أبواب البلاغة القرآنية
أبواب البلاغة القرآنية


فصاحة القرآن المحسنات البديعية

الأخبار

الإثنين، 10 أبريل 2023 - 09:50 م

اليوم نستعرض بابًا بديعًا من أبواب البلاغة القرآنية، وهو ضرب من ألوان المحسنات البديعية، تبارى فى نظمه الشعراء، وتبعهم الناثرون، ذلكم هو باب «ردّ العَجُز على الصدر»، وفيه يتوافق عجُز الكلام مع كلمة من صدره، أو كما عرّفه النويرى فى نهاية الأرب فى فنون الأدب بقوله: «هو كل كلام منثور أو منظوم يلاقى آخرُه أولَه بوجه من الوجوه»، وهذا الفن تناولته كتب البلاغة بالتقسيم، وله عندهم صور:


الصورة الأولى: أن تتفق آخر كلمة فى الفاصلة القرآنية مع أول كلمة فى صدر الآية نفسها، ومن ذلك قوله تعالى فى سورة طه: ﴿لا تفتروا على الله كذبًا فيُسحِتكم بعذابٍ، وقد خابَ مِنَ افترى﴾، وكذا قوله تعالى فى سورة الأحزاب: ﴿وتخشى الناسَ، والله أحقُّ أن تخشاه﴾، فتأمل أيها المسترشد كيف أن بداية الآية ونهايتها قد اتفقا فى أصل كلمة واحدة.


الصورة الثانية: أن تتوافق آخر كلمة فى الفاصلة القرآنية مع آخر كلمة فى صدر الآية نفسها، ومن ذلك قوله تعالى فى سورة النساء: ﴿أنزلَه بعلمِه والملائكةُ يشهدون، وكفى بالله شهيدًا﴾، ففى هذه الآية اتفقت الكلمة الأخيرة من صدر الآية مع آخر كلمة منها فى أصل الاشتقاق من مادة «شهد».


الصورة الثالثة: أن تتوافق آخر كلمة فى الفاصلة القرآنية مع بعض كلمات الآية، ومن ذلك قوله تعالى فى سورة الإسراء: ﴿انظرْ كيفَ فضَّلنا بعضَهم على بعضٍ، وللآخرةُ أكبرُ درجاتٍ وأكبرُ تفضيلًا﴾، وقوله تعالى: ﴿ولقد استُهزئ برسلٍ مِن قبلكَ فحاقَ بالذينَ سَخِروا مِنهم ما كانوا به يستهزئون﴾، فتأمل معى كيف خُتمت الآية بكلمة اتفقت فى أصل حروفها مع كلمة وقعت فى صدر الآية.. هذا، وقد يأتى رد العجز على الصدر بالمعنى دون اللفظ كقوله تعالى فى سورة غافر: ﴿فلما جاءتهم رُسلُهم بالبيناتِ فرِحُوا بما عندَهم مِن العلمِ وحاقَ بهم ما كانوا به يستهزئون﴾، فتأمل هذا الترديد البديع: كيف تضمّنت كلمة «فرحوا» فى صدر الآية معنى الاستهزاء الذى خُتمت به!
فهذه بعض صور رد الأعجاز على الصدور فى القرآن، وفيها من الفصاحة ما فيها من جمع قلب القارئ فى مطلع الآية ليتهيأ لنهايتها!

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 

مشاركة