د. محمود عطية
د. محمود عطية


يوميات الأخبار

أهمية أن نتحاور يا ناس..!

الأخبار

الخميس، 08 يونيو 2023 - 05:51 م

يكتبها اليوم : د. محمود عطية

«ولندرك جيدًا فضيلة الأزمات وأنها فرص متخفية للحوار!»

الجمعة :

البحث عن المعنى

لم يجد الطبيب النمساوى فيكتور فرانكل (1905-1997) نصيحة لمريضه المرهق نفسيا المتبرم من كل شىء سوى الانتحار.. ذهل المريض من محاولة دفعه للانتحار بهذه النصيحة.. فاستطرد الطبيب قائلا: حياتك كما شرحتها لى بائسة مزعجة فى بيتك وحتى فى عملك لست مرتاحا وتشكو من سوء المواصلات والغلاء ومن زيادة وزنك التى لا تريد التحكم فيها وناديك المفضل يهزم دومًا.. يعنى حياتك كرب بلا معنى ولا هدف.. صدقنى عليك بالانتحار للهروب من كل ذلك!!.. لكن المريض استوقفه قائلا: لكن لدى ولدين صغيرين أحبهما ولا أستطيع مفارقتهما.. بادره الطبيب سريعا: يعنى لن تستطيع الانتحار من أجل ابنيك وتتحمل كل بؤس حياتك من أجلهما.. قال المريض نعم.. التقط الطبيب الفكرة وقال: إذن عليك بالتحمل من أجلهما أليس ذلك هدفا جميلا لحياتك تتحمل من أجله كل الصعوبات ومعنى نبيلا تعيش من أجله.. بدأ المريض المتبرم يرى هدفًا ومعنى لحياته كان غائمًا بداخله وأصبح يراه جليًا واضحًا.
الحوار السابق كان بداية لما يسمى «العلاج بالمعنى»..

وأصبح أخصائيو العلاج النفسى يؤكدون أن صحة الإنسان النفسية والعقلية تختل لو فقد معنى وهدفا لحياته ولن يمكنه الاستمرار فى الحياة بدونهما.. وحتى تختبر مناعتك النفسية وقوتها، عليك بالتوقف وتسأل نفسك: هل هناك معنى وهدفٌ فى حياتى أسعى لتحقيقه؟!..إجابة السؤال السابق بالإيجاب أو السلب مؤشر على مدى صحتك النفسية والعقلية.. ومَن لا يجد معنى لحياته ولا هدفًا فسوف يصبح فريسة سهلة للمرض العقلى والنفسى.. والهدف لحياتنا لا يحتاج لكثيرٍ من الفلسفة، لأنك ربما تعيش لتحقيق هدف النجاح والحصول على شهادة.. وهذا فى حدِّ ذاته هدف ومعنى.. وهذه تعيشُ لتربية أولادها ولتراهم ناجحين.. ومَن تعيش من أجل بيتها وأسرتها.. وغير ذلك من المعانى والأهداف.. وبالضرورة يتجدد المعنى حين يتحقق الهدف المطلوب.. ودائمًا الأمل ما يصاحب المعنى فى تحقيق ما نكافح من أجله.. والأمل هو الذى يمد حياتنا بالأكسجين لاستمرار الحياة فينا.. الأملُ فى اليوم والغد وفى تحقيق ذواتنا، وهو ما يجعلنا نبتلع الحياة بكل ما فيها ونرضى عنها، ويلون حياتنا بالبهجة، ويشغل أيامنا ويثرى حياتنا.. الأملُ هو السر فى أهم إبداعاتنا وابتكاراتنا الإنسانية للتغلب على قسوة وتقلبات الحياة.. فالإنسان لا بد أن يناضل ويكابد الحياة ليسترد ذاته ووعيه وأمله وتفاؤله ويستعيد إنسانيته وهذا ما أكده خالق الكون (لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِى كَبَدٍ).. وقدرة الإنسان تتجلى فى قدرته على مواجهة اختبارات الحياة كما أوردها القرآن الكريم (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ) وهكذا نفهم الحياة اختبار ومكابدة.. ولولا الحوار السابق ما عرف الإنسان أهمية المعنى والهدف من حياتنا.. وهنا نردد أهمية أن نتحاور يا ناس..!

الأحد:

فرصة متخفية

«الأزمات ليست إلا فرصا متخفية».. تذكرت هذه المقولة وسط الأزمات الطاحنة التى تلاحقنا بلا رحمة.. أحداث يصعب استيعابها على أكثرنا رزانة وتعقلا.. ومحاولة فهمها ساخنة محاولة لا ترشدنا على من نطلق الرصاص؟.. الأكيد ما نمر به لابد أن ننظر إليه على أنه فرصة جاءت متخفية فرصة لمراجعة أنفسنا.. فرصة للحوار الجاد للخروج من ضبابية المشهد المربك علينا.. نريد اغتنام الفرصة لإجراء حوار حقيقى.. حوار بمعنى الإصغاء الجاد للآخر لفهمه وليس للرد عليه.. حوار يولد أفكارا جديدة تنتشلنا من بؤس أفكارنا القديمة.. حوار يتنازل فيه طواعية كل طرف عن بعض قناعته لصالح الآخر.. قناعتنا أحيانا سبب فى خلافاتنا.. لماذا لا ندرك أن القناعات قابلة للتغيير فلا شىء ثابت.. ولا شيء صحيح أو خطأ مائة فى المائة..!

الحوار لا يعنى التبرير وجر الطرف الآخر ليقبل قناعتنا.. الحوار محاولة لتقريب وجهات النظر وتبنى بعض قناعات الآخرين لأنها تجاربهم.. ونتخلى عن بعض قناعاتنا لفهم تجاربهم.. ونتخلى ولو قليلا عن عناد ولدادة حوارنا.. الحوار ليس محاولة إظهار أخطاء الطرف الآخر.. وإثبات أننا نمتلك الحقيقة التى لا يأتيها الباطل من أى جانب.. فرصتنا الأخيرة فى الأزمات الحالية فى الحوار الوطنى المسئول الممنهج البناء.. أظن ذلك يساعدنا للوصول إلى الحقيقة التى نهرب منها جميعا ونختبئ منها وراء قناعتنا التى لقنت لنا صغارا وظننا أنها صالحة لكل زمان ومكان.. وفاتتنا خبرات الآخرين.. ولندرك جيدا فضيلة الأزمات وأنها فرص متخفية للحوار..!

الثلاثاء :

حياتك أفضل

ننبهر كثيرا بحياة الفنانين بما فيها من شهرةٍ عريضةٍ ومالٍ.. ويحيط بهم المعجبون دائمًا ويتمنون الاقتراب منهم.. وتتصدر صورهم متأنقين بألوان ملابسهم الزاهية البراقة وابتساماتهم العريضة ووجوههم اللامعة.. فيحسبون أن حياة هؤلاء المشاهير مليئة بالمتع السحرية التى لم تخطر على بال البشر العاديين.. وللأسف فات على هؤلاء المتمنين أن يراجعوا العديد من الدراسات والحكايات التى تثبت أن حياة النجوم مليئة بالمآسى والفواجع وأغلبهم يعانون من الإحساس بالعزلة وعدم تقدير الذات وغالبًا يصابون بالاكتئاب، وتؤكد ذلك النهايات التعسة للعديد منهم التى صنعت بأيديهم وتركت وراءها علامات استفهام لم نجد لها تفسيرًا حتى اليوم، مثل: حادثة انتحار الفنانة سعاد حسني، وحادثة مقتل الأميرة ديانا.. وعندنا العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ الذى لم يحظ مطرب بشهرته وعدد معجبيه حتى بات أسطورة للحب والغرام.. ومع ذلك عاش حياة قصيرة نسبيًّا محرومًا من معظم متع الحياة: من الزواج، وأنواع عديدة من الطعام بسبب مرضه.. وعاش يسعد الملايين وسط أحزانه التى كانت سببًا فى وفاته عام 1977 عن عمر يناهز 47 عامًا وحوله أشهر أطباء العالم يحاولون إنقاذه دون جدوى.

والملحن المجدد خفيف الظل العاشق للحياة ومحيى الأمل للجميع محمد فوزى أصيب بمرض نادر وهو فى أوج شهرته وحار الأطباء فى علاجه حتى فقد وزنه الذى وصل إلى 42 كيلو، وأطلق الطبيب الألمانى على مرضه مرض محمد فوزي، وتوفى فى الأربعينيات من عمره.. والفنان المميز رياض القصبجى الذى بنى الفنان الكبير إسماعيل ياسين شهرته على وجوده فى أفلامه قد لفظ أنفاسه الأخيرة وأسرته لم تجد ما يغطى تكاليف جنازته وظل جسده مسجى أيامًا ينتظر تكاليف جنازته.. وقصص كثيرة مؤسفة لأكثر الناس شهرة ومالًا..! فلا الشهرة ولا النجومية ولا المال جلب لهم السعادة والطمأنينة ومنع عنهم المرض.. إنه قانون الحياة، لا شيء بلا مقابل، عليك دائمًا دفع الثمن.

اقنع بحياتك أيًّا كانت.. وابحث فى نفسك تجد كل شيء عندك.. السعادة ستجدها داخلك، وتجدها بالرضا بالمقسوم والتأقلم معه.. وانس أن النجوم هم وحدهم من استأثروا بمباهج الحياة فالفاتورة التى يدفعونها باهظة الثمن.. أخيرًا صدقني: حياتك أفضل.

الخميس :

جماعة داعشية أمريكية

جماعة «كوكلوس كلان» إحدى الجماعات العنصرية التى نشأت بعد انتهاء الحرب الأهلية الأمريكية التى جرت بين الشمال والجنوب (1861-1865) بسبب الخلاف حول مشروعية العبودية.. 

ومن المعروف أن العبيد فى أمريكا كانوا يعاملون بمنتهى القسوة وعدم الرحمة.. فبعد الحرب الأهلية ظهر العديد من المنظمات التى تدعو إلى مواجهة المد الكاثوليكى القادم من أوربا مثل: «جمعية حماية أمريكا» التى تنادى بالوقوف فى وجه الهجرة المتزايدة من الكاثوليك القادمين من النمسا وإيطاليا وألمانيا..
 ولهذه الجماعة زى خاص عبارة عن ملابس بيضاء طويلة ويغطون وجوههم بأقنعة بيضاء لا يظهر منها سوى العين ولها شعار شهير وهو الصليب المحترق.. 

ويرى بعض المحللين أنهم متأثرون بـ«جماعة فرسان مالطا» ذات الطابع الأسطورى الغامض، وتعنى بالإغريقية «الدائرة»، مشكلتهم أنهم مزعجون قليلًا، يهوون الضجيج، ويشعرون بلذة عارمة حين يجوبون شوارع المدينة ليلًا متنكرين متخفين وراء أقنعة، ويجدون أنه من المدهش أن تصرفات صبيانية كهذه تثير هلع العامة، سيما فى صفوف العبيد المتناثرين فى أرجاء المدينة.

من أساليب تلك الجمعيات بث الشائعات للعمل على إثارة الناس وتهييجهم ضد الكاثوليك منها (أن البابا يطالب بحرق كل منزل ليس كاثوليكيا).. لتخويف الناس من الكاثوليك الذين يتبعون البابا وبتصديق تلك الشائعة يكون العنف ضدهم وقتل وحرق منازلهم مبررًا وما هو إلا دفاع عن النفس وعن الوجود.. فقتلوا العديد من الأشخاص وحرقوا المنازل وبثوا الرعب فى نفوس الكثيرين.

وجماعة «كوكلوس كلان» يؤمنون بتفوق الجنس الأبيض على باقى الأعراق وأن معتقدهم أفضل المعتقدات ويحملون مشاعر العداء للسود واليهود والكاثوليك والمدافعين عن الحقوق المدنية وغيرهم.. والحكومة الأمريكية قامت بعدة حملات على هذه الجماعات وجماعة «كلوكلوس كلان» تحديدا وبدأ نشاط تلك الجماعات ينحسر..

لكن لايزال لهذه الجماعة وجود فى أمريكا أى نعم وجود ضعيف لكن يشكل خطرا على كل المكتسبات المدنية وحقوق الإنسان.. والخطورة فى أنها تمارس وجودا فكريا بعيدا عن الأساليب المادية القديمة.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة