صالح الصالحى
صالح الصالحى


وحى القلم

«الحريات» بين الغرب والشرق

صالح الصالحي

الأربعاء، 15 مارس 2023 - 07:02 م

رغم أن مصطلح "الحريات" عرفته البشرية منذ قديم الأزل، منذ أن خلق الله البشر.. فهو مصطلح نادت به جميع الأديان السماوية.. وأكدت عليه لدرجة أن المولى عز وجل خالق الكون والبشر منح الحرية للإنسان فى الاعتقاد والإيمان، "فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر".. فالمولى أعطى الإنسان مشيئة بها يقدر على الإيمان والكفر، والخير والشر..

وهذه هى قمة هرم الحريات ومفهومها الحقيقى.. إلا أن الغرب والولايات المتحدة الأمريكية نسبوا هذا المصطلح لهم فى محاولة لاحتكاره باعتباره أعلى قمة منظومة حقوق الإنسان، والتى نصبت الولايات المتحدة الأمريكية نفسها حامية لها..

وبالطبع للغرب والولايات المتحدة رؤية تخصهما فى شأن الحريات، هذه الرؤية التى تلبى أغراضهما ومطامعهما يريدان فرضها على العالم أجمع دون النظر إلى أى اعتبار قد يغايرهما فى دول أخرى خاصة دول الشرق والدول العربية، باعتبار أن المفهوم الغربى للحريات لا يتماشى معهم دينياً وعقائدياً وأخلاقياً..

حسناً فعل لدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر عندما ناقش مسألة "الحريات" مع ميتا فريدركسن رئيسة وزراء الدنمارك لأن العالم فى أمس الحاجة إلى صوت الدين، ذلك الصوت الذى يحاول البعض كتمه وإقصاءه عن حياة الناس، وأن المغالاة فى النظرة المادية وتألية شهوات الإنسان والسعى وراء إشباعها، لم يجن من ورائه العالم سوى المزيد من الحروب والصراعات وسفك الدماء..

الشيخ الطيب تطرق فى حديثه إلى أن مصطلح الحريات يساء استخدامه كثيراً من الغرب مع توظيفه فى  فرض بعض الرؤى والأعراف الغريبة على الثقافة الشرقية والعربية كتطبيع الشذوذ الجنسى من خلال القنوات الإعلامية الموجهة للمنطقة العربية وللشرق الأوسط بشكل عام.. ومحاولة فرضه قانوناً وواقعاً، مع الضرب بحقوق الإنسان والأطفال والأسرة عرض الحائط.

وأن هذه السلوكيات والجرائم تتنافى مع تعاليم الدين والفطرة الإنسانية، وتقلب موازين الكون وسنة الله فى خلقه. مع ضرورة وضع حد لهذا الشكل المتجدد من الاستعمار، وهو الاستعمار الفكرى والثقافى، خاصة أن تمسك المسلمين وأهل الشرق بقيم الدين والأخلاق جزء لا يتجزأ من شخصيتهم وهويتهم التى يعتزون بها ويقدرونها جيداً..

كما أن حرية التعبير لا يمكن قبولها للإساءة للآخرين أو المساس بمقدساتهم ورموزهم الدينية..

وأن الجميع بحاجة إلى انتشال الإنسان من مآسيه وآلامه والتعامل مع  الاإنسان الشرقى على أنه إنسان كامل شأنه شأن الغرب، وأن شعوب الشرق تستحق أن تعيش حياة أفضل بكثير..

لعل هذا الدرس يجد صدى عند رئيسة وزراء الدنمارك، وأن يجد من الحكماء والعقلاء من لايزالون يملكون حساً إنسانياً تجاه القضايا العادلة، من يعيدون النظر فى مفهوم الحريات خاصة فى منطقة الشرق. وأن تعى دول هذه المنطقة ما يحاك لها من غزو فكرى وثقافى باعتباره هو السلاح الفتاك للاستعمار الجديد.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة