الأحد، 26 مارس 2023 - 10:53 م

كتب : د. محمد عاطف التراس

من تمام إعجاز القرآن وفصاحته أنه لا يخلق على كثرة الرد، ولا تنقضى عجائبه مهما مضى الدهر، ويفتح الله فيه على الأواخر ما لم يفتح به على الأوائل، ومن أنفس ما فتح الله به على بعض المتصدّين لهذا الباب، كتاب «من إعجاز القرآن: العلم الأعجمى فى القرآن مفسرًا بالقرآن»، لمؤلفه النابغة محمود رؤوف أبو سعدة عليه رحمة الله، فقد تفطن ذهنه لباب دقيق من أبواب إعجاز القرآن لم يسبقه إليه سابق على حد وصف العلامة الطناحى له فى مقالاته، ورحم الله الطناحى فهو الذى نبّهنا لهذا الكتاب وقدّمه لجماهير القراء.

وموضوع هذا الكتاب النفيس هو تفسير معانى الأعلام الأعجمية الواردة فى القرآن بنص القرآن نفسه،ومن أهم الأمثلة الدالة على هذا اسم نبى الله «زكريا»، ومعناه فى اللغة العبرية «ذاكر الله»، ويؤيد هذا المعنى ويشهد لصحته سياق قوله تعالى: ﴿ذِكرُ رَحمتِ رَبِّكَ عَبدَهُ زَكَرِيّا﴾، فكأنه لكثرة ذكره لله تعالى سُمى زكريا!

ومثال ثان اسم نبى الله «نوح»، ومعناه فى العبرية «التلبث والإقامة»، ومصداق هذا المعنى قوله تعالى: ﴿ولَقد أرسَلنا نُوحًا إلى قَومِهِ فلَبِثَ فِيهِم ألفَ سَنَةٍ إلا خَمسِينَ عامًا﴾، وهذا المعنى كثير الدوران فى القرآن.

ومثال ثالث اسم نبى الله «إسماعيل»، ومعناه فى اللغة العبرية «سمع الله» أو «سميع الله»، ويؤيد هذا المعنى قوله تعالى: «الحَمدُ لله الذِى وَهَبَ لى عَلَى الكِبَرِ إسماعِيلَ وإسحَاقَ إنّ رَبِّى لَسَمِيعُ الدُّعاءِ».

ومثال رابع اسم سيدتنا مريم عليها السلام، وقد تضاربت الأقوال فى معناه، والصحيح أن معناه فى الآرامية «أَمَة الربَ»، وهذا حال مريم عليها السلام فى القرآن اتُّهمت ظلمًا فى عرضها لكنها لما علمت أنها أمة الرب أيقنت أن الله لن يضيعها.

يقول تعالى: «يا مريمُ اقنُتى لربِّكِ واسجُدِى واركعِى معَ الراكِعِينَ».. ويمضى الكاتب بهذا النفس البديع ينظم كتابه ليكشف به عما خفى من معانى الأعلام الأعجمية القرآنية التى لم يسبقه إليها أحد من المفسرين واللغويين والمعجميين، ليقيم لنا نظرية متكاملة فى تفسير الأعلام الأعجمية ليست على مثال سابق!

اقرأ ايضًا| قصة آية | «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ»