آمال عثمان
آمال عثمان


أوراق شخصية

معهد الأورام والمعادلة الصعبة

آمال عثمان

الجمعة، 10 مارس 2023 - 06:41 م

مع اقتراب شهر رمضان، وتحوّل شاشات التليفزيون إلى ساحات للتسول والاستجداء، والتسابق على نصيب الأسد من كعكة الزكاة والتبرعات، وابتزاز جيوب المصريين والإخوة العرب، لابد من وقفة مع ضمائرنا، نراجع فيها أنفسنا، ونتحلّى بالحكمة فى قضية أموال الزكاة، بعيداً عن الشطارة و«الفهلوة» فى أساليب جمع التبرعات، وطرق الدعاية المبتكرة، والتفنن فى إعلانات تستغل المرضى وتتاجر بالمصائب، لتؤجج المشاعر، وتوغر القلوب الرحيمة. 

علينا التأكد من أحقية بعض الجهات فى الحصول على التبرعات، والتعرف على حجم الخدمة التى تقدمها، نظير ما تحصل عليه من أموال، ومصادر إنفاقها وصرفها بكل شفافية ووضوح، أو تبديدها وبعزقتها بكل غموض وريبة والتباس، ومدى التزام تلك الجهات بالغرض الذى دفعت من أجله الأموال، أقول ذلك بعدما رأيته بنفسى داخل المعهد القومى للأورام، وما لمسته من خدمة طبية متميزة تقدم بالمجان لآلاف المرضى يومياً، ممن يعالجون بداخله أو المترددين عليه من كافة المحافظات، وما يبذله فريق من أعظم الاستشاريين وكبار الأطباء والمساعدين، والجهود الجبارة من فرق تمريض على أعلى مستوى من الاحترافية والإنسانية والأخلاق.

وبعدما أدركتُ كيف نجح المعهد بكفاءة ومهارة وإخلاص فى تحقيق المعادلة الصعبة لجودة الخدمة الطبية، ووضع ضوابط إدارية وطبية صارمة، تفتقر إليها المستشفيات الاستثمارية، التى أضحت «الإكراميات» فيها «فرض عين»، بينما مجرد المحاولة فى معهد الأورام تثير الفزع، وتدخل فى نطاق التصرف الجارح للعاملين برغم ضعف الأجور! 

وأشهد الله أننى لم أكن أتوقع أن يكون فى بلدى مثل هذا الصرح الطبى العملاق، لخدمة مرضى السرطان اللعين بالمجان، أطفالاً وشباباً ورجالاً ونساءً وشيوخاً، ودون تفرقة سواء فى المستوى المادى أو الاجتماعي، وبلا شروط لقبول المريض، مثل الشروط التى تضعها مؤسسات علاجية، تجمع أكبر تبرعات من داخل وخارج مصر، وتتلقى أجهزة ومعدات مجانية!!

الأمر الذى يدعو للدهشة حقاً أن 78% من ميزانية هذه القلعة الطبية العظيمة، تأتى من أموال التبرعات دون إعلانات أو دعاية أو برامج ومسلسلات ومنظرة فارغة، بارك الله فى ملائكة الرحمة الذين يقدمون خدمة طبية مجانية، لأكبر عدد من المرضى بأقل تكلفة، ويعلنون ميزانياتهم على الملأ بكل شفافية ومصداقية، ولا ينتظرون الإثابة سوى من الله عز وجل.
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة