chatGPT
chatGPT


تجربة عملية.. هل يستطيع chatGPT أن يكتب تقريراً صحفياً؟

محمد الشماع

الأربعاء، 12 أبريل 2023 - 03:44 م

◄| طلبنا موضوعاً عن «موائد سحور المصريين» في رمضان.. وكانت هذه هي النتيجة
◄| مائدة الفقراء من الفول والطعمية.. والأغنياء لحوم وسلمون مدخن وكشري!
◄| لا يساوي بين الطعمية والفلافل.. ويطلق لفظ «المشبك» على خليط البيض والخضراوات

 

السؤال الأبرز الذي يُتداول بكثرة في الأوساط الصحفية هذه الأيام، خصوصاً بعد ظهورchatGPT، روبوت المحادثة، أو كما يود الكثيرون تسميته «محادثة الذكاء الاصطناعي»، هو «هل يستطيع هذا الروبوت أن يحل محل الصحفي وأن يكتب تقريراً صحفياً مكتمل الأركان؟».
هذا السؤال ليس مطروحاً فقط على أبناء مهنتي: الصحفيين، بل هو أيضاً مطروح هذه الأيام على كل ممتهن لمهنة إبداعية أو على هامشها، سواء راوٍ أو قاصٍ أو كاتب سيناريو.


ما أحدثه chatGPT خطير، ويستدعي القلق فعلاً، أولاً لأنه مثلاً يوازي ما أحدثه ظهور برنامج excel  على أصحاب مهنة المحاسبة، والذي أدى إلى انحسار في أعداد كثير من الوظائف المرتبطة بذلك، كذلك يوازي ما أحدثته برامج الـ hr (الموارد البشرية) المتنوعة، والتي أتت على حساب ملايين الوظائف الخاصة بالقطاع المكتبي والتوظيفي الشركات والمؤسسات العالمية الكبرى.


ثانياً أن فكرة هذه المحادثة الروبوتية الاصطناعية تقوم على أسس من الترابط الفكري، فمحرك البحث google مثلاً يستطيع أن يوفر على مستخدم الإنترنت مجهود البحث عن معلومة في الفضاء الإلكتروني، إذ يقوم هذا المحرك الشهير بإحضار ما استطاع من مواقع إلكترونية لإفادة المستخدم بمعلومة أراد معرفتها أو القراءة عن أمر ما، لكن الـ  chatGPT تكمن خطورته أنه يختصر الوقت والمجهود أكثر من google فيقدم المعلومة الدقيقة، مكتوبة في الشكل الذي تريد: قصة أو رواية أو على شكل نقاط، ويحاول أن يصل مع المستخدم من خلال محادثة يكون فيها هو الطرف المستجيب دائماً، إلى ما يريده المستخدم.


وبالتالي، فإن مستخدم الـ chatgpt إذا أراد مثلاً أن يحصل على قصة قصيرة تدور أحداثه في حارة شعبية مصرية، فإنه يستطيع الحصول عليها بسرعة، وبشكل به الكثير من الحرفية الخيالية، والمدهش أنها توافق تماماً الحارة المصرية.

تهديد للصحفيين

ما يخصنا –كصحفيين- هو هل يأتي اليوم الذي يمكن للصحفي أن ينتج العديد من التقارير الصحفية باستخدام الـ chatgpt ؟، والتي لا تكلف الصحفي إلا عناء توجيه طلب «محكم» للروبوت عما يريده، وهو أمر قد يكون مهدداً حقيقياً للصحفيين، إذ تستطيع أي مؤسسة صحفية في هذا الوقت أن تقلص الأعداد، اعتماداً على chatGPT.


الوقت لايزال مبكراً بكل تأكيد، والتجربة العلمية التي سنعرضها على القارئ لاحقاً ربما توحي بذلك، نتيجة التداخل في المعلومات الذي وجدناه. 
في السطور التالية نصطحبك أيها القارئ وأيها الصحفي إلى تجربة عملية لكتابة تقرير صحفي باستخدام  chatGPT، هيا بنا.

 

بداية الرحلة


أولاً: الحصول على حساب في chatGPTلا يزال غير متاح في مصر وكثير من الدول العربية، إلا أن هناك بعض الطرق الإلكترونية التي من شأنها الحصول على حساب موثق.


الـ chatGPT سهل الاستخدام للغاية، فهو يشبه نافذة المحادثات في أي موقع معروف، ما عليك إلا أن توجه سؤال أو طلباً له، فتحصل على ما تريد مباشرة.
لكن المعضلة في هذا الأمر –في تقديري- هي إحكام صيغة الطلب، فبالتأكيد عندما تطلب منه «إعداد تقرير صحفي عن موائد السحور في رمضان»، ليست كطلبك «إعداد تقرير صحفي عن موائد السحور في رمضان بمصر، مع اختلاف الطبقات الاجتماعية والاقتصادية»، وهو الطلب الذي يحدد نطاق التقرير «في مصر»، وكذلك الفوارق بين الطبقات.


بالفعل كان الطلب هو «إعداد تقرير صحفي عن موائد السحور في رمضان بمصر، مع اختلاف الطبقات الاجتماعية والاقتصادية»، فكانت إجابة محادثة الذكاء الاصطناعي كالتالي:


عنوان التقرير: نظرة على أطعمة السحور الرمضانية في مصر عبر الفئات الاقتصادية
القاهرة، مصر (التاريخ): مع حلول شهر رمضان المبارك، يحرص المصريون من مختلف الطبقات الاقتصادية والاجتماعية على تناول وجبة السحور، وهي وجبة ما قبل الفجر، قبل بدء يوم الصيام. 


والسحور وجبة مهمة في رمضان، توفر القوت الضروري للمسلمين من أجل إعانتهم على الصيام من الفجر حتى الغسق. ولهذا، يمكن أن تختلف أنواع الأطعمة التي يتم تناولها في السحور بشكل كبير بناءً على الحالة الاقتصادية والاجتماعية، وذلك مع وجود فئات اقتصادية مختلفة في مصر لديها تقاليد فريدة خاصة بهم خلال هذا الشهر.


* في الأسر ذات الدخل المنخفض:
بالنسبة للعائلات ذات الدخل المنخفض، غالبًا ما تكون الخيارات البسيطة وقليلة التكلفة، مثل: الفول المدمس والطعمية، وهي من الاختيارات الشعبية. 


والفول المدمس مصنوع من الفول المطبوخ المتبل بالأعشاب والتوابل، هو مصدر بروتين مغذي وصديق للميزانية. 


أما الطعمية فهي شبيهة بـ«الفلافل» وتُصنع من الفول المهروس أو الحمص الممزوج بالأعشاب والبهارات ثم تقلى في الزيت. 


ويتم تقديم هذه الأطباق عادةً مع الخبز الأبيض والخضروات وسلطة الطحينة.


وتشمل الخيارات الأخرى ذات الأسعار المعقولة، اللبن الرايب، وهو نوع من الزبادي المخمر، إضافة إلى «القطايف» وهي معجنات حلوة محشوة بالمكسرات أو الجبن.


* في أسر الطبقة المتوسطة:
في منازل الطبقة الوسطى، قد تكون خيارات السحور أكثر تنوعًا، حيث تجمع بين الأطباق المصرية التقليدية والحديثة، مثل الفول المدمس والطعمية مع إضافات أخرى مثل البيض المسلوق والمخللات والسلطة. 


وهناك أيضاً الـ«مشبك»، وهو نوع من البيض المخفوق المطبوخ مع الخضار والبهارات، هو أيضًا طبق شائع، وتستخدم عائلات الطبقة الوسطى مجموعة متنوعة من الخبز والجبن والزبادي والمربات والعسل، إضافة لإضافات من التونة المعلبة والزيتون والتوابل الأخرى لتعزيز تجربة السحور.


* في الأسر ذات الدخل المرتفع:
في الأسر ذات الدخل المرتفع، قد تتأثر خيارات السحور بالمأكولات العالمية، وقد يكون هناك تركيز أكبر على الرفاهية، وقد تكون الأجبان المستوردة واللحوم الباردة والسلمون المدخن جزءًا من مائدة السحور لدى تلك الفئة، وكذلك الفواكه الطازجة والعصائر، كما يمكن تضمين أطباق أكثر مثل «الكشري»، وهو طبق مصري تقليدي مصنوع من الأرز والعدس والمعكرونة وصلصة الطماطم.


ويمكن للعائلات في الأسر ذات الدخل المرتفع أيضًا تناول السحور في المطاعم الراقية أو الفنادق، والاستمتاع بمجموعة واسعة من الأطعمة الشهية وتجارب الطهي.
وعلى الرغم من الاختلافات في أنواع الأطعمة التي يتم تناولها في السحور خلال شهر رمضان بين الطبقات الاقتصادية المختلفة في مصر، إلا أن هناك أيضًا تراثًا ثقافيًا مشتركًا وتقديرًا لأطعمة تقليدية، مثل الفول المدمس والطعمية.


إلى هنا انتهى التقرير كما صنعته تقنية الذكاء الاصطناعي.


لتبقى ملاحظاتنا الإيجابية حول التقرير، وهي كالآتي:
- التقرير جاء متكاملاً من حيث وضع عنوان للتقرير، وتقسيم الفقرات، وترتيبها، حيث بدأ من الأسر الفقيرة، ثم الطبقة المتوسطة، ثم الأغنياء، فضلاً عن عدد مساحة التقرير، والتي بالمناسبة يمكن للمستخدم أن يتحكم بها.


- المعلومات الواردة في التقرير جاءت صحيحة بنسبة كبيرة، وتنم على معرفة محادثة الذكاء الاصطناعي بطبيعة المجتمع المصري، وخصائصه، وبعض من عاداته وتقاليده، بل أنه كذلك على علم كامل بخصائص صوم المسلمين.


- رغم أن محادثة  chatGPTغير متوفرة باللغة العربية، إلا أن في النص المكتوب كلمات مكتوبة بالإنجليزية كما تنطق في العربية مثل Taameya (طعمية).


أما الملاحظات السلبية حول التقرير فهي في بعض التفاصيل الصغيرة، مثل:
-  أورد الـ chatgpt في تقريره أن الطعمية شبيهة بـ«الفلافل»، بينما هما واحد، وتستخدم الكلمة الأخيرة في الإسكندرية كبديل للأولى، ولكن بعض المواقع المتخصصة في الطعام أكدت أن هناك فارقاً بين الاثنين، حيث أن الأخيرة يضاف عليها حمص، بينما الطعمية لا، ولكن هذا الفارق يبدو مهجوراً.
- أورد التقرير أن «القطايف» يمكن أن يدخل في وجبة السحور لدى الطبقة الفقيرة، وهو أمر غير شائع في الأسر المصرية بشكل عام، إذ أن حلوى «القطايف» عادة ما يتناولها المصريون على كافة مشاربهم في الفترة بين وجبتي الإفطار والسحور.


- أطلق التقرير لفظ «مشبك» على الخليط المكون من البيض وبعض الخضراوات، بينما يطلق عليها المصريون ألفاظ: «العجة» أو «الشكشوكة»، فيما يكون «المشبك» هو حلوى شهيرة مصنوعة من الدقيق والسكر.
- أورد التقرير أن وجبة «الكشري» تدخل ضمن وجبات سحور الطبقة ذات الدخول المرتفعة، وهو أمر مهجور وغير مناسب لا للطبقة، ولا لطبيعة الوجبة بشكل عام.
على أية حال، فإن تجربة استخدام الـ chatgpt لصناعة تقرير صحفي متكامل تظل قيد البحث والتطوير، مع تنوع الموضوعات، فبالتأكيد صناعة تقرير عن وجبة السحور في رمضان تتشابه في آلياتها ونتائجها مع طلب صناعة تقرير عن الحياة السياسية في الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن يظل العنصر البشري مهماً أولاً في «إحكام» الطلب، وفي ترجمته وتحريره، وفي إيجاد نقاط الضعف والقوة فيه.


وتبقى آخر ملحوظة مدهشة في تلك التجربة العملية، وهو أنه مع تكرار الطلب، وبنفس النص، فإن الـ chatGPT لا يكرر الإجابة!
 

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة