السيد النجار
السيد النجار


يوميات الأخبار

ممر إلى المستقبل

الأخبار

الخميس، 23 مارس 2023 - 07:42 م

هو.. ليس مشروعا.. ولكنه دولة جديدة بامتداد صحراء مصر الغربية.. هو.. تغيير شامل فى خريطة مصر لأول مرة منذ تركها الأجداد الفراعنة.

عانيت كثيرا.. مررت بكثير من الأزمات، بما فيها الهجرة إلى أمريكا عام ١٩٦٦، وهى التى لم تكن تخطر على بالى أبدا.. الهجرة نفسها كانت مأزقا فى ظل الظروف بمصر حينها، ولكنها كانت مخرجا من مأزق.. كل هذا لم يترك أثرا فى نفسى، ولكن مايوجعنى أننى لم استطع أن أفعل ما كنت متصورا أننى أستطيع فعله لبلدى مصر.. هكذا يتحدث العالم المصرى الدكتور فاروق الباز فى ألم.. يقولها بوجع ولكن مع جلد وصبر ومثابرة وتفاؤل.. على مدى ٤١ عاما يسعى خلالها بكل ثقة وأمل أن يرى حلم مشروع ممر التنمية بصحراء مصر الغربية واقعا ينير خريطة مصر لأول مرة منذ تركها أجداده الفراعنة.
نجح فاروق الباز رئيس فريق تدريب رواد الفضاء فى تحقيق خطوة لإنسان على القمر، ولكنها كانت قفزة لمستقبل الإنسانية. وتقديرا له وضع أرمسترونج أول رائد فضاء نسخة من المصحف الشريف على سطح القمر، وأرسل زميله برسالة باللغة العربية التى تعلم بعض مفرداتها من فاروق الباز، تقول.. مرحبا أهل الأرض.. إليكم سلام.. ومع نجاح رحلة أبوللو أطلق الأمريكان فى وكالة ناسا عليه سيد الأرض والقمر.. حقق الدكتور الباز على القمر ما يريد بعد ثلاث سنوات وبمشاركة الأمريكان بالطبع.. وبمرور ٤١ عاما مازال يحاول لتحقيق ما يريد على الأرض فى مصر.. ويتعاون ايضا مع علماء أمريكا والعالم.. الرجل يحمل فى عقله.. علما وخبرة.. وفى قلبه عشق تتوارى أمامه شعارات الوطنية. هذا هو الحال.. مشاكل مصر متأصلة.. منذ عقود.. ولكنها أيضا «أصيلة».. لا تتغير بمرور السنين وقد تتفاقم.. كثيرا ما كنا نسخر فى الصحافة المصرية من عنوان كل شتاء «القاهرة تغرق فى شبرمية».. تمضى سنوات.. وعقود.. لا السماء توقفت عن الأمطار.. ولا مسئولو الأرض بحثوا عن حل للغرق.. هكذا الحال فى كثيرمن المشاكل.. وهكذا فقر الفكرفى المواجهة.. قالها أحد الزملاء ساخرا.. السماء مسئولة عن الأمطار، فلابد أن تكون الشمس مسئولة عن تنشيفها.

فى عام ١٩٨٧.. فى شرفة أحد فنادق الأقصر العتيقة على ضفاف نيل مصر باعث الحياة.. كان لى لقاء مطول مع العالم المصرى الدكتور فاروق الباز حول مشروع ممر التنمية.. وفى عام ٢٠١٤ أجرينا معه فى أخبار اليوم حوارا مجددا عن المشروع الحلم.. وما بينهما كانت عشرات اللقاءات الصحفية والتليفزيونية المصرية والعربية والعالمية مع الدكتور الباز. واليوم فى ٢٠٢٣ أعود للكتابة مجددا عنه.. لا أعتقد أن هناك جديدا.. سوى طاقة الأمل والتفاؤل لدى الرجل، وضرورة التفكير بجدية فى المشروع مع تفاقم أزمة القمح التى تجتاح العالم.. والتى كانت موضوعا لليوميات السابقة.. الحلم يبدأ دائما بفكرة..

الفكرة تحتاج إلى طموح.. الطموح لابد أن تواكبه إرادة.. فهى المفتاح السحرى لتغيير الواقع بالعمل. والانطلاق بالخطوة الأولى فى طريق المستقبل.

بدأ عالم الفضاء المصرى وخبير الجيولوجيا العالمى الدكتور فاروق الباز فى دراسات المشروع عام١٩٧٥ وكان حينها مستشارا علميا للرئيس السادات.. تعاون معه علماء مصريون وأمريكان، وانتهت بعد ٧ سنوات فى شكل مشروع متكامل.. هو ليس مشروعا ولكنه دولة جديدة بامتداد صحراء مصر الغربية، التى تعوم على بحيرات مياه جوفية تكفى لمائتى عام، بطول ألف كيلو متر وعرض يتراوح من عشرة إلى ٨٠ كيلو مترا، فى مساحة مستوية من ساحل البحر المتوسط شمالا وحتى توشكى جنوبا.. يبدأ بطريق رئيسى طولى مواز للنيل وتتقاطع معه طرق عرضية لربط المناطق الجديدة بمحافظات مصر شرقا والامتداد بالصحراء غربا فى مناطق الدلتا القديمة للنيل، والتى كانت سلة غذاء العالم من جميع المحاصيل الزراعية وفى الأولوية منها القمح والشعير.. حياة جديدة..زراعة ٢ ميلون فدان.. توطين ٢٥ مليون مواطن.. مشروعات عمرانية متكاملة.. مدن وقرى.. زراعة.. صناعة.. تعدين.. سياحة.. يستغرق التنفيذ من ٥ إلى ١٠ سنوات بمشاركة الحكومة والاستثمار الخاص المصرى والأجنبى.

بعد ٧سنوات.. وبعد اكتمال الدراسات والخرائط والبحوث.. مات السادات الذى كان يرى فى المشروع حلمه لنهضة مصر.. وعرض على الحكومة لأول مرة عام ١٩٨٢.. حينها تفاءلت خيرا.. حدثتنى نفسى.. الدكتور فاروق الباز له حظوة وسطوة علمية لخدمة البشرية على سطح القمر..وما أحوجنا لما ينفع به وطنه على سطح الأرض.. ولكن المفاجأة.. الحكومة أخذت تفكر وتفكر.. ومرت سنة .. وعشر .. وأربعون.. وتوالت الحكومات.. وتوالى عرض المشروع.. لا الحكومة قالت فكرة خاطئة.. ولا أعلنت أنها جيدة ولكننا لانستطيع تنفيذها «لكيت وكيت».. أو سوف نؤجلها.. ولا قالت.. فكرة هايلة ستنفذها وصار الأمر هكذا معلقا. ويبدو أن هذه عادة مصرية.. خبيرة الزراعة اليونانى دانيتوس تقدم للحكومة المصرية عام ١٩٤٦ باقتراح انشاء السد العالى.. ولم يتلق ردا.. وأعاد المحاولة عام ٤٩ دون نعم.. أو.. لا.. ولم ييأس.. وفى عام ٥٢ عرض مشروعه للمرة الثالثة على مجلس قيادة الثورة.. تلقفه عبدالناصر.. وكان السد العالى.. المهندس اليونانى كان أكثر حظا.. استجابت مصر للفكرة بعد ٦ سنوات. ولكن الدكتور سيد عبدالواحد كان أقل حظا، تقدم عام ١٩٥٣ بفكرة إنشاء مترو الأنفاق.. أقتنع الرئيس محمد نجيب ومجلس الثورة. وأعدت الدراسات وكانت التكلفة ٦٥ ألف جنيه لكل كيلو متر. وفى عام ٥٤ تمت الإطاحة بنجيب وبالتأكيد بمشروع المترو. وبعدها بثلاثين عاما بدأنا التنفيذ..أما مشروع ممر التنمية للدكتور فاروق الباز، لا أعرف بماذا أصف حظه.. أو للدقة.. حظ مصر، ٤١ عاما سبقتها ٧ أعوام دراسات.. ومازالت الحكومات تتعاقب وتتوالى وتفكر.. وتفكر.

ممر التنمية.. هو فى الحقيقة ممر إلى المستقبل.. ولا يصلح أن تغلق على المستقبل راقدا فى الأدراج..؟!

يوم الشهيد

فى ٩ مارس احتلفت مصر بيوم البطولة والتضحية.. يوم الشهيد.. يوم استشهاد الفريق عبدالمنعم رياض رئيس أركان حرب القوات المسلحة بين جنوده على جبهة القتال ضد العدو الإسرائيلى.. لم يكن القائد فى حاجة للتواجد وسط معارك ملتهبة فى الصفوف الأمامية للقتال خلال حرب الاستنزاف عام ٦٩، ولكنه القائد الجسور.. الرمز.. القدوة.. زياراته المتكررة حينها، أشعلت روح البطولة والفداء بين الضباط والجنود، لقنوا العدو ضربات موجعة، أزدادت عنفا وقوة، وتوالت فى تدفقها، وتسارعت فى وتيرتها، حتى تعالت صرخات قادة العدو للأمريكان أنقذونا.. تواصلوا مع المصريين لقبول هدنة بوقف إطلاق النار.
تكريما للبطل عبدالمنعم رياض، تم اختيار يوم استشهاده للاحتفال سنويا بيوم الشهيد تكريما لكل شهداء مصر فى شخص قائدهم الكبير.. الاحتفال يوم.. ولكن الذكرى حية فى داخلنا كل يوم.. كل شهيد سال دمه برصاص العدو الإسرائيلى أو بيد الإرهاب.. تاج على رؤوسنا.. بطولاتهم لن ننساها، سنظل نتوارثها جيلا بعد جيل.

ضحك ولعب وجد وحب

إذا خرجت على المعاش.. خيم حزن غامض على الأسرة.. أسبابه كثيرة.. كأنك أصبحت عضوا فى طابور انتظار الأجل المحتوم.. أو خوف الأسرة من نكد قعدتك ليل ونهار وسطهم بالبيت.. «والشخط والنطر».. أوخوفا من انخفاض دخل الأسرة.. الأصدقاء والزملاء يحيون المتقاعد أو يكرمونه.. وكثيرا منهم تفضحه عيونه.. وكأنها مصمصة شفاه.. ياعينى عليه.. أو استريحنا منه.. خف الزحمة.. أو قلل طابور عبده مشتاق، خاصة لو كنت فى موقع مسئولية.
هذه مفاهيم لدى كثير من المصريين، وقليل من يفلت منها.. ولكن فى الأمم الأخرى..هناك مفهوم آخر لمن يحال إلى التقاعد.. هو فرق ثقافات الشعوب.. فرق طبيعة الانسان وصفاته وطباعه.. هو فرق حب المتعة والإقبال على الحياة.. وأتمنى أن يغير الجميع.. الأسرة.. ومن أصبح معاشات رؤيته بعد متابعته للمظاهرات ضد قانون الاحالة للتقاعد فى فرنسا.. الحكومة قررت مد سن التقاعد إلى ٦٤ عاما بدلا من ٦٢، واختيارى حتى ٦٧ عاما.. السبب أزمة مالية.. ليس لديها أموال لمكافآت نهاية الخدمة وصرف المعاشات الشهرية والرافضون يريدون التقاعد.. رأيتهم.. نريد الراحة بعد سنوات طويلة من العمل.. نريد التحرر من كل قيود الوقت والعمل.. نرغب فى الاستمتاع بالحياة.. السفر والترحال.. القراءة.. السينما والرياضة.. زيارات الاقارب والأصدقاء اللهو مع الأحفاد.

غريبة.. كل هذا رغم أن ثنائية عمرهم.. كانت جدية العمل بالتوازى مع جودة ومتعة الحياة.. فعلا عند التقاعد.. نحن نحزن وهم يضحكون ويفرحون.
يا أخى.. أنت تستحق الحياة.. الحياة جميلة.. جرب تعيشها.. ضحك ولعب وجد وحب!

دعوة للتأمل

الرؤساء الأمريكيون يجب أن يغلفوا مصالحنا بأحاديث مثالية، فالهدف العملى لتدخلنا فى حرب الخليج، حماية وصولنا للموارد البترولية.. ويصاحبه هدف مثالى وهو المحافظة على أستقلال الكويت ودعم الديمقراطية.. لانريد التورط فى مغامرات خارجية، ما لم تكن مصالحنا مهددة..

وكمثاليين فإننا نصر على أن ما هو صحيح بالنسبة لنا، يجب أن يكون صحيحا بالنسبة للآخرين أيضا.

الرئيس الأمريكى الراحل نيكسون

همس النفس

قد يجمع الله الشتيتين بعدما

يظنان كل الظن أن لا تلاقيا

إن مت من داء الصبابة أبلغا

شبيهة ضوء الشمس منى سلاميا

مجنون ليلي
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة