كرم جبر
كرم جبر


إنها مصر

الرقص مع الإرهاب !

كرم جبر

الثلاثاء، 04 أبريل 2023 - 07:03 م

لا أنسى المشهد فى الثمانينيات، حين كنت أصلى الجمعة فى مسجد صلاح الدين بالمنيل، والخطيب يدعو المصلين للتبرع لصالح ضحايا وفقراء المسلمين فى أفغانستان ضد ما اسماه الكفار الروس، ويبكى بحرقة وصوته مختنق بالدموع والحزن.. ويبكى بعض المصلين معه.

كان المصلون - أغنياء وفقراء - يتزاحمون حول دائرة فى وسط المسجد، ويقذفون بمختلف العملات على الأرض ويتم جمع عشرات الآلاف من الجنيهات فى لحظات معدودة.

«اللى على باب الله» كان يسابق التاجر فى إخراج الأموال والتبرع بها، والعامل البسيط كان يبارى رجل الأعمال، واستغلوا طيبة المصريين ومشاعرهم الدينية بخطاب دينى عاطفى شديد التأثير .

ذهبت هذه الأموال التى تبرع بها المصريون إلى الجماعات الإرهابية.. إلى أسامة بن لادن والظواهرى والملا عمر وغيرهم، ولم تذهب لفقراء المسلمين والضحايا الذين كانوا يموتون جوعاً وفقراً وبرداً وحراً.

اشتروا بها الأسلحة والقنابل والمتفجرات ، واكتنزوا الذهب والنساء والأموال، وحولوها إلى حساباتهم فى البنوك التى تمول الإرهاب فى كل مكان فى العالم، وكان فقراء مصر فى ذلك الوقت هم الأولى بالرعاية والتبرعات، فى القرى والريف والنجوع، والمرضى فى المستشفيات والعاطلون الذين لا يجدون عملاً.. هؤلاء لم يتبرع لهم أحد بمليم واحد.

وعادت إلينا الاموال التى تبرعنا بها إرهابا وإرهابيين بعد أن انتهت حرب أفغانستان ورحل عنها السوفييت، وصدرت الأوامر للإرهابيين أن يعودوا إلى بلادهم، وأن يجاهدوا ضد شعوبهم وحكوماتهم .

كان لمصر النصيب الأكبر وأعلن الإرهابيون الحرب عليها، وقدروا انه لن تقوم لهم قائمة ولن تقوى شوكتهم مادامت مصر واقفة على قدميها، شامخة وصامدة وتقاومهم بكل قوتها.
ومنذ بدايات الثمانينات رفعوا شعار «عشرة قتلى كل يوم» من الشخصيات المستهدفة فى الجرائم الارهابية ثم خفضوه لـ « قتيل واحد»، وتعطلت الحياة فى صعيد مصر وبعض مناطق الوجه البحرى التى سيطروا عليها .

ووقف العالم كله يتفرج علينا وأحياناً يشمت فينا، وزعموا أن الإرهاب شأن مصرى وظاهرة مصرية، وقالوا لنا: «عالجوا مشاكلكم حتى تتمكنوا من القضاء على الإرهاب».

ولم يصدقوا صرخة مصر بأن الإرهاب ظاهرة عالمية وليس له دين ولا وطن ولا جنسية، ولن تفلت دولة ولا شعب من براثنه وأنيابه ، بل ساعدهم البعض بالأموال السخية تحت شعارات دينية، واحتضنت الدول الكبرى عتاة الإرهابيين ومنحتهم اللجوء السياسى والحماية والجنسية.

وصدقت تحذيرات مصر عندما وقعت أحداث 11 سبتمبر، فى أمريكا، واستيقظت الدول الأوروبية على تفجيرات هائلة أثارت الرعب والذعر فى قلوبهم وفى محطات المترو.
وبعد سنوات من الكمون حاول الإرهابيون تحويل سيناء إلى مستنقع جديد ، مستغلين الانهيار الذى حدث فى 2011، وإعلان قيام إمارة ولاية سيناء ، ولكن أبطالنا كانوا لهم بالمرصاد ، ليكتبوا بالدماء والتضحيات قصة تحرير أرض الفيروز من الإرهاب .

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة