كرم جبر
كرم جبر


إنها مصر

كرم جبر يكتب: ●ماراثون الحوار الوطني●

كرم جبر

الجمعة، 05 مايو 2023 - 07:31 م

القاعة الجميلة «نفرتيتي» التى حضرنا فيها الجلسة الافتتاحية للحوار الوطنى، احترقت عام 2015 بفعل فاعل تابع للجماعة الارهابية ، وكان مظهرها والقاعات الأخرى يثير الأحزان، وألسنة النار وسحابات الدخان تتصاعد فيها.

تحولت بعد إعادة تجديدها إلى تحفة معمارية جميلة، وعادت إلى الحياة، كما عادت الى البلاد الحياة، بعد أحداث جسام كادت أن تعصف بالوطن .
وما بين «التدمير» و «البناء» رسائل كثيرة حفل بها الحوار الوطنى:

●أولاً●: وماذا بعد؟ الناس ينتظرون نتائج طيبة تنعكس على حل المشاكل ومواجهة التحديات التى تمر بها البلاد، فلا مجال للمزايدات والجدل والصراع، وإنما الالتقاء والتقارب والتفاهم، ومساندة الدولة فى رسم خارطة طريق للمستقبل ، تقدمها للشباب.

●ثانياً●: للمرة الأولى يجتمع هذا الحشد الكبير من سياسيين وحزبيين ومفكرين وفنانين وشخصيات عامة ومواطنين، والكل يحدوه الأمل أن يكون حواراً للخير، والالتفاف حول أهداف تصب فى مصلحة الناس والبلاد .

●ثالثاً●: الأجواء مطمئنة ومشجعة ليتحدث الجميع دون قيود، فلا خطوط حمراء، إلا الاقتراب من الدستور أو إشراك الجماعة الإرهابية وعناصرها الإجرامية فى الحوار، لانها لا تؤمن به وتستبدله بالعنف والسلاح . 

●رابعاً●: المبررات قوية ومقنعة لعدم الخوض فى ملفات ثلاثة وهى السياسة الخارجية للدولة والأمن القومى والقوات المسلحة، وهذا لا يعنى المنع وإنما التروى والهدوء، فى ظروف بالغة الصعوبة محلياً وإقليمياً ودولياً.

●خامساً●: المسار الآمن للتوصيات والقرارات الصادرة عن الحوار، هو إرسالها لرئيس الجمهورية لإقرار ما يراه بشأنها، والثقة كبيرة فى وضعها حيز التنفيذ، فهو صاحب الدعوة والمتابع لكل أعمال المؤتمر.

أما بشأن المحاور والملفات المطروحة فى الجلسات القادمة فلم تترك شأناً إلا وتناولته، وتحتاج التسلح بالوعى والحوار والتقارب، والبعد تماماً عن كل أسباب الخلاف، الحوار وليس الشجار، التفاهم وليس التباعد.

فى قضية مثل التعليم التى تهم كل أسرة مصرية، يجب فهم أبعاد المشكلة والإمكانيات المتاحة، فمن السهل أن يطالب البعض بنظام تعليمى مثل الدول المتقدمة، دون الوضع فى الاعتبار أن ذلك يحتاج عشرات الآلاف من الفصول، وتكلفة بناء الفصل الواحد دون تشغيله تتجاوز نصف مليار جنيه، فمن أين مئات المليارات؟.

وفى قضية مثل التضخم والأسعار، وهى فى صدارة الملف الاقتصادى، يجب أن تقترب الاقتراحات من حلول واقعية، بعد مراجعة كل المعلومات والبيانات والإجراءات التى اتخذتها الحكومة فى هذا الشأن، لتخرج القرارات بواقعية وليس من فراغ.

وكل القضايا الأخرى تحتاج حواراً ونقاشاً، دون أن يظن فريق أنه محتكر للصحيح، ودون وضع الحكومة فى جانب والخبراء فى جانب آخر، فالاثنان فى نفس المركب، والهدف واحد هو المصالح العليا للبلاد. 

أمامنا صيف ساخن جداً، واجتماعات تستمر ثلاثة أيام فى الأسبوع، وجلسات علنية على الهواء ويحضرها أصحاب الحوار ووسائل الإعلام، والناس يشاهدون ويتابعون، ويزداد شغفهم كلما كانت المناقشات مثمرة وبناءة، وتقدم نموذجاً محترما. 

البدايات تبشر بالخير، والرغبات طيبة للوصول بالحوار إلى بر الأمان، لجنى ثمار ينتظرها الجميع، فى ماراثون ديمقراطى طويل لم تشهده البلاد من قبل، وكانت نقطة الانطلاق فى قاعة «نفرتيتى» للمؤتمرات فى مدينة نصر يوم الخميس الماضى.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة