عبدالقادر شهيب
عبدالقادر شهيب


شىء من الأمل

صناعة النفوذ!

‬عبدالقادر شهيب

الخميس، 16 مارس 2023 - 07:56 م

أكثر ما توقف أمامه المحللون فى الاتفاق السعودى الإيرانى على عودة العلاقات الدبلوماسية بينهما هو أنه تم برعاية صينية .. فقد اعتبر البعض أن ذلك مقدمة لنهاية القطب الواحد فى العالم، ومن تحفظ فى تحليله اعتبره على الأقل اختراقا صينيا لمنطقة كانت على مدى عقود منذ اختفاء الاتحاد السوفيتى حكرا للنفوذ الأمريكى وحده.

وقد أمكن للصين ممارسة هذا النفوذ السياسى فى منطقتنا بعد أن تمكنت من بناء نفسها اقتصاديا على مدار عدة عقود حتى صارت الآن هى  صاحبة ثانى أكبر اقتصاد فى العالم بعد الاقتصاد الأمريكى، ولا تختلف التنبؤات الاقتصادية انها سوف تصير هى صاحبة الاقتصاد الأول فى العالم بعد إزاحة الاقتصاد الأمريكى عن عرش الاقتصاد العالمى يليها الهند فى المركز الثانى، وأحدث هذه التنبؤات يتوقع أن يحدث ذلك فى نهاية عقدنا الحالى. 

لقد ادركت الصين مبكرا انها لكى تصبح دولة عظمى يتعين عليها اولا ان تكون صاحبة اقتصاد قوى ضخم متين ..

لذلك كرس الصينيون جل جهودهم لبناء هذا الاقتصاد من خلال التنمية الاقتصادية المستدامة التى كان يتحقق لهم فيها معدل  كبير للنمو الاقتصادى تجاوز فى سنوات عديدة عشرة فى المائة ، مع الاهتمام بانقاذ اعداد ضخمة من الصينيين من الفقر بلغ عددهم قرابة ثلاثة أرباع المليار شخص فى غضون ثلاثة عقود متتالية ..

وعندما داهمت جائحة كورونا العالم اكتشف فقط وقتها أنه صار يعتمد على الاقتصاد الصينى لدرجة كبيرة جعلت الصين كما وصفت وقتها مصنع العالم المتحكمة فى سلاسل الإمداد العالمية  بالسلع. 

وما فعلته الصين على مدى عقود ليس وصفة صينية فقط لصناعة نفوذ سياسى وإنما هى وصفة عالمية، بل هو السبيل الوحيد لصناعة النفوذ السياسى للدول فى العالم .. فكل نفوذ سياسى لدولة هو ترجمة لقوتها الاقتصادية ..

ولذلك لا يمكن لدولة. أن تطمح فى ممارسة نفوذ سياسى عالمى أو فى منطقتها بدون أن يكون لديها اقتصاد قوى قادر على الوفاء بالاحتياجات الأساسية لأبنائها ..

وعندما أرادت أمريكا التخلص من الاتحاد السوفيتى عملت على إضعافه اقتصاديا بفرض سباق تسلح عليه، وهذا ما تفعله مع روسيا الآن بالعقوبات الاقتصادية، وما تفعله مع الصين لتأخر صعودها عالميا الذى يسهم فى تقويض نظام القطب الواحد فى عالمنا ..

لذلك فإن تجاوزنا الأزمة الاقتصادية الحالية هو ضرورة لحماية أمننا القومى.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة