومكنتهن، ولدينا قائمة تاريخية هائلة من النجمات المؤثرات.

غير أن دور المرأة كان منحصرا في مجالات الإنتاج والإخراج وتأليف الموسيقى والأزياء، ولم تدخل عالم التقنيات السينمائية، لذلك كانت أبية فريد رائدة حقيقية في التصوير السينمائي كأول مديرة امرأة للتصوير سينمائي، وكان رحيلها المبكر عام 1982 وهي في الرابعة والثلاثين من عمرها فاجعة هزت الوسط السينمائي المصري والعربي.

عن أبية فريد، قدمت لنا الكاتبة والناقدة الدؤوبة عزة إبراهيم كتابا صغيرا في حجمه عظيما في محتواه، يوثق مسيرة مديرة التصوير الرائدة بعنوان “أثر الفراشة.. أبية فريد الزغبي” وصدر عن “الجمعية المصرية لكتاب ونقد السينما”، وهو الكتاب الذي وصلني قرأته متأخرا للأسف، حيث كان ضمن فعاليات مهرجان الإسكندرية السينمائي، دورة محمود حميدة، حيث كرم المهرجان اسم أبية فريد الزغبي تقديرا لدورها وريادتها وإبداعها.

وأبية، هي أبية فريد الزغبي المولودة عام 1948، في حي المنيرة، تنتمي إلى عائلة من الطبقة الوسطى المصرية، وقد شجعها والدها على الدراسة في معهد السينما، الذي التحقت به عام 1967 وتخرجت منه عام 1971، وقبل التحاقها بمعهد السينما لم تكن إدارة المعهد تتحمس لقبول التحاق البنات بقسم التصوير، وتقول مؤلفة الكتاب عزة إبراهيم إن أبية كسرت هذه القاعدة وغيرت وجهة النظر التي كانت ترى صعوبة هذه الدراسة وهذا العمل على البنات، ثم واصلت أبية بجرأة بعد التخرج اقتحام الحياة في مجال السينما رغم الصعوبات التي واجهتها، والتي بلغت حد أنه لم يكن هناك أي مخرج على استعداد للثقة في قدرات أي فتاة للتعامل مع كاميرات السينما، أو حتى يغامر بأن يترك الفيلم الخام بين يديها لتقوم بتعبئته في الشاسيهات.

طوال سنوات دراستها في معهد السينما كانت أبية فريد الأولى على دفعتها، وتخرجت الأولى أيضا، حتى أن الصحف آنذاك أبرزت الخبر واحتفت بها وبتفوقها، ونقلت على لسانها إصرارها أن تعمل مصورة سينمائية، وتقتحم المجال المغلق على الرجال وتحديدا الأكثر خبرة فيهم.

لم يتجاوز العمر المهني لأبية فريد 11 عاما، لكنها كما تقول المؤلفة وقفت بحجمها الصغير خلف الكاميرا كواحدة من ربات النور والظلام ومعدات التصوير الضخمة لتساهم في سحر السينما، وتركت تفاصيل من روحها الغنية في رصيد ووجدان السينما المصرية، وحفرت اسمها في تاريخ الصناعة كأول مصرية تتجرأ على قنص الضوء وتوزيعه بحرفية كبيرة، فقد تمكنت أن تصنع مع كاميرتها صورة كانت واعدة ومبشرة، وأن تقتحم مجالا كان لفترة طويلة يستبعد النساء أو يحاصرهن “بصورة ذهنية مريضة”.

إلى جانب عملها في التصوير السينمائي، عُينت أبية فريد معيدة في معهد السينما وقامت بالتدريس لعدة دفعات، وتخرج على يديها العديد من المصورين السينمائيين الذين أصبحوا نجوما كبارا فيما بعد، ومع العمل الأكاديمي شاركت أبية كمصورة أو مساعدة أو مديرة تصوير في أفلام شهيرة مثل “أميرة حبي أنا” و”لا عزاء للسيدات” و””خائفة من شيء ما” و”شلة الأنس” و”شمس وضباب”، إلى جانب مشاركتها مع زوجها الفنان الكبير سعيد شيمي في عدد من الأفلام، وقصة حب وارتباط أبية فريد وسعيد شيمي تحتاج وحدها إلى أكثر من مقال أو إلى كتاب خاص منفصل كما كتبت الناقدة عزة إبراهيم مؤلفة الكتاب الجميل، الذي عرفنا على روح وثابة وقيمة فنية كبيرة  لم تعطها الحياة فرصة لتكمل ما حلمت به، وأخذها الموت مبكرا، فكانت مثل “فراشة” لكن لها أثرها العميق.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة