جلال عارف
جلال عارف


فى الصميم

نتنياهو.. صفقة الرحيل أو سيناريو الخراب

جلال عارف

الجمعة، 10 مارس 2023 - 07:57 م

ما يحدث فى إسرائيل غير مسبوق.. لم يكن الكيان الصهيونى منقسما من قبل بهذه الصورة، ولم تكن إسرائيل مكشوفة سياسيا أمام العالم كما هى اليوم. كل أكاذيبها عن المظلومية والحصار والتهديد لأمنها تنكشف فلا يبقى إلا وجهها الحقيقى وهى تقيم المذابح وتشعل «المحارق»، للشعب الفلسطيني، وتقيم دولة عنصرية لا ترى مصيرا للفلسطينيين إلا الإبادة أو التهجير من أرضهم التى تعيث فيها قطعان المستوطنين بممارساتها النازية التى لم يعد ممكنا اخفاؤها عن عيون العالم!!

الممارسات ليست جديدة فهذا هو طابع الكيان الصهيونى منذ نشأته، لكن الظروف تختلف، والأقنعة تسقط، وآلة القتل الإسرائيلية أصبحت فى يد حكومة زعماء عصابات اليمين المتطرف الذين يرون أنه لا مكان لفلسطينى أو عربى فيما يعتبرونه «أرضهم التاريخية»، والتى تمثل كل أرض فلسطين مرحلتها الأولي!! وهو ما يعنى أن كل ما يجرى فى القدس والضفة الغربية ليس إلا بداية لمشروعهم الوهمى. وعلينا أن نراقب جيدا محاولاتهم للعودة إلى غزة من خلال مشروع قانون تم إعداده لإلغاء قرار «فك الارتباط»، مع غزة الذى سحب بمقتضاه شارون قواته العسكرية من هناك وأبقى غزة تحت الحصار والسيطرة!

الإسرائيليون من خارج عصابات اليمين المتطرف يدركون حجم الخطر الذى تمثله حكومة لا تؤمن إلا بآلة القتل وهلاوس التوسع، ولهذا تجتاح المظاهرات مدن إسرائيل ويصل عدد المتظاهرين إلى ٢٠٠ ألف الأسبوع الماضي.  الخلاف هنا لا يقتصر على محاولة نتنياهو تطويع السلطة القضائية لخدمة ما يريد، بل يتجاوزه إلى الكارثة التى يخشاها الجميع فى ظل حكومة التطرف فى الإرهاب والفساد معا!

ولهذا لا يقتصر التظاهر على المعارضة أو المهتمين بشئون القضاء، بل يضم أيضا المفكرين وكبار الكتاب، والقادة السابقين فى الشرطة والجيش الذين وصل بهم الغضب إلى الدعوة العلنية إلى «التمرد»، على نتنياهو وحلفائه فى حكومة زعماء عصابات التطرف اليمينى لإجهاض «الانقلاب»، الذى يقوم به تحالف نتنياهو - بن غفير - الذين يرون أنه يذهب  بالجميع إلى الكارثة!

ربما لم ينزعج «نتنياهو» كثيرا حينما حاصر المتظاهرون المكان الذى كانت به زوجته لساعات حتى تمكنت الشرطة من إخراجها. لكنه - بالتأكيد - انزعج عندما رفض عدد من ضباط الاحتياط الانضمام إلى وحداتهم بعد استدعائهم، وذهبوا - بدلا من ذلك- ليشاركوا فى المظاهرات!! وعندما حذره قادة الجيش من أن استمرار الأزمة يعنى التوسع فى «التمرد»!! وعندما بدأت الدعوة إلى «العصيان المدني»، تكتسب زخما جديدا بعد فشل كل محاولات إنهاء الأزمة!!

وعندما يضطر إلى الطلب من وزير الدفاع الأمريكى أن يكون اللقاء به قريبا من المطار لأن رئاسة الحكومة ومقر وزارة الدفاع يحاصرهما المتظاهرون!

فى البحث عن مخرج للأزمة بدأت الأصوات تتصاعد بأن الحل لم يعد بيد نتنياهو بل يتجاوزه، وبدأت المطالبات باستقالهم ضمن صفقة تضمن له ألا يدخل السجن، وتضمن لحزبه «الليكود»، أن يبقى على رأس حكومة جديدة. أهم من دعا لذلك الرئيس السابق بجهاز الأمن الداخلى «شاباك»، الجنرال ديسكين الذى حذر نتنياهو من «سيناريوهات الخراب»، إذا لم يقبل بفك التحالف مع الأحزاب المتطرفة وترك الحكم لتشكيل حكومة وحدة وطنية بقيادة «الليكود» وبدون جماعات التطرف - على أن تكون هناك صفقة تضمن لنتنياهو إغلاق ملفاته الجنائية مقابل اعتزاله للحياة السياسية تماما!!

وطبيعى أن يرفض نتنياهو.. لكن إلى متى إذا كان حزبه «الليكود»، به الكثيرون ممن يخشون من نتيجة تسليم نتنياهو مفاتيح الحكم لدعاة الإرهاب مثل «بن غفير»، و«تسيموتريتش» على مصير حزب الليكود نفسه وإذا كانت «الصفقة» تضمن لحزب «الليكود»، البقاء فى رئاسة الحكومة، والتخلص من إرث الفساد بطى صفحة نتنياهو وإغلاق ملفاته الجنائية هو وزوجته، وإبعاد زعماء عصابات الإرهاب من مواقع السلطة قبل فوات الآوان!!

فى الماضي.. كان «نتنياهو»  وغيره من رؤساء الحكومات الصهيونية يهربون من أزماتهم إلى الحرب المحدودة.

ضامنين توحيد الصف الداخلي، ودعم القوى الراعية وفى المقدمة الولايات المتحدة.

لكن الصف الداخلى الآن لن يتوحد وراء هذه الحكومة، وأمريكا تعبر عن «الاشمئزاز»، وترفض استقبال حكام إسرائيل، والعالم كله لا يتحمل استمرار الصمت على الممارسات النازية من حكومة الإرهاب والتمييز العنصرى فى الكيان الصهيونى.

رحيل نتنياهو أو سيناريوهات الخراب.. هذا ما تواجهه إسرائيل بعد أن سقطت كل الأقنعة.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة