آمال عثمان
آمال عثمان


أوراق شخصية

مهمة انتهازية!

آمال عثمان

الجمعة، 19 مايو 2023 - 07:40 م

فى زمن تسوده الرداءة والاستسهال، تُستبعد القيم من الاعتبار، وتصبح الكلمة العليا للمال والثروة، لا قيمة للأهمية العلمية مادامت غير مربحة، ولا التزام أخلاقياً أمام زيادة الأرباح، إنما تُختزل الحياة فى حسابات ومصالح شخصية، لتتزايد موجات الفساد والإفساد فى المجتمع.

عايشتُ الأيام الماضية قصصاً تعكس ما وصل إليه المجتمع من انتهازية، وسلوك غير أخلاقى، إحداها تتعلق بزوجة صديق إعلامى، وقعت فريسة تحت أنياب أطباء معدومى الضمير، من أشباه المتعلمين الذين يسيطر عليهم الاستسهال والرداءة، لا يهتمون سوى بالمكسب السريع والمصالح، ولا قيمة للعلم وشرف المهنة، أمام تحقيق ثروات من وراء العبث بحياة البشر!! 

حينما وجد الزوج نفسه أمام شكوى الزوجة، ذهب إلى استشارى بمعهد القلب، أوحى له بخطورة الحالة، وطلب منه حقنة كل3 شهور بمبلغ 39 ألف جنيه، يوفرها «ديليفرى» إلى باب المنزل!!

ورجع إلى طبيبة أخرى بالمعهد، طلبت الذهاب إلى مستشفى استثمارى معين، لإجراء «قسطرة» قلبية على وجه السرعة، ولأن الأعراض لا تتناسب مع حالة الهلع التى أبداها الأطباء، اقترحتُ عليه عرض الأمر على استشارى قلب كبير، أثق تماماً فى كفاءته وأمانته العلمية، لنكتشف أن الحقنة التى قيمتها عدة آلاف من الجنيهات، لا تستخدم إلا فى حالات وراثية معينة، وأرقام «كوليسترول» مرتفعة جداً، وطلب أولاً إجراء أشعة مقطعية على القلب، لكن أمام إلحاح الأطباء الآخرين، استسلم الزميل خوفاً من الشك، وبعد15 دقيقة خرج الأطباء من غرفة العمليات، مؤكدين سلامة القلب والشرايين، ليسدد آلاف الجنيهات للمستشفى والأطباء، والغريب أنها ليست المرة الأولى التى يتعرض فيها الزميل لمثل تلك الخدع الطبية، التى تدل على جهل أو انتهازية وفساد!! 

إن الطب مهنة إنسانية سامية لها شرفها، ولا يليق أن تسقط فى فخ الطمع والانتهازية، ندرك ضغوطها ومتاعبها، لكن ذلك لا يبرر استغلال المريض فى فحصوات وهمية، فى مختبرات بعينها، ورفع قيمة الكشف دونما مراعاة لآلام البشر، وتقاسم الأرباح مع مندوبى الأدوية، والحصول على رحلات تحت مسمى المؤتمرات الطبية، والترويج لمستشفيات حفاظاً على مصالح مالكيها، وتشجيع المرضى على جراحات لا يحتاجونها، بما فيها عمليات التجميل والسمنة، والقيصرية التى صارت تجارة رائجة ومربحة.. إن الطبيب يا سادة لا يمكن أن يصبح عالماً قبل أن يكون إنساناً.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة