محمد بركات
محمد بركات


يوميات الأخبار

الحـوار بين الأجيال

محمد بركات

الثلاثاء، 07 مارس 2023 - 05:57 م

الضرورة والحكمة تحتمان السعى بإصرار وحب وجدية، لتضييق الفجوة مع جيل الأبناء، وتفهم واقعهم والتواصل مع أفكارهم ومقومات ثقافتهم.

 أعتقد أننا لا نتعدى الواقع أو الحقيقة فى قليل أو كثير إذا ما قلنا إن لكل زمان قواعده ومفاهيمه التى يتعامل بها ويتوافق عليها أهله وأصحابه، وفقا لما يرونه مناسبا لهم ومتماشيا مع طبيعة عصرهم ومتطلبات حياتهم، ومحققا لغاياتهم ومسيرًا وميسرًا لاحتياجاتهم المادية والمعنوية.

وفى هذا الإطار أصبح من المألوف لدى بعض الأبناء من الشباب، إن لم يكن الغالبية العظمى منهم، النظر إلى كثير من المفاهيم والقواعد الحاكمة لسلوكيات وتعاملات الآباء، على أنها قاصرة عن التعبير عنهم وغير صالحة للأخذ بها من جانبهم باعتبارها قواعد جامدة تنقصها المرونة، وأنها مفاهيم فات أوانها وانقضى زمانها وأصبحت «دقة قديمة»، ومن كلاسيكيات الماضى التى يجب أن تحفظ فى المتاحف وأن تسحب من التعامل فى الحياة المعاصرة، لأنها لا تتوافق معها ولا تصلح لها على أى وجه من الوجوه، ولا على أى صورة من الصور.

الصواب والخطأ

وإذا جاز لى أن أبدى رأياً فى ذلك بوصفى عضواً فى المجتمع، وواحداً من جيل الآباء المشاركين بالفعل فى أحيان، وبالمتابعة والمراقبة فى أحيان أخرى، فى كل مظاهر وأشكال التفاعل الاجتماعى النشط بين الأجيال وتطور العلاقة بينهم،...، فإننى أقول باعتقادى أنه على الرغم من الانتشار الواسع لهذا المفهوم لدى الأجيال الشابة، واعتباره من جانبهم قضية محسومة ومسلماً بها، إلا أننى أعتقد بعدم صحة ذلك التصور بكليته ومجموعه، ولكنه أيضا ليس خاطئاً فى كليته وشموله أيضا.

بل هو فى يقينى صحيح جزئياً كما أنه خاطئ جزئياً أيضا، أى أنه يحمل فى طياته قدراً من الصحة والصواب، وقدراً آخر من عدم الصحة وغيبة الصواب.. والمدقق فى هذا الشأن بالفحص والتمحيص، يضع يده على الحقائق التى تؤكد أن هناك قدراً كبيراً من المستجدات، جرت وتجرى على أرض الواقع الذى تعيش فيه، وقد امتد تأثير هذه المستجدات وتغلغل فى الواقع الاجتماعى، على المستويين المادى والمعنوى، بما أحدث فيه بالفعل متغيرات وتحولات لا يمكن أغفالها أو إهمالها.

وفى هذا الخصوص لا أتصور ولا أعتقد أن أحداً يمكن أن يتغافل أو يتجاهل أو ينكر، القدر الهائل من المتغيرات التى أصابت المجتمع كله، فى جميع فئاته ومستوياته العمرية على وجه العموم، والأطفال والصبية على وجه الخصوص والشباب على وجه التحديد، نتيجة الطفرة الهائلة التى طرأت على وسائل الاتصال الحديثة، والتى جعلت من العالم كله مجالاً متاحاً ومفتوحاً أمام كل إنسان كبيراً أو صغيراً بضغطة واحدة من أصبعه على «زر» أو  رقم فى جهاز صغير بحجم كف اليد، فى متناول كل من يريد ومتاح للكل، بحيث يمكنه أن يتواصل مع من يشاء فى أى مكان بالعالم، أو يتابع ويشاهد رؤية العين ما يجرى فى أى مكان من العالم فى لحظة حدوثه.

ثورة الاتصالات

هذه الثورة التكنولوجية الهائلة فى وسائل الاتصال، وذلك التطور الكبير فى نقل الأخبار وتداولها، وانتقال الأحداث والوقائع فوراً وفى لحظة وقوعها فى أى مكان، إلى من يريد فى أى مكان آخر من دنيانا الواسعة،..، وسواء كان هذا الشخص فى الشارع أو المكتب أو حجرة النوم فى قرية صغيرة أو مدينة كبيرة فى مصر أو غيرها من البلاد يمكنه أن يشاهد ويتابع ما يحدث فى أمريكا أو روسيا أو أوكرانيا أو أوروبا أو أى مكان آخر، فى ذات الوقت وذات اللحظة التى يشاهد ويتابع غيره من سكان العالم نفس الأحداث ونفس الوقائع.

وفى ظل هذا المتغير الجسيم الذى حدث فى كل مكان بالعالم وعندنا أيضا، كان لابد أن ينتج عنه أثر بالغ فى كل البشر بصفة عامة، وفى الأبناء الصغار وجيل الشباب على وجه الخصوص،..، وكان الأثر أقوى بالقطع على أبناء المجتمعات والشعوب والدول التى لم تكن على نفس القدر من الإلمام بجسامة حجم التقدم العلمى وأدواته وآلياته، وما جرى فيه من تطور وتحديث جعل العالم كله بالفعل بكل دوله وشعوبه، يعيش فى قرية واحدة دون فواصل أو حواجز.
وقد كان وحدث بالفعل.. ووقعت نتيجة لذلك آثار ومتغيرات اجتماعية وثقافية كثيرة وبالغة فى المجتمعات بصفة عامة.. والأسر والأفراد على وجه الخصوص.

وسواء شئنا أو لم نشأ لابد أن نعترف بأن الأجيال الشابة والأبناء الصغار، الذين كانوا أطفالاً وصبية لحظة وقوع وحدوث هذه الثورة التكنولوجية فى وسائل الاتصال، كانوا هم الأكثر استيعاباً وتفهماً وتأقلماً معها، والأكثر قدرة على التعامل معها والأكثر تأثراً أيضا بها، بينما كان جيل الآباء هو الأقل تفهماً واستيعاباً، والأقل حماساً وقدرة على التعامل معها، وقد نتج عن ذلك نوع من الانفصال النسبى ومساحة من الاختلاف النوعى، فى طريقة التفكير وزاوية النظر بين جيل الآباء وجيل الأبناء.

واقع مختلف

وقد أدى ذلك إلى وجود واقع مختلف نسبياً فى ثقافته وأفكاره للشباب والصبية والصغار، عن الواقع الذى كان سائداً لجيل الآباء، والذى مازال بصورة ما معمولاً به وقائماً فى كثير من الأسر،..، وهو ما خلف نوعاً من عدم التواصل المرن بين الجيلين، جيل الآباء وجيل الأبناء، الذى أصبح أكثر انفتاحاً على الثقافات الأخرى،..، وذلك فى تصورى يرجع إلى فارق السرعة  بين الجيلين فى التأقلم مع المتغيرات الناشئة نتيجة الثورة التكنولوجية، وتطور وسائل الاتصال فى ذات الوقت الذى تزايدت فيه الأعباء على الآباء والأسرة بوجه عام، وانهماكهم فى تدبير احتياجات المعيشة، وضيق الوقت المتاح أمامهم للتواجد الفعال داخل الأسرة، وما نتج عنه من قلة الزمن المتاح للتواصل ومتابعة التطور الذى طرأ على أحوال وأفكار الأبناء من الشباب والصبية.

وفى ظل ذلك وبالرغم منه.. أحسب أن الضرورة الوطنية والواجب الأبوى والمصلحة الخاصة والعامة أيضا، تحتم على جيل الآباء الإدراك الواعى بضرورة العمل بكل الحب والجدية والإصرار، على تضييق الفجوة مع الشباب، بل والسعى لإزالتها، وذلك عن طريق محاولة التفهم لواقعهم وأفكارهم ومقومات ثقافتهم، وبناء ودعم التفاهمات المشتركة ونقاط الالتقاء مع جيل الأبناء بكافة السبل المتاحة والممكنة.

وفى تصورى أن ذلك لن يكون سهلاً ولا ميسوراً بمجرد الإرادة أو الرغبة، ولكنه أيضا ليس مستحيلاً، بل ممكن التحقيق شريطة أن ندرك ونقتنع بالحقيقة القائمة على أرض الواقع، والتى تقول إن أبناءنا الشباب وأولادنا الصغار هم أبناء جيلهم والتعبير الحقيقى عن أفكاره ومعاييره وثقافته وقيمه،..، كما كنا نحن الآباء فى نفس الفترة السنية أبناء جلينا،..، وعلينا أن ندرك فى ذات الوقت، أن أولادنا ليسوا ملكاً لنا نصنع منهم وبهم ما نشاء، ونحركهم كيفما نريد،..، ويجب أن نستوعب حقيقة أن الأبناء لو أصبحوا نسخاً مطابقة لنا فى الفكر والثقافة والسلوك وطريقة التفكير وأسلوب الأداء،..، لما كان هناك تقدم أو تطور فى هذا العالم،..، وأن الحوار هو الوسيلة الصحيحة والفعالة للفهم المشترك، وبناء علاقة سوية وإيجابية وتواصل دائم بين الآباء والأبناء، يقوم على الاحترام المتبادل والقبول بتعدد الرؤى والإيمان بأن التطور هو سنة الحياة.

الزلازل.. والعلماء 

البعض منا يطلق على الزلازل المدمرة والفيضانات الكاسحة والأعاصير والعواصف العاتية والبراكين المتفجرة.. تعبير غضب الطبيعة، والبعض الآخر يرى أن كلمة الغضب، أقل كثيراً من أن تعبر تعبيراً صحيحاً عن الحقيقة والواقع المصاحب لهذه الأحداث وتلك الوقائع، وما تخلفه وراءها من دمار وخراب عام وشامل، ويرون أن الأقرب والأكثر ملاءمة للتعبير عنها هو أنها ثورة الطبيعة وليست مجرد غضبها.

أما الخبراء والمتخصصون فى علوم الأرض والمناخ وعوالم الجيولوجيا فيقولون عنها جميعاً، إنها ظواهر طبيعية حدثت ونشأت منذ نشأة الأرض، وتهيؤها لاستقبال الحياة البشرية عليها، فى ذلك التاريخ الضارب فى عمق الزمن، على مبعدة ملايين أو بلايين السنين الماضية،..، وإنها ستظل تحدث إلى ما شاء الله.
ويؤكد هؤلاء الخبراء والمتخصصون أن هذه «الاختلاجات» أو الزلازل، هى هزات طبيعية فى قشرة الأرض، وهى تمدنا بدليل لا يقبل الجدل على أن الحركات الأرضية مازالت نشطة حتى يومنا هذا، وقد تكون بعض هذه الاختلاجات الأرضية بالغة العنف لتصبح مسئولة عن الدمار الرهيب والعدد الكبير من الوفيات التى تحدث فيه.

ومع ذلك فإن معظم الزلازل ضعيفة جداً لدرجة أن الإنسان لا يحس بها ولكن يمكن الكشف عنها فقط بأجهزة حساسة تسمى «أجهزة تسجيل الزلازل» أو أجهزة «السيزموجراف».

أحزمة الزلازل

بالرغم من أن علم دراسة الزلازل قد كشف للعالم عن معلومات كثيرة عن الهزات الأرضية، إلا أن سببها الحقيقى ليس مفهوماً على وجه اليقين، ومنذ آلاف السنين فكر الإنسان كثيراً فى أسباب الزلازل. وفى العصور القديمة كان الناس يعتقدون أنها دليل على سخط الآلهة على البشر أو ربما كانت ترجع إلى قلق وعدم استقرار «الثور» الخرافى الذى يحمل الأرض على ظهره أو على قرنيه.

ولكن بعيداً عن خرافة الثور التى كانت سائدة فى عصور الجهالة، يرى العلماء أن الرجفة الأرضية أو الزلزال يحدث نتيجة هزة أو صدمة مفاجئة بين ألواح الصخور فى عمق الأرض، حيث تصطدم الألواح «التكتونية» المكونة لقشرة الأرض بما يؤدى إلى هزات أرضية متوسطة أو شديدة.

ويقولون إن الزلازل تحدث فى أى مكان فوق القشرة الأرضية، ولكن معظمها ينشأ فى المناطق غير المستقرة منها  والتى تسمى أحزمة الزلازل، حيث تنشأ ٨٠٪ من الزلازل بالعالم فى الحزام الممتد حول المحيط الهادى، وهذا الحزام يمتد من شيلى فى أمريكا الجنوبية وعلى طول الساحل الغربى للأمريكتين ثم شمالاً حتى «الاسكا» و»اليابان» وأندونسيا و»نيوزيلاند» وجزر المحيط الهادى.

ويوجد حزام آخر يشمل شرق البحر المتوسط حيث تركيا وشمال سوريا ثم يعبر آسيا ويمتد إلى منطقة البحر الكاريبى وجبال الألب والهيميلايا وإسبانيا وإيطاليا واليونان وشمال الهند، وهذا الحزام تنشأ به ١٥٪ من الزلازل الأرضية، أما باقى الزلازل وقدرها ٥٪ فتحدث فى مناطق أخرى ويقولون إن شدة الزلزال أو قوته تقاس على أجهزة «السيزموجراف» بمقياس ريختر وأن الضعيف منها يكون أقل من «٤» ريختر والمتوسط من «٤» وحتى «٦٫٥» ريختر، والشديد القوة هو ما يزيد عن ذلك، وصولاً إلى التدمير الكامل ما بعد قوة «٨» ريختر.. وقانا الله جميعا شر الزلازل.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة