صوره أرشيفيه
صوره أرشيفيه


فصاحة القران: سر تقديم الأموال على الأولاد

الأخبار

الأحد، 09 أبريل 2023 - 09:21 م

كانت مقالتنا السابقة عن باب من أكثر أبواب الفصاحة شيوعًا فى القرآن الكريم، ألا وهو باب التقديم والتأخير، وقد انسحب بنا المقال قبل أن نجلّى الصورة ونوضح المعنى ونضرب له الأمثال، وكنا قد علمنا أن غالب القرآن تقدّم فيه ذكر «المال» على «الأولاد»؛ إذ إن المال سبب من أسباب الزواج ومن بعده الإنجاب.

واليوم نتمم هذا المعنى؛ لنقف على سر تقديم «الأموال» على «الأولاد» فى آيات أُخر. قال الله تعالى فى سورة المنافقون: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تُلهِكم أموالُكم ولا أولادُكم عن ذكرِ الله﴾، وفى سورة التغابن: «إنما أموالُكم وأولادُكم فتنةٌ»، وفى سورة آل عمران: «إنّ الذين كفروا لن تُغنى عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئًا».

اقرأ أيضًا | فصاحة القرأن: التقديم والتأخير.. من أهم أوجه الإعجاز القرآنى

وقد جاءت الأموال مقدَّمة على الأولاد فى هذه الآيات الثلاثة، والسر فى ذلك أن الأموال فتنة لصاحبها تلهيه عن ذكر الله وعن الصلاة وعن الأهل أنفسهم، ولذا قال تعالى على لسان الأعراب فى سورة الفتح: ﴿شَغلَتنا أموالُنا وأهلُونا﴾، فكثرة الأموال تشغل المرء عن دينه.

ومن أشهر الشواهد الدالة على شيوع هذا الباب آية نقرأها كل يوم مرات ومرات فى الصلاة، يقول تعالى فى سورة الفاتحة: ﴿إياك نعبدُ وإياكَ نستعينُ﴾، فلماذا قدّم العبادة على الاستعانة؟

يقول أهل العلم: إن العبادة هى الغاية التى خُلق من أجلها العباد، والاستعانة وسيلة للوصول إلى الغاية.

وقد يكون التقديم والتأخير مراعاة للفاصلة القرآنية يقول الله تعالى فى سورة القيامة: ﴿وجوهٌ يومئذٍ ناضرةٌ * إلى ربها ناظرة﴾، وكان الظاهر أن يقول: ناظرة إلى ربها، لكن وقع التقديم هنا من أجل أن تتحد الفاصلة القرآنية فى السورة بحيث يطرب لها السمع. علاوة على أن فى هذا التقديم سرًّا بلاغيًّا آخر، ألا وهو تقديم الجار والمجرور «إلى ربها».

وهذا فيه لفتة بلاغية بديعة ألا وهى التخصيص، أى أن هذه الوجوه المؤمنة يوم القيامة تنظر إلى ربها خاصة ولا تنظر لأحد غيره، ولم لا وهم فى نعيم مقيم، ورؤية الله أعظم نعيم أهل الجنة، فاللهم اجعلنا من أهلها وارزقنا لذة النظر لوجهك الكريم.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة