د. سارة الذهبى
د. سارة الذهبى


يوميات الأخبار

الزواج الناجح بين الحقيقة و السراب

الأخبار

السبت، 13 مايو 2023 - 06:57 م

«أشيل على ظهرى جبل بالحب، ولا حبة رمل غصب».. بالحب والكلمة الطيبة الناس ممكن تتجاوز وتعدّى وتستحمل مصاعب كتير

هل الزواج الناجح فى هذا الزمن سراب؟ 

هل هو وهم جيل كامل بيجرى وراه ويلهث للوصول اليه لكنه خرافى؟ 

بسبب كثرة الخلافات بين المتزوجين فى هذا الزمان وانتشار الانفصال سواء الرسمى أو العاطفى بينهم وعدد القضايا اللا متناهى فى محاكم الأسرة سألت نفسى كتير هو خلاص كده؟ دى صورة الزواج دلوقتى؟ خلافات وندّية وصراع يخالطهم قليل من الحب؛ حتى ولو كان الحب جارفا فى بداية الزواج مش بيقدر يصمد أمام هذا القدر من المشاكل والخلافات والصراعات بل أحيانًا بيتحول لعداوة وكراهية ورغبة فى الانتقام ! 

هل فعلًا لسه فى زواج ناجح؟ 

الاجابة : أيوه لسه فى زواج ناجح الحمد لله ولكن الموضوع فعلًا كبير ومش سهل وبيبدأ نجاحه من بدرى أوى..

لما الزواج بيتم بين «أطفال» بينهار.. ولا أقصد بالأطفال هنا عمرهم الحقيقى فى البطاقة ولكن عمرهم فكرياً وسلوكياً؛ شباب غير متحمل للمسئولية، اعتمادى مثل الأطفال، تفكيره غير ناضج وغير مكتمل..

بيعتبر الجواز تجربة جديدة مُبهرة بيُقدم عليها بكل حماس، محركهم الأساسى مشاعرهم فقط، لكن لما بيتصدموا بالواقع واختلاف الطباع وتتابع المسئوليات بيقرروا يهربوا ويرجعوا لحياتهم السابقة بأى طريقة ممكنة حتى لو الجواز هينتهى بقضايا فى المحاكم.. حتى لو حياة الطرف التانى هتتدمر لأنه شخص أنانى وطفولى من جواه.. بيزهق من اللعبة فا بيرميها للأسف..

أهم عنصر فى الجواز الناجح هو فهم المعنى الأصيل للجواز.. انه مودة ورحمة واحترام، محتاج بذل مجهود كبير وتغاضى عن ذلات أكتر، محتاج طولة بال وسعة صدر ومرونة فى التعامل وقدرة على التكيف والتغيير..

وأحيانًا بيحتاج لتغيير جذرى فى شخصية الانسان..

لازم الأهالى ترّبى ولادها ان الزواج مسئولية مش وقت ما يحب طرف ينهيها ويجرى ينسحب واللى يحصل يحصل! 

عارفين أهم سبب لانهيار بيوت كتير دلوقتى ايه؟ ان مفيش رؤية واضحة.. فيه خلط كبير لأدوار الست والراجل.

بعض الستات تعبانة من دورها كأم وكزوجة حتى لوفى سُبل كتير متوفرة لراحتها بس هى مش قادرة تتحمل مسئولياتها كأم.. وفى رجالة كتير مش قادرين على دورهم كأب وكزوج.. طول الوقت بيضغطوا على الستات لأنهم بيقوموا بدورهم؟! 

كل طرف بقى بيشيّل الطرف التانى جمِيلة انه بيقوم بدوره! 

لأن محدش فيهم اترّبى ان الجواز مسئولية وان الحياة الزوجية فيها أدوار، ممكن نساعد بعض فى تأديتها لكن مينفعش نذل بعض عشان بنعملها ولا نستنى مقابل على كل حاجة بنقدمها ! 

البيوت بتنهار من كُتر الشكوى واللوم وتبادل التهم..

قبل ما تشتكى ان زوجتك مُقصرة معاك.. هل اتكلمت معاها عشان تعرف هل انت مقُصر معاها ولا لأ؟ عشان تعرف هل ده احساسك لوحدك ولا احساس متبادل؟ 

قبل ما تشتكى من اهمال جوزك وعصبيته وانعزاله عنك.. هل واجهتيه وعرفتى منه لوعنده أسباب وصلته لكده؟ 

مشكلة كل الزيجات الآيلة للسقوط ان مفيش اتصال بين الزوج والزوجة، كل واحد عنده أفكار معينة بيغذى بيها عقله وبيضخمها كل يوم وبيتصرف على أساسها بدون مواجهة الطرف الآخر أوالتواصل معاه رغبة فى ايجاد الحل مش رغبة فى الاساءة وتبادل التُهم..

ومفيش اتصال معناها بالتبعية انعدام التقّبل.. فقد الرغبة فى التغيير.. تشبث كل طرف برأيه وبشخصيته وايجاد مبررات لكل تصرف غلط بدل الاعتذار وتصحيح السلوك الخاطئ..

فى ناس كتيرة فاهمة انى كسبت الجولة لما شريك حياتى يسكت، لما بحرجه فى الكلام وأنتصر عليه، أغلّطه عشان أكسب نقطة، وده عمره ما كان جواز، هدفنا مش الانتصار فى معركة ولا انى أكسف اللى قدامى وأجيب مناخيره الأرض! 

كل اللى بيتعامل مع الجواز كده يا فشل فى جوازه يا فى طريقه للفشل..

هعرض عليكم احتياجات الزوج والزوجة من بعض عشان الجوازة تنجح وتقدر تصمد قدام مشاكل الحياة :

الراجل محتاج فى بيته يحس بالانجاز وان البيت من غيره ناقصه كتير خصوصا لو هو فعلا موجود وبيحاول يساعد قد ما بيقدر.. والست الذكية لما بتُشبع الشعور ده جوه جوزها بتلاقى منه مساندة ومشاركة فى كل التفاصيل، بعكس الستات اللى دايما بتحبط وتقطّم والشعور ده بيخلى الراجل يرجع مليون خطوة لورا ويختفى تماماً من المشهد طالما وجوده زى عدمه. 

والست بتحتاج تحس من جوزها انها رمانة ميزان البيت، لو اختفت ساعة حياتهم بتتشقلب.. والقصد من كلامى ان يوصلها الاحساس بأهميتها لكل فرد فى الأسرة مش اننا نُثقل عليها بالمهام لو خرجت ساعة ورجعت.. الست هى عصب البيت ولو الزوج غذّى فيها الشعور ده مش هتشتكى كل شوية من المسئوليات اللى عليها 

ابتعدوا عن النقد اللاذع.. لا الست بتحب زوج قاعدلها على الواحدة ولا الراجل بيطيق حد أياً ما كان يظهر عيوبه حتى لو كانت فيه.. النقد سبب هدم أساسى لزيجات ناجحة مقدرتش تصمد قدامه كتير..

نهتم بالتقدير والاطراء والكلام الحلو.. فى مقولة مُعبرة جدًا «أشيل على ظهرى جبل بالحب، ولا حبة رمل غصب».. بالحب والكلمة الطيبة الناس ممكن تتجاوز وتعدّى وتستحمل مصاعب كتير. 

الراجل بشكل خاص بيحتاج يحس «بالاستقلالية».. الزوجة الشاطرة هى اللى تدّى مساحة خاصة لجوزها عشان يحس انه مُستقل نوعًا ما رغم انه مرتبط ومتجوز.. الشعور ده مهم جدا عند الرجالة وبيعيد شحن طاقتهم.. يعنى خروجه ليه مع صحابه ممكن تغير مزاجه خالص وده مش معناه انه كاره البيت ولكن شعوره بالاستقلالية المؤقتة وانه رجع زى أيام زمان بينعكس على علاقته بيكى بعد كده.. انا سامعة الستات بتقول واحنا كمان محتاجين جداً للشعور ده، وطبعًا كلامكم صح، الست كمان من حقها تفصل عن المسئوليات شوية..  تشدّ الفيشة.. تروح صالون تهتم بنفسها.. تخرج مع صحباتها.. تروح سينما.. والست لما بتقدم الشعور ده للراجل بالتبعية الراجل بيساعدها عشان تحس بالشعور ده زيه.. هتلاقى الزوج ساعتها قعد بالولاد فى البيت، تولى مسئولياتهم.. الموضوع كله رايح جاى.

من أهم احتياجات الستات «الاهتمام» وده احتياج مهم عند الستات بالذات زى ما الاستقلالية كانت مهمة عند الراجل بالذات رغم أهميته للطرفين.. الاهمال هو سرطان العلاقات، لواهتميت بكلام زوجتك وشاركتها تفاصيلها البسيطة هتشوف حياتكم هتتحول للأحسن ازاى.

عشان تنجحوا فى جوازتكم لازم كل فترة تقعدوا سوا وتقيموا علاقتكم ببعض.. من غير زعل كل واحد يقول ايه اللى ناقصه ومحتاجه بكل صراحة وبدون تجريح أومقارنات.. ولازم تعددوا مميزات كل طرف فى نفس الجلسة ولو فى مواقف استثنائية قربتكم من بعض لازم تتناقشوا فيها عشان تتكرر.. الهدف من النقاشات دى انجاح العلاقة مش توجيه أصابع الاتهام وبتعلمكم طريقة راقية فى الحوار هتكتسبوها مع الأيام.

زواج ناجح يعنى بيت هادئ.. والبيت الهادئ مش معناه خلوه من المشاكل ولكنه البيت المقفول على أهله. لوعايز بيتك يتخرب - لا قدر الله- خرّج تفاصيله وأسراره ومشاكله، حتى لو نيتك طيبة بس التدّخل حتى من الأهل فى أوقات كتيرة بيخرب العلاقات حتى لو مش هيخرب البيت.. طول ما الخلافات بين أربع حيطان بيتكم ان شاء الله هتتحل حتى لو طال الوقت لكن التدّخل بيزود مشاكل تانية فوق مشاكلكم الأساسية.

تخيلوا ان فى سر بسيط جدًا للجواز الناجح هو «الابتسامة».. الابتسامة من القلب بتدى احساس بالراحة والحب والتقبل والأمان.. اذا كان تبسمك فى وجه الأغراب صدقة فا ليه نستخسرها فى أهل بيتنا؟! 

التغاضى بيصنع المعجزات.. تجاوزوا عن الصغائر.. افتكروا لبعض الحلو قبل الوحش.. عدّوا اللى ينفع يتعدّى.. خلوا العتاب لحاجة تستاهل.. والزعل مش عمّال على بطال.. النكد لما بيدخل البيت مش بيفارقه.

وأخيرًا حتى لو معانا كتالوج واضح لنجاح الحياة الزوجية فا عمرنا ما هننجح لو معندناش النية.. لو كل واحد عايز يثبت انه صح وبس.. لو مسمعناش لشريك حياتنا وحاولنا نوصل لحلول وسط ترضى جميع الأطراف.. الجواز الناجح مش سراب، هو مشروع حياة محتاج جهد وتعب وعطاء وتسامح وتفّهم.. محتاج ان كل طرف يشتغل على نفسه كتير عشان يعيش فى علاقة تسعده وهو راض عنها..

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة