الأحد، 23 أبريل 2023 - 05:25 م

انتهى شهر رمضان. شهر الخير والبركات، كما عهدناه دائما. لكن الشهر الكريم هذا العام اختلف عن سابقيه، بسبب طوفان الغلاء الذى طال كل شيء، والتضخم المتوحش الذى يعصف بالعالم، من جراء الحرب الروسية الأوكرانية، وحرب العملات، وأزمة الدولار وتوابع التعويم. لكن رغم ذلك، كان رمضان فى مصر، بفضل الله هذا العام، جميلا طيبا مباركا. المساجد والزوايا مكتظة، خاصة فى صلاة الفجر والعشاء والتراويح. والمصريون الطيبون يتسابقون وقت أذان المغرب، بالمشروبات والتمور والطعام، فى الميادين والشوارع والطرقات، لتوزيعها على المارة، ونيل ثواب إفطار صائم. وموائد الرحمن هنا وهناك، تستقبل الصائمين والمحتاجين، فى الأحياء الشعبية أو الراقية حتى إن بعض الموائد الضخمة مثل مائدة الإفطار الجماعى بالمطرية، أصبحت «تريند»، وكانت حديث السوشيال ميديا ووسائل الإعلام العالمية. الأسر والأبناء والأحفاد يتجمعون على الإفطار.

ازدادت العزومات ومعها تعمقت صلة الأرحام بين الإخوة والأخوات والأقارب، ويحلو السهر. إنها أصالة وعبق وثراء تاريخ وتراث مصر، التى تجعلها بلدا عظيما مميزا مختلفا عن كل البلدان. وهو ما لمسه وعبر عنه الرئيس السيسي فى احتفالية التحالف الوطنى للعمل الأهلى والتنموى «كتف فى كتف» باستاد القاهرة الدولي بمشاركة ٦٠ ألف متطوع قبل انطلاق الشهر الكريم، بمناسبة قيامهم بتوزيع ٤ملايين كرتونة مواد غذائية على الأسر المحتاجة. حيث وصف الرئيس هذا العمل الإنسانى بأنه «تأكيد لإرادة الشعب العظيم وإظهاره لقدرته فى تحويل المِحن إلى منح».

إنها مصر بأبنائها المخلصين الطيبين، الذين يظهرون أجمل ما فيهم من مشاعر التعاطف والتراحم والتعاون والتحمل فى الأوقات الصعبة. حدث هذا فى أوقات الحروب. وحدث فى أوقات الأزمات مثل جائحة كورونا وتفشى فيروس سي، حيث شاهدنا تضحيات الفرق الطبية لإنقاذ المصابين. إنها الشهامة والأخلاق الأصيلة والقيم الدينية الراسخة، داخل الإنسان المصري، وتتوارث من جيل إلى جيل كالجينات. وهو ما يجعل كل مصرى قويا صامدا مطمئنا، أمام العواصف والمحن مهما بلغت قسوتها. ما أجمل أخلاق أهل مصر، خاصة فى رمضان. ما أجمل أن نجعل العام كله رمضان، بأن نعظم الأفعال النبيلة مع بعضنا البعض. الغنى يزيد عطاءه، والفقير يلبى احتياجاته، ومصر الجميلة تظل، كما أرادها الله، واحة للأمن والسلام على الدوام.