محمد قناوي
محمد قناوي


محمد قناوي يكتب : ليلة السقوط .. عندما تكون الدراما شاهدا علي العصر

محمد قناوي

الإثنين، 10 أبريل 2023 - 01:19 م

بعد عشر سنوات أو عشرين عاما، عندما نحكي عن همجية ووحشية تنظيم داعش وما فعله من جرائم تشيب لها الولدان سواء في العراق أو سوريا ، لا يمكن أن تكون الحكايات ذا تأثير علي الأجيال القادمة مثلما يرون ويشاهدون بأعينهم ما فعله هذا التنظيم من خلال شريط سينمائي أو مسلسل تليفزيوني يرصد ويوثق تلك الجرائم بالصوت والصورة ليكون"شاهدا علي العصر"، لذلك تأتي أهمية عمل درامي مثل مسلسل"ليلة السقوط" والذي تعرضه عدد من الفضائيات العربية حاليا وحُرم من مشاهدته الجمهور المصري رغم قيام عدد من القنوات الفضائية المصرية بشراء حق عرضه علي شاشة رمضان ولكنها لم تستطع عرضه لعدم الحصول علي موافقة الرقابة علي المصنفات الفنية بمصر دون ابداء أسباب!.

 

اقرأ أيضا جوري بكر توجه رسالة لجمهورها: «أرجوكم ده تمثيل كفاية سب وقذف وشتائم»


"ليلة السقوط "يعد العمل الأول من نوعه الذي يناقش أفعال تنظيم داعش الإرهابي الوحشية في مدينة الموصل بشكل خاص، ومدن العراق بشكل عام، ليكون أداة فضح لكل ما حدث في الفترة من 2014 حتى 2017، من أفعال وحشية قامت وسائل الإعلام برصدها وكشفها للرأي العام، ليكشف المسلسل الحقائق الغائبة عن هذا التنظيم أمام العيان، ويتناول العمل مشاهد جريئة لم تتناولها الدراما العربية من قبل، ويوثق كل ما حدث،من تهجير للمسيحيين وتعذيبهم، وسلب أموالهم، واغتصاب نسائهم، وما حدث للأزيديات كان من أبشع ما يمكن أن نتخيله، ولا يمكن وصفه إلا بالجنون والرعب، بالإضافة إلى رصد التدمير والسرقة للممتلكات،

فكل ما هو مخيف فعلته هذه الجماعات المتطرفة، لدرجة أن المختطفين كانوا يعتبرون إزهاق أرواحهم أسهل أنواع التعذيب، فالناس كانت تتمنى الموت كما يبرز العمل تكاتف شعب العراق بكل مكوناته في مواجهة قوى الظلام والطغيان التي حاولت محو تاريخ العراق الجميل، وذلك في إطار درامي تشويقي توثيقي للجرائم التي ارتكبتها الجماعة الإرهابية بحق أهل العراق خلال ثلاث سنوات عجاف شهدت أحداثاً مأساوية دموية ، كما يركز المسلسل على المرأة العراقية المقاومة للتنظيم الإرهابي وعناصره، ومدى قدرتها على تقديم الدعم ومساندة الرجال في المواقف الصعبة، وعدم الاكتفاء بالبقاء في المنزل، لكنه يتطرق أيضا للمرأة المجندة ضمن عناصر التنظيم والتجاوزات التي يمكن أن ترتكبها في حق غيرها من النساء.


في "ليلة السقوط" اكتملت كل عناصر النجاح فأنت أمام "ليلة السقوط"، إنتاج سخى فالإنتاج مشترك بين العراقي قيس الرضوانى وخبير المكياج والمنتج المصري محمد عشوب، وسيناريو وحوار محكم يحاور عقلك ويدعوك للتفكير للكاتب المصري مجدي صابر فقد استطاع هذا المبدع أن يكتب سيناريو واقعيا، أبدع فيه، وحوار ذكي يدعو للتفكير، فكل جملة في العمل ينطق بها بطل من أبطال المسلسل مدروسة بعناية تجعلنا نتوقف عندها، ومتعة بصرية يقدمها المخرج السوري ناجي طعمى الذي صور كل مشاهد المسلسل في أماكنها الطبيعية وبعيدا عن الاستديوهات، وسيمفونية أداء للنجم المصري طارق لطفي في شخصية أبو عبد الله الملقب بـ "الدباح"؛ وهو اسم درامي ولا يمت للواقع بصلة لكن الشخصية بتركيبتها وأفعالها تشبه العديد من قادة داعش وبرع كعادته في تجسيد الشخصية الدموية والتي أظهرها كشخص قاسي القلب، بلا مشاعر فهو مجرد آلة للقتل،

ويشارك في المسلسل الفنان المصري أحمد صيام بدور قاضى قضاة داعش الذى يسيل لعابة على أى امرأة ؛ ومن سوريا باسم ياخور ويلعب شخصية "قيس"وهو صحفى يعمل فى وكالة أنباء فرنسية وينجح فى التسلل إلى الموصل بالتعاون مع المخابرات العراقية؛، كما تشارك ايضا الفنانة السورية"كندا حنا"، بدور كريستين الرسامة العراقية والممثلة الأردنية صبا مبارك في دور"جوانا"طبيبة إيزيدية تقع في أسر تنظيم داعش بالعراق، وتتعرض للتعذيب والتنكيل،

وتقدم من خلال شخصيتها هذه صورة عمّا تعرضت إليه النساء الإيزيديات من انتهاكات ومعاناتهن من بطش عناصر التنظيم ، إلى جانب كوكبة من نجوم الدراما العراقية؛ أبرزهم"جواد الشكرجي، الذي جسد شخصية القاضي"الياس"، الذى تعرض لاقتحام منزله ويدمر كل ما به من تماثيل، وآلات موسيقية، والقبض عليه، ليأخذ بثأره منه ثم جلده وإقناعه على اعتناق فكر التنظيم الداعشي ، ومن العراق ايضا "خليل إبراهيم، سمر محمد وذو الفقار خضر، بدور "أبو السعد" ووضع الموسيقي التصويرية الموسيقار المصري الكبير ياسر عبد الرحمن،

وكل المشاركين في هذه السيمفونية والجرعة الإبداعية والمتعة بصرية التي جعلت هذا العمل في منطقة بمفرده يعزف فيها وسط دراما رمضان ، هذه التوليفة العربية جعلت المسلسل أمام تحدي إيصال رسالته، فكيف لكاتب مصري، ومخرج سوري، وممثلين من جنسيات عربية متنوعة، بنص يراوح بين اللهجة البيضاء واللهجة العراقية أن يستطيع تجسيد معاناة الموصل وإيصالها إلى المجتمعات العربية على اختلافها ؟ وهذا ما نجح فيه"ليلة السقوط" حيث جسد المعاناة بصورة رائعة جعلته "شاهدا علي العصر" .


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة