هالة العيسوى
هالة العيسوى


من وراء النافذة

ثقافة الاعتذار.. والخط الأحمر!

هالة العيسوي

الأربعاء، 24 مايو 2023 - 07:45 م

قديمًا علمونا حكمة  ذهبية؛ «تعرف أخلاق صاحبك عند الغضب والخلاف، لا عند السرور والمجاملات». لم أكن متابعة حين ضجت وسائل التواصل الاجتماعى بالحملة الغاضبة على الفنانة سماح أنور لأنها أهانت الشعب المصري.  فوجئت بحجم الحملة الشرسة عليها، ولم أكن أعرف أسبابها. لم استغرب فهذه ليست المرة الأولى التى تثير فيها الجدل بتصريحاتها، مرة عن  عدم مبالاتها بفرض الحجاب من عدمه، وأخرى عن عدم تناولها الماء لمدة 17 سنة.  لكن هذه المرة المسألة ليست محل جدال، لكنها غضب عارم وتعليقات ساخنة عليها. قادنى الفضول للبحث طويلًا حتى وجدت الفيديو منقولًا على حسابات كثيرة تشارك الفيديو الأصلى على منصة يوتيوب  وترد على الفنانة، رغم أنها رفعته بعد بثه حيًا بأيام قليلة. 

فى الحقيقة صعقت من الأوصاف والبذاءات التى جاءت بها، ولم أتصور أبدًا انها تنزلق إلى هذا الدرك الأسفل. كان انفعالها واضحًا، لكنها لم تفصح عن دوافعها لهذا الهجوم القبيح والألفاظ التى تنم عن تعالٍ ممجوج،  واحتقار للشعب الذى يفترض أنها تنتمى إليه والذى وضعها فى المكانة التى هى عليها الآن.
لا أدرى سببًا لانتشار نغمة التعالى على الشعب المصرى وازدرائه التى بدأت تنتشر  بين  بعض  المنتسبين لمهنة تتسم بالفن، والإبداع الذى يرتقى بخلق المرء ويسمو بروحه. صحيح أن الفنون جنون، كما يقولون، لكن ليس إلى هذا الحد المنحط. هل هان المصريون إلى هذا الحد على بنى جلدتهم؟

لم أستطع التعاطف معها حتى بعد أن عرفت أسباب انفعالها التى دفعتها إلى هذا الانفجار المسموم، ولا إيجاد العذر لها، وبصراحة لم أشفق عليها من سياط تعليقات الناس.

لن أناقش ما جاء فى فيديو السيدة سماح، فقد شاهدت من ردود المواطنين ما كفّى ووفّى. لكن ما أثار دهشتى هو الحملة الإعلامية والصحفية التى بدأت تروج لاعتذارها «رسميًا» للشعب المصرى بعد أسبوع كامل من فيديو النفايات الذى أطلقته. وهو ما دفعنى للبحث عن فيديو الاعتذار لأجدها وقد احتمت بنقيبها الفنان أشرف زكى نقيب المهن التمثيلية الذى يبدو أنه صاحب فكرة هذا الفيديو  بدليل تسجيله داخل مسرح النقابة وقد جلست بجوار النقيب ليؤازرها أو ليدفعها دفعًا لتسجيل الاعتذار، كمخرج لها من الملاحقات القانونية التى تنتظرها ولتخفيف حدة الغضب الشعبى عليها. وكانت المفاجأة أن السيدة أخذتها العزة بالإثم، وكبر عليها أن تنطق صراحة بأى لفظ  يوحى بالشعور بالذنب، أو انها تمتلك شذرة واحدة من ثقافة الاعتذار،  إنما جاء معظم كلامها شكرًا لنقيبها الذى وقف معها فى محنتها، أما عن توضيح  موقفها فقد جاء مقتضبًا فاترًا خاليًا من الصدق، ومع أنها ممثلة مخضرمة، إلا أنها أدت هذا المشهد  برداءة كأقل مبتدئ فى كلمتين ورد غطاهم، بأن  مشكلة شخصية أغضبتها، وأن كلامها أسىء فهمه، وأخيرًا أن الشعب المصرى خط أحمر.. يا سلااام!!
فكيف تجرأت إذن عليه وتجاوزت كل الخطوط الحمراء؟ 

أظن أن الفنانة قامرت فى لحظة غضبها برصيدها المحدود عند جمهورها، وهو درس لها ولكل فنان تبهره الأضواء وتزيف له مقامه، أن يحفظ مركزه ولا يتطاول على تاج رأسه الشعب المصري.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة