الضحية
الضحية


«ضربا وتعذيبا حتى الموت».. مأساة طفلة انتهت حياتها على يد عمتها وزوجها

أخبار الحوادث

الأحد، 23 أبريل 2023 - 12:46 م

 حية ترزق فهو الأمر الجديد في زماننا هذا.. «مكة» الطفة الصغيرة التي كتبت عليها أمها اليتم بمجرد أن ولدتها، تركتها وهربت من زوجها، تركتها تواجه الضياع والتلاطم بين البيوت، تلتقطها الجدة تارة، وأخرى العمة، وتستقر فترة في بيت جارة، لا تعرف استقرارًا، ولاتتذوق حنانًا طبيعيًا، كل ما تعرفه أنها بلا بيت مستقر تستمتع فيه بطفولتها.. لينتهي بها المطاف قتيلة جسد بلا روح بسبب قسوة زوج عمتها وغلظة قلب عمتها التي رأتها تتعذب دون أن تحرك ساكنًا، القصة مؤلمة انتهت بقرار للنيابة بعد مقتل الطفلة اليتيمة.

«مكة» الطفة الجميلة صاحبة الثلاث سنوات ونصف، ساقها قدرها بأن تبيت عند عمتها أيام معدودات، وكأن أبوها وعمتها يستضفونها فقط حتى لا يقول الناس عنهم أنهم رموا لحمهم، كانت الصغيرة تخاف من زوج عمتها لقسوة قلبه، يعنفها دائما، لايريدها أن تتحرك من مكانها، «لاتلعبي، لا تبكي، لا تطلبي شيئا، فقط تجلسي مثل هذا الكرسي الذي لا ينطق ولا يحرك ساكنا»، هكذا حكم الجميع عليها.. هي أيام ثقيلة أشغال شاقة على الملاك الصغير، تتمنى أن تنتهي لتعود مرة أخرى الى جارتهم التي وجدت منها حنانًا لم تجده عند أهلها الذي يسير داخل عروقها دماؤهم.. فالاب هو الآخر لايتحمل أي مسئولية، يتاجر في المخدرات، وفي النهاية يُزج به خلف القضبان دائما لسوء سلوكه وإجرامه.

ضربة موت

هذا هو الطقس اليومي في حياة البائسة الصغيرة، الساعات تمر ثقيلة تتمنى العودة الى بيت الجارة الحنون، كان زوج عمتها يحدد اقامتها على كرسي داخل المنزل وكأنها عاجزة مسموح لها فقط أن تتنفس، الصغيرة شعرت أنها تريد أن تدخل الحمام لتقضي حاجتها، نظرت الى عمتها، لكن العمة كانت مشغولة عنها، ماذا تفعل المسكينة، هل تهمس لأخت أبيها؟.. قد يسمعها هذا القاسي قلبه ويعاقبها، لا .. الصمت أفضل، لكن الصغيرة لم تعد تتحمل حبس مياهها، تتعذب من الموقف الصعب على سنها، «عمتي.. عمتي.. عاوزة أدخل الحمام».. قالتها بصوت ضعيف تكاد تسمع منه همهمة لا تفسر منه شيئًا، التفت زوج عمتها اليها وقد أحمرت عيناه، وقال لها بصوت جهوري ارتعدت منه فرائص الصغيرة.. «ألم أخبرك أن لا تهمسي.. اخرسي».

صوت هذا الرجل القاسي القلب رعب الصغير، انهارت أعصابها، وفقدت قدرتها على التحكم، لتترك نفسها تتخلص من ما يعذبها، ابتلت الصغيرة وابتل كرسيها من تحتها، لتنهار الصغيرة في بكاء وصراخ وخوف كبير، هي تعلم المصير الذي ينتظرها من هذا الرجل بعد أن شاهدها.. وفعلا وكأن الصغيرة قامت بفعل مشين لايخرج عن الأطفال، هجم الرجل على الصغيرة، انهال عليها ضربا بكلتا يديه يمينا ويسارًا وكأنه يضرب رجلا كبيرا أمامه، لم تشفع له دموع الصغيرة وقلة حيلتها بأن يتركها، ولم يستمع لكلام زوجته بأن يرحمها، صراخ وعويل، لم يقطعه سوى ضربة عنيفة على رأس الصغيرة بعصاه خشبية كانت بجواره.. التقطها وضرب رأس «مكة» ضربة واحدة أفقدتها وعيها في الحال.. صمتت الصغيرة.. وحل السكون فجأة.. ليفيق الرجل على فعلته الشنيعة ويهدأ أخيرًا، لتحملها عمتها تحاول انعاشها.. لكن فات الآوان، الضربه كانت أقوى من أن تتحملها الصغيرة، كانت أعنف من أن يستوعبها هذا الجسد الضعيف.

تساؤلات

داخل مستشفى مدينة السلام العام كان الخبر، الطفلة أسلمت الروح لمن هو أحن عليها من كل من قابلتهم مكة في حياتها؛ الصغيرة ماتت لترتاح من عذاب لا تعرف لماذا ينالها.. نعم سكنت الصغيرة قبرها في هدوء الى الأبد، وجدت السلام عند أرحم الراحمين، وألقت الشرطة القبض على زوج العمة ليواجه مصيره خلف القضبان.

لكن ما هي أصل حكاية «مكة» الطفلة الملائكية المعذبة؟

 يختلف الناس ويتفقون في كثير من الأشياء، لكن لا خلاف حول أن الاطفال قرة عين والديهم،  وبهجة حياتهما، وبهم تحلو الحياة، كما أن الأطفال وديعة اودعها الله للابوين، وفي نفس الوقت حملهما مسئوليتهم والحفاظ عليهم.

ولكن ما حدث مع هذه الطفلة عكس ذلك تماما؛ نحن أمام مشهد مرعب ترتجف وتقشعر له الأبدان، طفلة لم يتعد عمرها  ثلاث سنوات ونصف، فتحت عينيها وجدت نفسها في أحضان مجهول ينتظرها، عاشت مأسأة حقيقية في بيت لأب مسجل خطر على ذمة قضايا، وأم لم تتوان في بيعها بعد أول يوم من ولادتها، وهربت بعد دخول الأب السجن، فتنقلت الطفلة المسكينة من بيت إلى آخر بين الجيران والأهالي بمنطقة الدويقة التي  يعيش بها  والدها. 

كيف دارت كل  أحداث الواقعة التي شهدت عليها منطقة مدينة السلام والتي يقيم بها الجاني، ورحلة العذاب التي تعرضت لها الطفلة الصغيرة؟!، ومن تولى مسئوليتها بعد رفض جدتها وعمتها تحمل مسئوليتها ورعايتها؟ وما هي حقيقة الروايات في قتل  واستغلال الجاني لها في توزيع المخدرات؟ وكيف أقدم زوج عمتها على قتلها بهذه البشاعة؟ وأي ذنب اقترفته هذه البراءة لتلقى هذا المصير؟، وكأنها خلقت لتعذب وتنتهي رحلتها بالموت وسط حفلة تعذيب تقشعر لها الابدان. 

البداية

تلقى قسم شرطة السلام من مستشفى السلام العام بلاغا يفيد وصول طفلة مع سيدتين وشخص آخر، إحداهما عمتها والأخرى خالة والد الطفلة، على جسدها آثار تعذيب متوفاة تدعى «مكة» تبلغ من العمر ثلاث سنوات ونصف، وعلى الفور انتقل رجال  المباحث إلى المستشفى محل البلاغ وتبين صحة الواقعة، وكشفت المعاينة عن آثار تعذيب وضرب على جسد الطفلة وأثر لـ «خبطة» على رأسها، وفور الانتهاء من  المعاينة تم التحفظ على جثة الطفلة تحت تصرف النيابة التي امرت بنقلها إلى مشرحة زينهم، لمعرفة سبب الوفاة واستخراج تصريح الدفن. 

وتوالت الاحداث؛ حيث كشفت التحريات من خلال مناقشة المرافقين لجثمان المجني عليها، وقصة هروب الرجل الذي كان برفقتهم إلى المستشفى.    

تبين أن إحداهما عمتها والاخرى احدى أقارب الاب والشخص الذي حضر معهم ثما هرب كان زوج عمة الطفلة «الجاني» عندما طلبت منه الممرضة بطاقة الرقم القومي الخاصة به فادعى انه سوف يأتي بها من السيارة وفر هاربًا  عقب علمه بوفاة الطفلة. 

 و أفادوا بأن والدة المجني عليها تدعى «ن أ» 18 سنة، ماتت مشاعرها وأقدمت بدم بارد على  بييعها لأحد الأشخاص، ولم ترحم براءتها وضعفها وذلك بعد ولادتها بيوم واحد، طفشت الأم العاق من المنزل ورفضت تحمل مسئوليتها بعد حبس الاب على ذمة قضايا.  

أما الاب يدعى «ل. ع» 21 سنه، قبل دخوله السجن مرة أخرى أعاد نجلته من الشخص  الذي قامت الأم ببيعها له، وعاشت معه فترة ما يقرب من شهر أو شهرين وكان يعاني من عدم قدرته على رعايتها، لذا يتركها لبعض السيدات  في المنطقة التي يعيش بها أيام وليالي واحيانا يترك طفلته الرضيعة لخالته وبنات خالته لرعايتها، لعدم قدرته على تحمل مسئوليتها.

 كما توصلت  التحريات بأن الاب لم يجد أي شخص يترك معه الطفلة المسكينة، فلجأ الى أمه فجلست معها الطفلة عدة أيام، لكنها أي الجدة أعادتها مرة أخرى إلى ابنها ورفضت تربيتها وتحمل مسئوليتها على اعتبار أنها تعمل وغير موجودة في البيت بشكل مستمر، كما إن عمتها رفضت تحمل مسئوليتها لان حياتها مليئة بالمشكلات مع زوجها  ووسط رفض كل المحيطين بها تحمل مسئوليتها ورعايتها. 

لكن العناية الإلهية والصدفة الغريبة ارسلت لها شابا كان يتردد على المنطقة لزيارة والده وعرف قصة الطفلة وأخذها من خالة والد الطفلة، وتوجه بها الى والدته وقص عليها قصتها، هنا قررت أم هذا الشاب أن تتولى مسئوليتها وتربيتها وسط أبنائها وإنقاذها من التنقل بين ايادي المحيطين بها وتكفلت بمصروفاتها وتلبية كافة احتياجاتها وتولت مسئوليتها منذ كان عمرها ثلاثة أشهر حتي بلغت ثلاث سنوات ونصف، لكن يبدو أن العذاب أصر على ملاحقة الصغيرة. 

كانت عمتها تفتعل المشكلات مع هذه السيدة لكي تتخلى عن «مكة « طلبت من شقيقها أن يأخذها منها ويتركها لهم ووعدته بأنها سوف تراعيها، وظلت تكرر طلبها حتى أخذها من السيدة  وتركها لعمتها.

وفي نهاية المطاف تم القبض عليه في احدى القضايا، ترك الطفلة تتقاذفها الايدي حتى انتهت حياتها بطريقة مأساوية على يد زوج عمتها في منطقة السلام بعد أن استغل براءتها في توزيع السموم المخدرة ووسط وصلة تعذيب استمرت ساعات حتى سقطت جثة هامدة.

الأم البديلة

جاءت «مي. ر» تعمل «كوافيرة» الام البديلة للطفلة الصغيرة الى «أخبار الحوادث» في حالة يرثى لها والدموع تنهمر من عينيها على فقدانها الطفلة التي قامت على تربيتها منذ أن كان عمرها 3  أشهر، قالت في أسى: «قتلوا بنتي اللي أنا مولدتهاش» وكأنها الام الحقيقة.

قالت «مي»: أنها لا تمت بصلة لأسرة الصغيرة؛ فقط تجمعهم المنطقة التي يقيم بها والد الطفلة حيث أنه جار طليقها، وأن الصدفة فقط هي التي ألقت بالصغيرة في طريقها.

واكدت مي؛ أنها مطلقة وأن ابناءها كانوا يترددون علي والدهم في المنطقة التي يقيم بها  والد الطفلة والصدفة أن تكون شقة طليقها بجوار والد الطفلة وأهله، وفي أحد الأيام وجدت نجلها الأكبر يأتي بها اليها، طفلة عمرها أيام قليلة، فسألته عنها وعن الظروف التي ألقت بها امامه، فأجابها بأن الطفلة مأساة تتحرك على قدمين؛ تتنقل بين ايادي الناس وأن والدها محبوس ووالدتها تركتها بعد ولادتها بيوم واحد وهربت ورفضت تحمل مسئوليتها كما أن جدتها وعمتها رفضتا تربيتها ومسئوليتها فتركاها بين ايادي الجيران فمن باب الشفقة عليها أراد نجلها  أن  ينقذها مما هي فيه وهو يعلم أن والدته تعشق الأطفال فقرر أن يتركها معها لحمايتها والحفاظ عليها. 

وذكرت الحاجة مي؛ انها طلبت من نجلها أن يأتي برقم هاتف خالة أبو الطفلة التي أخذها منها وبالفعل اتي بالرقم وسألتها: هل تترك مكة معها ام لا فأجابتها انه لا يوجد أي مشكلة وذكرت لها أن الطفلة لا أحد يهتم بها وأن والدها محبوس ووالدتها تركتها وطفشت بعد حبس الاب وجدتها وعمتها رفضتا تربيتها وأنها هي أيضا لا تقوى على تحمل مسئوليتها ولكن بين الحين والآخر سوف تطمئن عليها من خلال الاتصال بها.  

ومن لحظة تواجدها معها عرفت الجميع من جيرانها بظروف الصغيرة ضحية والديها منذ البداية، وانها من باب الشفقة والرحمة بظروفها قررت أن تتولى أمرها، وذكرت الحاجة مي؛ أن عمرها 36 سنة، أم لشابين أحدهما 18 عاما وتعلم معنى الألم لطفلة تعاني الاهمال بلا أم وأب، وان قلبها ينفطر عليها ألمًا وحزنًا على طفولتها وبراءتها الضائعة وانها لا ذنب لها فيما يحدث لها من والديها، وأن الأيام والشهور تتوالى ولا أحد يسأل عنها سوى خالة الاب المحبوس تليفونيا بين الحين والآخر، وأنها عاشت طوال الثلاث سنوات من بعد توليها رعايتها لا أحد يسأل عنها؛ وفجأة خرج والدها من السجن وطلب عن طريق زوجة خاله رؤية نجلته، وبالتالي لم تمانع الست مي وتركت الطفلة تذهب الى والدها وأنها في هذا اليوم ودعت مكة على اعتبار انها لن تراها مرة أخرى وسوف تكمل حياتها مع والدها. 

لكنها فوجئت بنجلها يعود ومعه مكة ويخبرها وأن والد مكة يوافق على أن تراعي أمه ابنته، واتصل بها الأب واخبرها انه لن يأتمن أحدا على نجلته سواها وانه سوف يتركها معها كي تحافظ عليها، وقدرته على رؤيتها في أي وقت، وأكدت له الأم مي أنها كانت تقيم بالمنطقة التي يعيش بها والد الطفلة قبل انفصالها وان الجميع هناك كانوا يعرفون أخلاقها وحسن سمعتها.  

وذكرت أن والدها كان في بعض الأحيان يرسل لها لكي يرى نجلته وكانت ترسلها له مع نجلها وتقضي الطفلة اليوم معه وتعود مرة أخرى الى أحضانها، كما كانت ترسلها الى عمتها ولكن قلبها يرتجف خوفا عليها، لعدم ارتياحها النفسي لهم. 

وأكدت أن والدته وشقيقته ظل يلحان عليه لكي يأخذها منها وبالفعل أخذها الاب وتركها في رعاية جدتها وعمتها وظلت الطفلة مقيمة معهما لمدة شهرين بعد خروجها من منزل مي الام وأن اخر حوار دار بينها و الطفلة يوم 21 مارس الموافق عيد الام وان الصغيرة طلبت منها أن تشتري لها العروسة التي وعدتها بها وفستان العيد الذي طالما حلمت وتمنت أن ترتديه، لكن يا فرحة ما تمت.

ووعدتها الأم مي بأنها سوف ترسل اليها العروسة والفستان كي تحضر به زفاف ابنة اخت «مي» تلك الأم التي احبتها مثل ولديها.  

ولكن بعد ذلك بأيام استيقظت على خبر مفزع بأن مكة وعمتها حدثت لهما حادثة وراحت مكة ضحية هذا الحادث فلم تستطع السيطرة على اعصابها وتوجهت الى المستشفى وطلبت من الممرضة رؤية نجلتها؛ فأخبرتها الممرضة بأن زوج عمتها أقدم على قتلها بعد ان انهال عليها باللكمات والضرب بالعصى على رأس الصغيرة. 

وأكدت الحاجة مي أنها سمعت قصص كثيرة وروايات بعد مقتل الصغيرة؛ لكن جميعهم من الجيران والمحيطين أكدوا على أن مشادة كلامية حدثت بين عمتها وزوجها «الجاني» وأن زوج عمتها طوال الفترة التي اقامت معهم يتعدى عليها بالضرب إلى ان سقطت الصغيرة جثة هامدة.    

النيابة

كان رجال المباحث ألقوا القبض على «الجاني» وزوجته، وتحرر محضر بالواقعة وتولت النيابة التحقيق وبمواجهة المتهم بما اسفرت عنه التحريات؛ وجهت له تهمة القتل العمد مع سبق الإصرار، وذكرت زوجته في اقوالها؛ انها تشاجرت مع زوجها في هذا اليوم، فغضب وضرب الطفلة ضربًا مبرحًا لدرجة أنه «حدفها على الحائط فارتطم رأس الصغيرة بحرف الكوميدينو وسال دماؤها وسقطت مغشيا عليها»، بعدها توجهوا بها الى المستشفى ولكن كان قد لفظت أنفاسها الأخيرة على باب الاستقبال، طلبت النيابة استدعاء والدة الطفلة لسماع اقوالها حول الواقعة وملابساتها، وحبس المتهم 4 أيام علي ذمة التحقيقات، مع مراعاة التجديد له في الميعاد.  

نقلا من عدد أخبار الحوادث بتاريخ 20/4/2023

أقرأ أيضأ : أوناش المرور ترفع 33 سيارة ودراجة نارية متهالكة بالمحافظات 

 

 

الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة